ألقت وزيرة تنمية المجتمع شما بنت سهيل المزروعي، كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان تحدثت من خلالها عن دور دولة الإمارات العربية المتحدة بإيلاء اهتماما بالغا بعملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.
وفيما يلي كلمة المزروعي أمام المجلس:
“السيد الرئيس،
سعادة المفوض السامي لحقوق الإنسان،
السيدات والسادة،
الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اسمحوا لي في البداية أن أهنئكم، سعادة السفير فاكلاك باليك، وذلك على تعيينكم رئيسًا لمجلس حقوق الإنسان. وأتمنى لكم النجاح والتوفيق في مهام عملكم.
يشرفني والوفد المرافق عرض التقرير الوطني للإمارات العربية المتحدة، في إطار الدورة الثالثة والأربعين للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان. وأُود أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بالشكر لكم ولأعضاء فريق الترويكا، والدول على إتاحة الفرصة لنا؛ وذلك لإجراء حوار بناء حول التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ استعراضها لتقريرها الدوري الثالث في يناير 2018.
تولي دولة الإمارات اهتمامًا بالغًا بعملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، والتي تتيح الفرصة لكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتبادل الآراء والخبرات، واختيار أفضل الممارسات؛ من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والارتقاء بها في إطار حوار تفاعلي بناء، حيث تساعد هذه الآلية كثيرًا على تقييم الكيفية التي يمكننا بها مواصلة دعم تقدمنا من خلال تعزيز القوانين والممارسات في مجال حقوق الإنسان، وأؤكد بأننا سنظل ملتزمين التزامًا كاملًا بهذه العملية.
السيد الرئيس،
إن حكومة الإمارات العربية المتحدة تُؤمن أن التقدم في حالة حقوق الإنسان يحتاج إلى ممكنات وأرضية صلبة، حيث تستند رؤيتها لتعزيز هذه الممكنات إلى ثنائية الاستقرار والازدهار التي تتبناها الدولة نهجًا لها، باعتبار أن توفير الحياة الكريمة للإنسان في مناخٍ مستقرٍ وآمن يمثل الرافعة الحقيقية التي تضمن التقدم الفعلي في العديد من مجالات حقوق الإنسان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحصول على التعليم والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية والتصدي للتمييز، والحماية من الاستغلال الاجتماعي، وعدالة التقاضي والحرية الثقافية والفكرية، فكل هذه الحقوق تحتاج إلى حاضنة تنموية تعززها وتعمل على دفعها قدمًا نحو المزيد من التقدم والتطور.
إن رؤيتنا لواقع حقوق الإنسان تتبلور من خلال مفهوم شامل وأكثر اتساعًا، ممثلة في تطوير المنظومة التشريعية والقانونية وتعزيز البنية المؤسسية التي تكفل وتحمي حقوق الإنسان؛ وضمانًا لذلك نعمل على نشر مفاهيم السلام والتسامح والحوار والتعايش والتواصل بين المجتمعات والثقافات المختلفة، انطلاقًا من إدراكنا العميق لأهمية هذه المفاهيم ضمن مسيرة تعزيز حالة حقوق الانسان.
من هذا المنطلق فقد عملنا في الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية على تعزيز هذا النهج عبر التركيز على العمل الإقليمي والدولي والثنائي والجماعي، فنحن أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى العمل المشترك، وتعزيز المصالح المتبادلة والحوار السلمي المنفتح حول مختلف القضايا التي لطالما شغلت المنطقة وأثرت على شعوبها، فهذا النهج هو السبيل الأفضل تجاه تلبية تطلعات شعوب المنطقة ضمن واقع يعزز من قدراتها، ويطلق طاقاتها وفي الوقت نفسه يوفر لها كافة احتياجاتها المعيشية والاجتماعية والاقتصادية فضلا عن الاحتياجات المعنوية الأخرى ذات الارتباط بحقوق الانسان.
