تحول جناح المغرب في إكسبو دبي إلى “بيت الفن” .. مساحة إبداعية تحتفي بالتراث والهوية
شهد جناح المغرب في مدينة إكسبو دبي تحولاً لافتاً، ليصبح منصة فنية حقيقية أُطلق عليها اسم “بيت الفن”. هذا التحول لم يقتصر على تغيير الوظيفة، بل أحدث نقلة نوعية في المشهد الثقافي للإكسبو، حيث يحتضن الجناح نخبة من الفنانين الإماراتيين والخليجيين، ويؤسس حواراً فنياً غنياً يجمع بين الأجيال، ويبرز الفن الخليجي المعاصر وتأثره العميق بالتراث. يمثل “بيت الفن” تجسيداً حياً للتلاقي بين الحداثة والأصالة، حيث تتشابك الذاكرة والانتماء في لوحات فنية وتركيبات إبداعية تعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة.
“تشابك” .. معرض يعكس تنوع الأجيال والأنماط الفنية
يستضيف “بيت الفن” حالياً معرضاً فنياً بعنوان “تشابك”، وهو الاسم الذي يعكس بوضوح الهدف من هذا التجمع الإبداعي. يجمع المعرض بين أعمال فنانين من مختلف الأجيال، بالإضافة إلى مصممين معاصرين يستلهمون إبداعاتهم من التراث الفني الغني للمنطقة. هذا التنوع يخلق لوحة فنية مشتركة، تحكي قصصاً عن الماضي والحاضر، وتعبر عن المشاعر والأحاسيس التي تربط الأفراد بأوطانهم.
المواد المستخدمة في الأعمال الفنية ليست مجرد عناصر بصرية، بل هي بمثابة أرواح تحكي قصصاً وتجسد إرثاً ثقافياً عريقاً. من خلال هذا المعرض، يتمكن الزوار من استكشاف الفن المعاصر في الخليج العربي، والتعرف على الأساليب والتقنيات المختلفة التي يستخدمها الفنانون للتعبير عن رؤاهم.
نجاة مكي.. رائدة الفن الإماراتي تقدم معرضاً دائماً
يحتضن “بيت الفن” معرضاً دائماً للفنانة الإماراتية الرائدة نجاة مكي، وهو إضافة قيمة للمشهد الفني في الجناح. تعرض مكي في هذا المعرض مجموعة من لوحاتها التي تعكس تجربتها الفنية الممتدة على مدى عقود. يتميز أسلوبها بالتجريد الشعري، واستخدام الألوان بشكل مكثف للتعبير عن المشاعر المرتبطة بالذاكرة والمكان، مثل الصحراء والبحر.
وفي حديث خاص لـ “الإمارات اليوم”، أكدت نجاة مكي أن هذه المبادرة تساهم في خدمة الثقافة الفنية، وتعزز التواصل بين الفنانين من مختلف الأجيال والثقافات. وأشارت إلى أهمية عرض أعمال الفنانين الشباب، الذين يقدمون رؤى جديدة ومبتكرة، ويستخدمون التكنولوجيا الحديثة في أعمالهم. وأضافت: “مدينة إكسبو أصبحت منصة عالمية، ومن خلالها يمكن للفن أن يصل إلى جمهور أوسع.”
قصص من التراث.. ناصر نصرالله ونجم سهيل
لم يقتصر “بيت الفن” على عرض اللوحات التجريدية، بل امتد ليشمل أعمالاً فنية تستلهم من التراث العربي الأصيل. الفنان ناصر نصرالله قدم قصة نجم سهيل من خلال معرض خاص يعتمد على تقنية “الأنيميشن”. يروي المعرض الأسطورة القديمة لنجم سهيل الذي قتل نجماً آخر، وكيف انتقمت بناته من خلال التحول إلى نجوم الدب القطبي.
يستخدم نصرالله في أعماله أزياء متنوعة من مختلف البلدان العربية، مما يعكس التنوع الثقافي للمنطقة. وبالتعاون مع سينما عقيل، سيتم عرض أفلام لمدة عام كامل في قاعة المعرض، مما يضيف بعداً آخر للتجربة الفنية.
“مسار” خالد البنا.. رحلة عبر الزمن
من خلال معرضه الذي يحمل عنوان “مسار”، يقدم الفنان خالد البنا رحلة عبر الزمن، مستلهماً من فترة السبعينات والثمانينات. يجمع المعرض بين المنحوتات والجداريات، التي تعكس ذكريات وتأثيرات تلك الفترة.
تتضمن المنحوتات عناصر هندسية مستوحاة من البيوت القديمة، بالإضافة إلى أشكال الطيور والحيوانات. أما الجدارية، فهي بمثابة قصة بصرية تحكي عن الحنين إلى الماضي، وتعيد تشكيله بأسلوب يعكس الحاضر. ويؤكد البنا أن “بيت الفن” يمثل مبادرة مهمة تثري الحركة التشكيلية في دبي.
الأرشفة والذاكرة.. أعمال فنانات الخليج
تولي منصة “دروازة”، من خلال مشاركتها في “بيت الفن”، أهمية خاصة لنشاط الأرشفة والحفاظ على الذاكرة. تعرض المنصة أعمالاً لخمس فنانات من الإمارات والبحرين والسعودية، وهن المها جارالله، شيخة الكتبي، صفية البلوشي، ناصر الزياني، ودانة التركي.
تستخدم الفنانة دانة التركي صور العائلة للتعبير عن الماضي وتثبيت الذكريات، بينما تقدم المها جارالله مفهوم العائلة من خلال الكرسي، وكيف استخدمته العائلة في حياتها اليومية. وتهدف هذه الأعمال إلى تسليط الضوء على أهمية الأرشفة في الحفاظ على الهوية الثقافية.
“بيت الفن” .. حوار إبداعي مستمر
تؤكد القيّمة الفنية مها أبوالهول أن “بيت الفن” يضم 15 غرفة، ويشارك في الدورة الأولى 18 فناناً. وأشارت إلى أن المعارض ستكون متجددة باستمرار، وسيتم جمع الفنانين من دول الخليج ومن أنماط فنية متنوعة. وأضافت: “لقد أصبح بيتاً خليجياً، وهذا أوجد حواراً مميزاً بين الجميع.”
واختتمت أبوالهول حديثها بالتأكيد على أهمية التعاون بين مدينة إكسبو وهيئة الثقافة والفنون في دبي، مشيرة إلى أن هذا التعاون يساهم في إنجاح المبادرة، وتحقيق أهدافها في دعم الإبداع الفني وتعزيز التبادل الثقافي.
باختصار، “بيت الفن” في جناح المغرب بإكسبو دبي ليس مجرد معرض فني، بل هو مساحة إبداعية تحتفي بالتراث والهوية، وتؤسس حواراً فنياً غنياً يجمع بين الأجيال والثقافات، ويقدم للعالم صورة حية عن الفن الخليجي المعاصر.



