تعثرت جهود شركة آبل لتطوير جهاز المودم الداعم لشبكات الجيل الخامس بسبب المشكلات الناتجة عن استخفافها بالتعقيدات والتحديات التقنية للمهمة، والافتقار إلى القيادة العالمية لتوجيه مجموعات التطوير المنعزلة في الولايات المتحدة وخارجها.
ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، أنفقت آبل مليارات الدولارات على المشروع، الذي تأخر لأسباب متعددة، بدءًا من التحديات التقنية المتوقعة وحتى المشكلات الإدارية غير المتوقعة.
وقال سيرج ويلينجر، المدير التنفيذي السابق في شركة كوالكوم: “تشير هذه التأخيرات إلى أن آبل لم تتوقع مدى تعقيد الجهود. المجال الخلوي صعب جدًا”.
في حين قال جايديب رانادي، مدير الاتصالات اللاسلكية السابق في شركة آبل: “من السخافة الاعتقاد بأنه يمكن لآبل بناء جهاز المودم لمجرد ظنها أنها تصنع أفضل شرائح السيليكون على هذا الكوكب”. ولم يشارك ويلينجر ولا رانادي في المشروع الذي بدأ في عام 2018 ويحمل الاسم الرمزي Sinope.
ورفعت شركتا آبل وكوالكوم في عام 2017 دعاوى قضائية ضد بعضهما بعضًا بسبب خلافات متعددة، وحصلت في عام 2019 تسوية لهذه الخلافات.
وفي ذلك الوقت، كان المسؤولون التنفيذيون في شركة آبل منقسمين حول إذا كانوا يتعاونون مع إنتل، أو يصممون الشريحة بأنفسهم.
ويقال إن روبن كاباليرو، الذي كان حينها رئيسًا لقسم الاتصالات اللاسلكية في شركة آبل منذ فترة طويلة، أراد الانضمام إلى إنتل، ومع ذلك، اختلف جوني سروجي، نائب الرئيس الأول لتقنيات الأجهزة، مع هذا الرأي وأراد أن تبني آبل جهاز المودم لوحدها.
وغادر كاباليرو في عام 2019 ووضع الكثير من فريقه تحت قيادة سروجي، في حين نقل الآخرون إلى مجموعة هندسة الأجهزة المنفصلة للعمل على القضايا ذات الصلة، مثل تصميم الهوائي.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، أصبح هذا التقسيم للعمل الهندسي مشكلة، حيث إن واحدًا من كبار المديرين في فريق سروجي ليس لديه خلفية في مجال التكنولوجيا اللاسلكية.
وأشار مهندسون سابقون في المشروع إلى أن مديرين تنفيذيين آخرين في شركة آبل كانوا يفتقرون إلى الخبرة في مجال الاتصالات اللاسلكية، وبالتالي يضعون مواعيد نهائية ضيقة وغير واقعية، واستمر الوضع كذلك حتى أواخر عام 2022 عندما بدأت آبل باختبار النماذج الأولية.
وكان جهاز المودم الداعم لشبكات الجيل الخامس سيئًا بما يكفي لجعل سرعات آيفون اللاسلكية أبطأ من أندرويد. وتشير التقديرات إلى تأخر جهاز مودم آبل ثلاث سنوات عن جهاز مودم كوالكوم.
واكتشفت الشركة أن بناء جهاز مودم لاسلكي داعم لشبكات الجيل الخامس ويعمل مع عدد كبير جدًا من الترددات اللاسلكية لشبكات الجيل الثاني والثالث والرابع المستخدمة في جميع أنحاء العالم أصعب مما كانت تتوقع.
ووجدت آبل أن توظيف آلاف المهندسين لم يكن كافيًا لإنتاج شريحة المودم الرائدة، حيث كانت هذه الإستراتيجية ناجحة بالنسبة لها عند تصميم معالجات هواتفها الذكية وحواسيبها المحمولة.
واضطرت الشركة نتيجة لذلك إلى الاستعانة بكوالكوم ومددت صفقتها معها لأجهزة المودم الداعمة لشبكات الجيل الخامس الموجودة ضمن تشكيلة آيفون 15، مع أنها أنفقت سنوات لتطوير أجهزتها للمودم.
وأنفقت إنتل في عام 2010 نحو 1.4 مليار دولار على شركة Infineon، التي تُستخدم رقائقها في الميزات الخلوية لجهاز آيفون. ودفعت آبل مليار دولار في عام 2019 لإنتل مقابل براءات اختراع جهاز المودم، إلى جانب بضعة آلاف من المهندسين للمساعدة في تعزيز جهودها.
وكانت آبل تهدف منذ ذلك الحين على الأقل إلى تصنيع أجهزتها للمودم، وذلك لتوفير المال والتوقف عن الشراء من شركة كوالكوم. وتوقعت كوالكوم أن تنتج آبل بحلول عام 2024 جهاز المودم، إلا أنها أعلنت في عام 2023 صفقة معها من شأنها أن توفر أجهزة المودم لهواتف آيفون حتى عام 2026.