وضمن هذا السياق أود أن أعرب عن قلق بلادي من حالة الاستقطاب السياسي التي يعيشها العالم، إذ تزايدت حدتها خلال السنوات القليلة الماضية. وأصبح العالم يواجه خطر التقسيم والتصنيف، فأجواء النزاعات تمثل تربة خصبة للتغاضي عن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان وتطلعاته ومستقبله، وهذا الفهم العميق لمخاطر الاستقطاب السياسي والنزاعات هو العامل الذي يعزز ويؤكد صواب رؤية دولة الإمارات الداعية إلى ضرورة تبني ثنائية الاستقرار والازدهار وبناء جسور التواصل وتبني الحلول الدبلوماسية والسياسية للأزمات التي تعترض المنطقة والعالم.
إن بلادي لطالما اعتبرت الإنسان أولوية؛ ولذلك سخرت كافة خطط وبرامج الدولة بهدف رعايته وضمان حقه في العيش بكرامة ورفاهية واحترام لإنسانيته التي يصونها الدستور والقانون، وهذا ما أَكدَّ عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” في أول خطاب له بعد تسلمه رئاسة الدولة العام الماضي بقوله :” إن شعب دولة الإمارات محور اهتمام الدولة وعلى قمة أولوياتها منذ نشأتها، وسيظل منهج سعادة المواطن ورعايته الأساس في كل خططنا نحو المستقبل”، وذكر سموه ” تشاركنا أكثر من 200 جنسية بفاعلية ونشاط في نمو اقتصادنا وتطوره” ليؤكدَّ أن الدولة ستستمر في نهجها الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع.
السيد الرئيس،
تعتبر دولة الإمارات أن تقريرها الوطني الرابع هو استكمال لخطة عمل بدأتها منذ اعتماد تقريرها الثالث وهي عازمة على المضي قدمًا للعمل على إضافة المزيد إلى سجل إنجازاتها في مجال حقوق الإنسان والمساهمة والتفاعل بشكل إيجابي مع الممارسات العالمية في هذا الشأن.
يستعرض هذا التقرير جهود دولة الإمارات في متابعة تنفيذ نتائج المراجعة الدورية الثالثة وما تضمنته من توصيات هامة حرصت دولة الإمارات على تنفيذها عبر تضافر جهود كافة الجهات والمؤسسات المعنية في الدولة، ويتضمن التقرير الإجراءات والتدابير المتخذة لتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الثالث.
فقد حملت الفترة الممتدة من منتصف عام 2018 حتى نهاية عام 2022، تطورات إيجابية وهامة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان في دولة الإمارات، وذلك على ضوء عملية التطوير الشاملة التي تشهدها الدولة على الصعيد التشريعي من خلال اعتمد أكثر عن 68 تشريع من عام 2019 إلى 2022، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر إصدار قوانين ومراسيم بقوانين اتحادية، بشأن المساواة في الرواتب بين الجنسين، والحماية من العنف الأُسَري، والإعسار، وقانون حماية الشهود ومن في حكمهم، والصحة العامة، والإجراءات المدنية، والأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح، ومجهولي النسب، والإجراءات الجزائية وتنظيم علاقات العمل وعمال الخدمة المساعدة. وقانون الأحوال الشخصية المدني لغير المسلمين. كما قامت الدولة بإدخال تعديلات تشريعية هامة وواسعة شملت قوانين مكافحة التمييز والكراهية، والجرائم والعقوبات، والشركات التجارية. وتقوم دولة الإمارات في الوقت الراهن بمراجعة عدد من التشريعات كقانون المطبوعات والنشر وقانون مكافحة الاتجار بالبشر، وقانون حماية أصحاب الهمم (ذوي الإعاقة) وذلك بغرض مواءمتها مع التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
السيد الرئيس،
يشكل إنشاء دولة الإمارات للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس بموجب القانون الاتحادي رقم (12) لعام 2021، والتي وردت بشأنها العديد من التوصيات التي قبلتها الدولة خلال استعراضها لتقريرها الدوري الثالث تتويجًا للجهود الوطنية المبذولة نحو تعزيز وتطوير بنيتها المؤسسية التي من شأنها تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وتتمتع الهيئة بموجب القانون بالاستقلالية المالية والإدارية في ممارسة وظائفها وأنشطتها واختصاصاتها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومن أهمها المشاركة مع السلطات والجهات المختصة في وضع خطة عمل وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في الدولة واقتراح آلية تنفيذها وتقديم المقترحات والتوصيات والمشورة إلى السلطات والجهات المختصة، إلى جانب تقديم اقتراحات إلى السلطات المختصة حول مدى مواءمة التشريعات والقوانين للمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تكون الدولة طرفًا فيها ومتابعتها وغيرها من الاختصاصات الأخرى الهامة، وتتطلع الدولة ممثلة بمؤسساتها إلى تعزيز تعاونها مع الهيئة الوطنية يما يساهم في تعزيز وحماية حقوق الانسان. ومساعدة الهيئة في تنفيذ المهام المناطة بها وفقًا للقانون.
