على مدى تاريخها اهتمت دولة الإمارات العربية بأشجار القرم أو «المانغروف» لحماية سواحلها، واحتل نبات القرم مكانة مميزة في تراث الدولة، حيث يتميز هذا النوع من الأشجار بالنمو في المياه المالحة، بالإضافة إلى قدرته على امتصاص الغازات الدفيئة بما يسهم في خفض نسب تلوث الهواء وخفض تأثير ظاهرة التغير المناخي، كما تسهم غابات القرم في المحافظة على البيئة من خلال حماية الخط الساحلي من التآكل بسبب الأمواج والتيارات المحيطة، ما يجعلها بمثابة شريان للحياة الطبيعية.
مكانة
وتبرز مكانة أشجار القرم وأهميتها في خطط الاستدامة لدى دولة الإمارات في إطلاق اللجنة المنظمة لاحتفالات عيد الاتحاد الـ51 «مشروع أشجار قرم عيد الاتحاد.. اليوم للغد»، وتسعى هذه المبادرة التي تتماشى مع رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى استعادة وتعزيز غابات القرم على طول سواحل دولة الإمارات. وانطلق المشروع بزراعة 10 آلاف شجرة قرم ظهرت في احتفالات عيد الاتحاد الـ51 عبر مواقع مختلفة في الإمارات السبع.
طموح
وعززت دولة الإمارات طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم من خلال زيادة أشجار القرم من 30 مليوناً إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، وتعزز هذه الخطوة مكانتها الرائدة عالمياً في الاعتماد على الحلول المستندة إلى الطبيعة في مواجهة تحدي التغير المناخي، حيث أعلنت الإمارات على هامش فعاليات يوم التنوع البيولوجي في مؤتمر الدول الأطراف (COP27) الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الماضي، عن الإطلاق العالمي لتحالف القرم من أجل المناخ، ويهدف التحالف إلى دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، حيث تسهم أشجار القرم في تعزيز مواجهة تداعيات التغير المناخي، مثل الأعاصير، والعواصف، والفيضانات، كما تعد مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية، وتوفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوع البيولوجي البحري، وتعتمد 80% من مجموعات الأسماك العالمية على النظم الأيكولوجية الصحية لأشجار القرم.
تنوع بيولوجي
وأظهرت دراسة أعدتها وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع الجهات المختصة في شأن المحافظة على التنوع البيولوجي للنباتات والكائنات الحية واستدامتها في الدولة، أن تجمعات غابات أشجار القرم تنقسم إلى ثلاث بيئات: بيئات الحافة وتتمركز في كل المناطق الساحلية وبشكل رئيس بإمارة أبوظبي، والبيئات الحوضية وتتمركز في إمارات أم القيوين وعجمان ورأس الخيمة، وبيئات الغمر أو المد والجزر وتتمركز في إمارتي أبوظبي وأم القيوين. وتبين خلال فترة الدراسة وجود نوع واحد فقط من أشجار القرم في كل سواحل الدولة التي تم مسحها وهو القرم الرمادي. وذكرت الدراسة أن معظم غابات أشجار القرم بصحة وكثافة جيدة، وهناك ارتفاع ملحوظ في زيادة رقعة وانتشار مساحات غابات اشجار القرم أضعاف ما كانت عليه في سبعينات القرن المنصرم في الدولة، الأمر الذي يعكس جهود دولة الإمارات في المحافظة واستدامة تنمية الموائل والإرث الثقافي والحضاري لها.
محميات
ومن أهم المحميات الطبيعية التي تضم أشجار القرم في الإمارات محمية «رأس الخور» في إمارة دبي، و«أشجار القرم والحفية» في إمارة الشارقة، و«الزوراء» في عجمان، ومحميات «القرم الشرقي» و«مروح» و«أبوالسياييف» في أبوظبي. وتعتبر المناطق الساحلية في أبوظبي غنية بغابات القرم، حيث يوجد نحو 70 كم مربعاً من غابات القرم في جميع أنحاء الإمارة. كما يضم متنزه القرم الوطني أكثر من 19 كيلومتراً مربعاً من الغابات، ويوجد هذا المتنزه داخل مدينة أبوظبي، ويعتبر من أكثر مناطق القرم كثافة، وهو من المناطق الطبيعية المحمية بموجب القانون، بينما تعد محمية أشجار القرم التي تقع ضمن المنطقة الساحلية في كلباء بإمارة الشارقة، من أكثر المواقع البيئية الفريدة في الإمارات، حيث تجمع بين السمات البحرية والبرية التي تسهم في تشكيل تنوع بيئي من النباتات والحيوانات، وتعد أشجار القرم الرائعة أفضل سمة لهذه المحمية، وهي تسهم في حماية الساحل من خلال الحد من عوامل التعرية الناتجة عن العواصف والفيضانات والتيارات والأمواج والمد والجزر، كما تعد المحمية موطناً ملائماً لتكاثر أنواع نادرة من الطيور، مثل طائر الرفراف المطوق العربي، وهي الموطن الوحيد لتكاثر هذا الطائر. هذه الميزات جعلت محمية القرم تنال اعترافاً عالمياً بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (رامسار) عام 2013 باعتبارها بيئة مناسبة لحماية الأنواع المعرضة للانقراض. هناك أيضاً محمية رأس الخور، الواقعة على بعد 10 دقائق فقط من وسط دبي، وهي واحدة من المناطق الحضرية المحمية القليلة في العالم، والتي تجمع بين المسطحات المائية المالحة وأشجار القرم والبحيرات، وهي موطن لأكثر من 450 نوعاً من الحيوانات والنباتات، حيث توفر غابات أشجار القرم ملجأ طبيعياً لأنواع الطيور الفريدة مثل طيور الفلامنغو الكبيرة، وتم تصنيف المحمية منطقة طيور ذات أهمية عالمية، حسب منظمة «بيرد لايف» الدولية، وموقع أراضٍ رطبة ذا أهمية عالية وفقاً لاتفاقية «رامسار» للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، بوصفه موئلاً للطيور المائية الفريدة يعكس الطابع الفريد لطبيعة الأراضي الرطبة في الإمارات العربية المتحدة.
• 100 مليون شجرة بحلول 2030.
• أعلنت دولة الإمارات في نوفمبر الماضي عن الإطلاق العالمي لتحالف القرم من أجل المناخ.