أبوظبي تستضيف دعوة عالمية لإنقاذ أرواح الأطفال والقضاء على شلل الأطفال، مع التزامات تمويلية جديدة بقيمة 1.9 مليار دولار. هذا ما كشفته فعالية (Goalkeepers) الأخيرة التي جمعت قادة من مختلف القطاعات في العاصمة الإماراتية، مؤكدةً على ضرورة تسريع الجهود العالمية في مجال الصحة العالمية. وتأتي هذه المبادرة في وقت حرج، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة للمرة الأولى منذ سنوات، مما يستدعي تحركاً عاجلاً وموحداً.
فعالية Goalkeepers في أبوظبي: نقطة تحول في الصحة العالمية
جمعت فعالية (Goalkeepers) في أبوظبي، التي أقيمت بالشراكة بين مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني ومؤسسة غيتس، أكثر من 500 من قادة العالم وصناع التغيير لمناقشة التحديات الصحية الملحة ووضع خطط عمل ملموسة. ركز الحوار بشكل خاص على حماية أرواح الأطفال، والحد من وفيات الأمهات، والقضاء على الأمراض المعدية، وعلى رأسها شلل الأطفال.
الفعالية لم تكن مجرد منتدى للنقاش، بل كانت منصة لإطلاق التعهدات والالتزامات المالية الجديدة. وقد أعلن المشاركون عن حزمة من المساهمات بقيمة 1.9 مليار دولار لدعم جهود القضاء على شلل الأطفال على مستوى العالم، مما يعكس التزاماً قوياً بتحقيق هذا الهدف.
التزام مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني بدعم الصحة العالمية
لعبت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني دوراً محورياً في استضافة فعالية (Goalkeepers) وقيادة جهود جمع التبرعات. وقد قدمت المؤسسة مساهمة كبيرة بقيمة 140 مليون دولار من إجمالي الالتزامات الجديدة، مما يؤكد التزامها الراسخ بإنهاء الأمراض التي يمكن الوقاية منها وتعزيز مستقبل أكثر صحة للمجتمعات حول العالم.
هذا الدعم ليس جديداً على المؤسسة، فمنذ عام 2011، قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، “حفظه الله”، مبلغ 525 مليون دولار لدعم جهود استئصال شلل الأطفال، مما ساعد في إيصال اللقاحات لأكثر من 400 مليون طفل سنوياً. هذا التاريخ الطويل من الدعم يعكس رؤية الإمارات الإنسانية والتزامها بتحقيق التنمية المستدامة.
تخصيص التمويل وتسريع جهود التطعيم
من إجمالي مبلغ 1.9 مليار دولار، سيتم تخصيص حوالي 1.2 مليار دولار لدعم المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال. يهدف هذا التمويل إلى تسريع الجهود الحيوية للوصول إلى 370 مليون طفل سنوياً بلقاحات شلل الأطفال، بالإضافة إلى تعزيز الأنظمة الصحية في الدول المتأثرة لحماية الأطفال من الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها.
هذا الاستثمار الاستراتيجي لا يقتصر على توفير اللقاحات فحسب، بل يشمل أيضاً تدريب العاملين الصحيين، وتحسين البنية التحتية الصحية، وتعزيز حملات التوعية بأهمية التطعيم. كما يهدف إلى ضمان استدامة برامج التحصين في المناطق الهشة والمتضررة بالنزاعات، حيث يكون الوصول إلى الخدمات الصحية محدوداً.
تحذيرات من تراجع التقدم وضرورة التحرك العاجل
على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجال الصحة العالمية، إلا أن تقرير (Goalkeepers) لعام 2025 الصادر عن مؤسسة غيتس يحذر من تراجع هذا التقدم. يشير التقرير إلى توقعات بارتفاع عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة للمرة الأولى في هذا القرن، مما يثير قلقاً بالغاً.
هذا التحذير يؤكد على أن الجهود الحالية ليست كافية، وأن هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات جريئة وتجديد التمويل وتوسيع نطاق الابتكارات القادرة على إنقاذ ملايين الأرواح بحلول عام 2045. كما يشدد على أهمية معالجة الأسباب الجذرية لوفيات الأطفال، مثل الفقر وسوء التغذية وعدم المساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية.
رسائل ملهمة ودعوة إلى العمل المشترك
تضمنت فعالية (Goalkeepers) في أبوظبي العديد من اللحظات الملهمة التي سلطت الضوء على أهمية العمل المشترك لتحقيق التقدم في مجال الصحة العالمية. تم تكريم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، “أم الإمارات”، بجائزة Goalkeepers للإنجاز مدى الحياة تقديراً لدعمها المستمر للنساء والأطفال. كما ألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، كلمة أشاد فيها بإرث سموها الإنساني العريق.
بالإضافة إلى ذلك، شارك العديد من صناع التغيير قصصهم الملهمة حول حماية أرواح الأطفال والعدالة الصحية، مما ألهم الحضور وأكد على أن التقدم ممكن عندما يلتزم العالم بتحقيقه. وأكد بيل غيتس، رئيس مؤسسة غيتس، على أن الأدوات اللازمة لإنقاذ الأرواح موجودة بالفعل، وأن الدعم المعلن عنه اليوم سيسهم في تعزيز تلك الجهود وحماية الأطفال الأكثر ضعفاً.
إن فعالية (Goalkeepers) في أبوظبي تمثل دعوة قوية إلى العمل المشترك، وتؤكد على أن الاستثمار في صحة الإنسان هو من أعظم الاستثمارات عائداً، حتى وسط التحديات الاقتصادية العالمية. إن تحقيق عالم خالٍ من شلل الأطفال وبناء مستقبل أكثر صحة للجميع يتطلب تضافر الجهود والالتزام بتحقيق هذا الهدف النبيل.