اعتمدت دولة الإمارات خلال الأربع أعوام الماضية منظومةً مترابطةً ومتكاملةً من السياسات والإستراتيجيات الوطنية التي تسعى إلى تعزيز وكفالة التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أهمها الخطة الوطنية حول المرأة والسلام والأمن التي تهدف لتحقيق المشاركة الفعالة للمرأة في الوقاية من النزاعات، والسياسة الوطنية لكبار السن، وإستراتيجية التوازن بين الجنسين 2026، والسياسة الوطنية للتحصينات، والسياسة الوطنية للأسرة، وسياسة حماية الأسرة، والاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 واستراتجية إشراك الشباب، كما تم إطلاق خطط ومبادرات التعافي لمرحلة ما بعد «كوفيد-19». ومئوية الإمارات 2071 التي تشكل برنامج عمل حكومي طويل الأمد. وتعمل الدولة حاليًا على تحديث إستراتيجية تمكين المرأة وريادتها وإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والتي ستكون بمثابة إطار وطني شامل ومتكامل في هذا المجال.
السيد الرئيس،
يعد التسامح في الإمارات العربية المتحدة ترجمة عملية للرؤية التي سارت عليها الدولة منذ تأسيسها، وقد خصصت دولة الإمارات عام 2019 للتسامح والذي توج باللقاء التاريخي الذي جمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين بقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي، والتوقيع على “وثيقة الأخوة الإنسانية” من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، وبناءً عليه اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بالإجماع باعتبار يوم 4 فبراير هو “اليوم الدولي للأخوة الإنسانية”. وترسيخًا للقيم المشتركة والتعايش والتفاهم افتتحت دولة الامارات بيت العائلة الإبراهيمية في أبو ظبي، وهي مساحة تضم مبان متجاورة لمسجد وكنيسةً وكنيسًا يهوديًا ومركزًا تعليميًا ليتوج جهود الدولة بنشر التسامح. كذلك تم استحداث منصب وزير دولة للتسامح لأول مرة في دولة الإمارات في فبراير 2016، واستحداث البرنامج الوطني للتسامح، بهدف ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية، والتعصب فكراً وتعليماً وسلوكاً. بالإضافة الى إطلاق عدد من جوائز التسامح والسلام مثل جائزة زايد للأخوة الإنسانية وجائزة محمد بن راشد للتسامح.
