أعلنت إيران عن خطوة هامة في مجال الفضاء، حيث تستعد لإطلاق ثلاثة أقمار اصطناعية جديدة إلى مدار الأرض باستخدام صاروخ روسي من طراز سويوز. يأتي هذا الإطلاق من قاعدة “فوستوتشني” الفضائية في روسيا في 28 ديسمبر الجاري، ويؤكد طموحات إيران المتزايدة في تطوير قدراتها الفضائية. هذا التطور يثير اهتمامًا واسعًا، خاصةً فيما يتعلق بتطبيقات هذه الأقمار في مجالات حيوية مثل الزراعة والرصد البيئي، بالإضافة إلى الجانب العسكري الذي أثار جدلاً دوليًا. إطلاق الأقمار الاصطناعية يمثل قفزة نوعية في برنامج الفضاء الإيراني.

إطلاق الأقمار الاصطناعية الإيرانية: تفاصيل وخلفيات

وفقًا لوكالة “نور نيوز” الإيرانية، ستخدم الأقمار الثلاثة التي سيتم إطلاقها مجالات متنوعة، بما في ذلك الزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية، والرصد البيئي. هذه المجالات تعتبر حيوية للتنمية المستدامة في إيران، والاستفادة من التكنولوجيا الفضائية في تحسينها يعكس رؤية استراتيجية واضحة. الاستعدادات لهذا الإطلاق بدأت منذ فترة، حيث أكد رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، حسن صالحي، الشهر الماضي أن البلاد على أهبة الاستعداد لهذه المهمة.

الأقمار الثلاثة: “ظفر 2″ و”بایا” و”كوثر”

الأقمار التي ستنطلق هي “ظفر 2” و”بایا”، بالإضافة إلى دفعة جديدة من أقمار التصوير “كوثر”. “ظفر 2” يمثل تحديثًا لقمر “ظفر” السابق، ويهدف إلى تحسين دقة التصوير وقدرات الرصد. أما “بایا” فهو قمر متخصص في جمع البيانات المتعلقة بالزراعة والموارد الطبيعية. أما أقمار “كوثر” فهي مخصصة للتصوير الاستطلاعي، وتلعب دورًا هامًا في توفير صور عالية الدقة للأراضي الإيرانية.

مركز جابهار الفضائي: منصة إطلاق مستقبلية

بالتوازي مع الإطلاق من روسيا، تعمل إيران على تطوير مركز جابهار الفضائي الجديد، والذي وصفه حسن صالحي بأنه “منصة إطلاق ناشئة”. يقع المركز على الساحل الجنوبي الشرقي لإيران، ويتمتع بموقع استراتيجي يجعله مثاليًا لإطلاق الأقمار الاصطناعية في مدارات شمسية متزامنة ومدارات جغرافية ثابتة. هذا الموقع يقلل من تكلفة الإطلاق ويزيد من كفاءته، مما يجعله خيارًا جذابًا للمستقبل.

صالحي أضاف أن المركز سيكون قادرًا على دعم صواريخ أثقل تعمل بالوقود السائل، مما يشير إلى طموحات إيران في تطوير قدراتها في مجال الصواريخ. كما أشار إلى أن إيران قد وقعت عقودًا مع القطاع الخاص لتطوير مجموعات أقمار اصطناعية، مما يعكس شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص في تطوير برنامج الفضاء.

البرنامج الفضائي الإيراني: دوافع وتحديات

تؤكد إيران أن برنامجها الفضائي يهدف إلى تحقيق أهداف مدنية وعلمية، مثل تحسين الزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية، والرصد البيئي. تطوير الأقمار الاصطناعية يخدم هذه الأهداف بشكل مباشر، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة. ومع ذلك، فإن بعض الحكومات الغربية تشكك في هذه الدوافع، وترى أن التقنيات المستخدمة في إطلاق الأقمار الاصطناعية يمكن أن تستخدم في تطوير صواريخ بعيدة المدى.

هذه المخاوف تتفاقم بسبب إطلاق “الحرس الثوري الإيراني” لقمر اصطناعي عسكري في وقت سابق من هذا الأسبوع، وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة “غطاء لتطوير برنامج الصواريخ الإيرانية”. الرصد البيئي هو أحد المجالات التي تسعى إيران لتطويرها من خلال برنامجها الفضائي.

في نوفمبر 2024، أطلقت روسيا زوجًا من الأقمار الاصطناعية الإيرانية، “كوثر” و”هدهد”، لصالح القطاع الخاص الإيراني. هذا الإطلاق كان الأول من نوعه، ويؤكد التعاون الوثيق بين إيران وروسيا في مجال الفضاء. وقبل ذلك، أطلقت روسيا قمرين إيرانيين آخرين في عامي 2022 و2024. كما حمل صاروخ روسي من طراز سويوز قمرًا اصطناعيًا إيرانيًا لأغراض الاتصالات إلى الفضاء في يوليو الماضي.

التعاون الإيراني الروسي في مجال الفضاء

يشهد التعاون بين إيران وروسيا في مجال الفضاء تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. إطلاق الأقمار الاصطناعية الإيرانية بواسطة صواريخ روسية يعكس هذا التعاون الوثيق. التعاون الفضائي بين البلدين يمثل استجابة للتحديات الدولية، ويعزز قدرات كل منهما في هذا المجال الحيوي. من المتوقع أن يستمر هذا التعاون في المستقبل، وأن يشمل مجالات جديدة مثل تطوير تكنولوجيا الصواريخ، وتبادل الخبرات والمعرفة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن موقع إيران الاستراتيجي وقدراتها في مجال الصواريخ تجعلها شريكًا جذابًا لروسيا في مجال الفضاء. من خلال التعاون مع إيران، يمكن لروسيا الوصول إلى مدارات جديدة، وتقليل تكلفة الإطلاق، وزيادة كفاءة برنامجها الفضائي.

في الختام، يمثل إطلاق الأقمار الاصطناعية الإيرانية خطوة هامة في تطوير قدرات إيران الفضائية، ويعكس طموحاتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال. برنامج الفضاء الإيراني يثير اهتمامًا واسعًا، ويتطلب مراقبة دقيقة لضمان استخدامه في أغراض سلمية. نتوقع أن نشهد المزيد من التطورات في هذا المجال في المستقبل القريب، وأن يلعب التعاون الإيراني الروسي دورًا هامًا في تشكيل مستقبل الفضاء.

شاركها.
Exit mobile version