وفي إطار جهودها لدعم العمل المناخي العالمي، تستعد دولة الإمارات إلى استضافة مؤتمر الأطراف بدورته الثامنة والعشرين COP28 في نوفمبر 2023، في مدينة إكسبو دبي، وسيركز المؤتمر على تنفيذ الالتزامات والتعهدات المناخية، والعمل معًا لاتخاذ إجراءات ملموسة، وإيجاد الحلول التي تساهم في التغلب على التحديات، واغتنام الفرص لضمان مستقبل مستدام للأجيال الحالية والمستقبلية. إن دولة الإمارات تدرك أهمية ملف التغير المناخي، وتعتبر أن استضافتها لهذا المؤتمر الهام أولوية وطنية في سياق المشاغل الدولية تجاه هذه القضية. كما اعتمدت الحكومة المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 مما يجعل دولة الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي. بالإضافة الى عضوية دولة الامارات في المنظمات والمعاهدات الدولية ومنها:
الوكالة الدولية للطاقة المتجددة-إيرينا ( (IRENA
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)
المجلس العالمي للطاقة (WEC)
طاقة مستدامة للجميع (SE4All)
شبكة حلول التطوير المستدام- مبادرة الأمم المتحدة (SDSN)
مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة (OWG-SDG)
السيد الرئيس،
شكلت جائحة كوفيد-19 تحديات كبيرة للمجتمع الدولي دون استثناء، انعكست آثارها وتداعياتها على جميع الجوانب، وفرضت هذه الجائحة تحديات على كافة الدول تمثلت بزيادة وتيرة انتشار الفيروس وتحوره، الأمر الذي دفع دول العالم بما فيها دولة الإمارات لوضع تدابير وإجراءات احترازية ووقائية للحد من انتشاره والتقليل من آثار الجائحة، فعلى الصعيد الصحي قدمت الدولة مجانًا اللقاحات لمواجهة تفشي الفيروس لنحو 25 مليون مستفيد لأكثر من 200 جنسية حيث بلغت نسبة التطعيم لجميع الجرعات أكثر من 95% وبلغت نسبة الأشخاص اللذين تلقوا جرعة واحدة بنسبة تقارب الـ100%. أما على الصعيد الدولي فقد أرسلت دولة الإمارات نحو 3000 طن من المساعدات الطبية إلى أكثر من 142 دولة لدعم جهودها في التصدي لجائحة كوفيد-19.
لقد نجحت دولة الإمارات في تأسيس منظومة رعاية صحية متكاملة تُطَبقُ أفضل الممارسات العالمية، حيث تبوأت الدولة المراكز الأولى عالميًا في 14 مؤشرًا صحيًا للعام 2022، كما حصلت على المركز الأول عربيًا وخليجيًا في 6 مؤشرات أخرى، وفقًا لمؤشر الازدهار 2021، وتقرير المواهب العالمية وتقرير مؤشر أهداف التنمية المستدامة 2022، وفي إنجاز عالمي غير مسبوق اعتمدت جمعية الصحة العالمية لأول مرة في تاريخها مشروع قرار لتعزيز جودة الحياة الصحية بقيادة دولة الإمارات. بالإضافة الى ضمان حكومة الإمارات حقوق المرضى، حسب القرار وزارة الصحة بشأن ميثاق حقوق المريض وواجباته. وكذلك إطلاق المجلس الاستشاري للمرضى وعائلاتهم والذي يهدف إلى بناء علاقة وثيقة وشراكة بناءة مع المرضى وعائلاتهم، للعمل معاً على تحسين جودة الرعاية الصحية في منشآت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، وتحقيق الريادة الصحية بالمشاركة المجتمعية.
تشكل عملية تطوير منظومة التعليم ورؤيتها أبرز الأولويات لحكومة دولة الإمارات، إيمانًا منها بأن التعليم هو أساس تقدم وتطور الأمم، ومن هذا المنطلق طورت الدولة نموذج المدرسـة الإماراتيــة، الذي يركــز علــى توفيــر التعليــم الجيــد منــذ الـمراحل الأولى مرورًا بمسـاراته الخمسـة، كما استحدثت نموذج (مدارس الأجيال) بهدف تطوير الحلقة الأولى من قطاع التعليم الحكومي، وتم إنشاء المركز الوطني لجودة التعليم ليقدم تقييماً حيادياً للحكومة حول مستوى التعليم الحكومي والخاص والعمل على تحسينه بشكل مستمر. بالإضافة الى اعتماد الحكومة الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030، والتي تركز على تطوير منظومة تعليمية مبتكرة، وتعزيز مهارات الطالب، باعتباره حجر أساس العملية التعليمية، وإشراك القطاع الخاص في عملية التطوير والتحديث المستمر لها، والتركيز على الأبحاث والدراسات، وتطوير برامج أكاديمية مبتكرة تعزز من تنافسية الدولة عالمياً. وكذلك وضعت دولة الإمارات استراتيجية المهارات المتقدمة والتي تستهدف ثلاث فئات هي: الطلبة في المدارس والجامعات، وفئة حديثي التخرج، وفئة الموظفين ذوي الخبرة، لتوجيه الكادر الوطني نحو المهارات المستقبلية، ليتمكن من التكيّف مع المتغيرات المتوقعة في سوق العمل، وتحويل التحديات إلى فرص من خلال ترسيخ مبدأ التعلم مدى الحياة.
كما تتصدر دولة الإمارات قائمة الداعمين للجهود الدولية لتوفير التعليم المناسب في المجتمعات التي تعاني أوضاعًا إنسانية صعبة حول العالم، حيث أعلنت دولة الإمارات في قمة “تجديد تعهدات المانحين للشراكة العالمية من أجل التعليم” التي عقدت في يوليو 2021، عن التزامها بتقديم مساهمة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لـ “الشراكة العالمية من أجل التعليم” بهدف دعم الخطة الإستراتيجية للبرامج التعليمية في الدول النامية خلال الفترة من 2021 ولغاية 2025. كذلك تم إطلاق مبادرة تحدي محو الأمية في العالم العربي – 2030 والتي تستهدف 30 مليون شاب وطفل عربي حتى العام 2030 وذلك بالتعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومنظمة اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما قامت دولة الإمارات بتقديم منحة 25 مليون دولار إلى منظمة الأولمبياد الخاص الدولية لتفعيل برنامج الدمج المدرسي للطلاب من جميع القدرات ( برنامج مدارس الابطال الموحدة unified champion schools ) لتستفيد منه في الوقت الحالي 17 دولة من جميع القارات.
السيد الرئيس،
تؤكد دولة الإمارات أن تمكين المرأة يعد شرطًا أساسيًا لضمان تحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في صياغة مستقبل ريادي للدولة، في شتى مجالات الحياة في الدولة، حيث تمثل المرأة ثلث التشكيل الوزاري، و50% من عضوية المجلس الوطني في دولة الإمارات، كما بلغت عدد الشركات المرخصة والمملوكة من النساء 80 ألفًا و25 شركةً، فيما بلغ عدد سيدات الأعمال 32 ألف سيدة أعمال يدرن مشاريع تفوق قيمتها 10 مليار دولار. إضافة لتميّز المرأة الإماراتية في قطاع الفضاء حيث بلغت نسبة مشاركتها بنسبة 80% من الفريق العلمي الخاص بـ “مسبار الأمل” الذي وصل إلى مدار المريخ، وانعكست أوجه تمكين المرأة في تبوأ دولة الإمارات للمرتبة الأولى عالميا في 30 مؤشر للتنافسية العالمية الخاص بالمرأة لعامي 2022 و2023م، وبالنسبة لتوزيع المناصب في المؤسسات الحكومية بحسب الجنس، تمثل المرأة 46.6% من إجمالي القوى العاملة، وتشغل 66% من وظائف القطاع العام منها 30% في مراكز صنع القرار، و15% في الأدوار التقنية والأكاديمية.
وفي إطار حماية الطفل وتوفير الرعاية الكريمة له وضعت الدولة هذا الأمر على رأس أولوياتها، حيث سنت الدولة تشريعات تعزز من حماية الطفل أهمها قانون حقوق الطفل المعروف الذي يكفل توفير الحماية الأفضل للطفل وتمتعه بحقوقه ودعم مصلحته واحترام خصوصيته، وعززت الدولة تنفيذ القانون من خلال إنشاء وحدات حماية الطفل في عدد من الوزارات والدوائر المحلية بالإضافة لتوفير خطوط ساخنة مخصصة للإبلاغ عن حالات الإساءة والعنف ضد الأطفال. كذلك صدرت السياسة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية لتمكين الطفل من حقوقه وخاصة الحقوق التعليمية وحقه في الحماية. كذلك أطلقت وزارة تنمية المجتمع عدة مبادرات تتعلق برعاية الطفل تتضمن: التطبيق الذكي تواصل لمساعدة الأطفال الذين يواجهون مشكلات في التواصل، والتطبيق الذكي نمو للكشف المبكر عن الأطفال المتأخرين نمائياً ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وإحالتهم إلى برنامج الإمارات للتدخل المبكر، وإجراء تقييم شامل لحالتهم، وتقديم الخدمات التأهيلية أو الأسرية المناسبة لهم. وتحتفل دولة الإمارات بيوم الطفل الإماراتي في 15 مارس من كل عام، والذي يهدف إلى توعية جميع فئات المجتمع بحقوق الطفل وضمانها لكي ينمو في بيئة صحية وآمنة وداعمة تطوّر جميع ما لديه من قدرات ومهارات مما يعود بالنفع على مجتمع دولة الإمارات ككل.
وتعزيزًا لجهود دولة الإمارات نحو دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (كما نطلق عليهم في دولة الإمارات أصحاب الهمم) تم إنشاء المركز الوطني للتشخيص والتقييم 2021، الذي يختص بالكشف عن حالات الإعاقة والتأخر النمائي. وتوفير قاعدة بيانات شاملة عن حالات الإعاقة، كما أصدرت الدولة عام 2019، سياسة حماية أصحاب الهمم. وأطلقت حكومة دولة الإمارات السياسة الوطنية لتمكين ذوي الإعاقة – أصحاب الهمم بهدف تحقيق المشاركة الفاعلة والفرص المتكافئة في مجتمع دامج، يضمن الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، وتم إطلاق المنصة الوطنية لتوظيف أصحاب الهمم واعتماد سياسة حكومية لتوظيفهم الامر الذي أدى الى زيادة عدد الملتحقين بالوظائف في القطاعين العام والخاص بنسبة 47%. كما تم اطلاق «كود الإمارات للبيئة المؤهلة» بمجموعة من المعايير والاشتراطات الدولية لضمان تسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة الى اعتماد سياسة التعليم الدامج بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وسياسة الاستجابة لتمكين أصحاب الهمم في حالات الطوارئ والأزمات والكوارث. كما وتم تأسيس المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، الذي يضم مؤسسات حكومية اتحادية ومحلية وأفراد من المجتمع ومن بينهم أصحاب الهمم للعمل على تقديم المشورة بهدف تطوير الخدمات، وإيجاد الحلول للتحديات التي تعوق دمج هذه الفئة في المجتمع. كذلك تم اعتماد الخطة الاستراتيجية لتعزيز حقوق وتنمية الأطفال ذوي الإعاقة، لتغطي جميع الأطفال ذوي الإعاقة الذين يعيشون في دولة الإمارات منذ الولادة وحتى سن 18 عاماً وأسرهم، وتوفر الدولة برامج الرعاية الاجتماعية لأصحاب الهمم لتتضمن حق وصولهم الى الخدمات الحكومية عبر قنوات إضافية للتواصل معهم منها بلغة الإشارة، بالإضافة الى منح بطاقة صحية لأصحاب الهمم تمكنهم من تلقي جميع الخدمات الطبية مجاناً.
يحظى كبار السن في دولة الإمارات بمنظومة متكاملة من الدعم والرعاية التي تضمن لهم سبل الحياة الكريمة، حيث اعتمدت الحكومة في عام 2019، قانون اتحادي بشأن حقوق كبار المواطنين والمقيمين، يضمن لهم الحق في الحماية من التعرض للعنف والإساءة والإهمال، والحق في البيئة المؤهلة والسكن والتعليم والعمل، والحق في الحصول على الخدمات الاجتماعية. وكذلك أطلقت الدولة السياسة الوطنية لكبار المواطنين والتي تهدف الى الارتقاء بجودة حياتهم. كما يحصلون على باقة من الخدمات والامتيازات عبر مبادرة مسرة، يتم إدراجها في بطاقة الهوية الإماراتية بشكل استباقس. وتوفر الدولة خدمات رعاية صحية أولية، واجتماعية، ونفسية، وعلاج طبيعي لكبار السن من خلال الأندية النهارية، أو من خلال برنامج الرعاية المنزلية لكبار السن.
تقدر دولة الإمارات الطاقة والرؤية التي يجلبها الشباب على جميع مستويات الحكومة، وتستثمر دولة الإمارات في طقاتهم باعتبارهم أغلى موارد الدولة، من خلال بناء شخصيتهم، وتطوير البيئة المثلى لتمكينهم وتنمية وتطوير مهاراتهم، وتعزيز مشاركتهم.
وترجمةً لدعم القيادة الرشيدة لشباب الوطن أطلقت الدولة عددًا من المبادرات والبرامج من بينها إعلان حكومة دولة الإمارات عن حزمة مشاريع ومبادرات إستراتيجية ضمن “مشاريع الخمسين”، والتي تشمل إطلاق مشروع Project 5Bn، يتم من خلاله تخصيص 5 مليارات درهم لدعم المشاريع الإماراتية الشابة.
في إطار تعزيز الفرص وصياغة رؤية إمارات المستقبل من خلال تأهيل الشباب وتميزهم في مجال الفضاء واستثمار طاقة الشباب لخدمة الوطن والبشرية، تم اتخاذ “مسبار الأمل” كأساس لمشاريع مستقبلية موجهة للشباب في قطاع الفضاء، كذلك الحال عند إطلاق مركز جامعة خليفة لتكنولوجيا الفضاء والابتكار، وبرنامج الإمارات لرواد الفضاء. وللاستماع لأصوات الشباب وايصال افكارهم تم إنشاء منظومة للمجالس الشبابية على المستويات الوطنية والمحلية والمؤسسية ليصل عددها اليوم إلى 184 مجلس ممثلة بإكثر من 1,800 عضواً، بالإضافة إلى تنظيم اكثر من 330 حلقة شبابية محلية ودولية منذ عام 2016. وذلك بهدف اشراك الشباب في عملية اتخاذ القرار على جميع المستويات ومناقشة أهم الموضوعات ذات العلاقة بالشباب وتطلعاتهم والتحديات التي تواجههم للوصول إلى حلول عملية وأفكار مبتكرة وسياسات فعالة.
السيد الرئيس،
تقديرًا للعمالة باعتبارهم شركاء في التنمية والتزامًا بحقوقهم تم تحديث تشريعاتنا وإجراءاتنا، حيث قامت الدولة خلال السنوات الأخيرة بإجراء مجموعة كبيرة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية وتوفير خدمات استباقية لضمان حماية حقوق العمال في الدولة، ومن أهمها صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021، بشأن تنظيم علاقات العمل الذي أحدث تحول هيكلي في سوق العمل في دولة الإمارات، حيث أوجد المرسوم علاقات تعاقدية متطورة وجديدة في سوق العمل الإماراتي بالإضافة إلى الأنماط الجديدة من العمل وتصاريح العمل في الدولة، فضلا عن المواد التي تحفظ حقوق العمال.
وقد سهل المرسوم مسألة حرية التنقل بين الوظائف للعمالة، كما ضمنت الدولة من خلال الإطار التشريعي المتكامل تغطية حقوق العمال من حيث الرعاية الصحية اللازمة، وإجازات الأمومة والمرضية بمختلف أنواعها، ووضعت إطارًا متكاملًا لتغطية حالات العجز الكلي والجزئي وضمان حقوق العمال في كافة القوانين المُنظمة للعمل بالدولة، بالإضافة لإطلاق منظومة التأمين ضد التعطل، والتي توفر التغطية التأمينية اللازمة للعاملين في القطاع الخاص في حالة التعطل عن العمل.
كما قامت الدولة في عام 2022، بتعديل القانون الاتحادي رقم 10 لعام 2017، بشأن عمال الخدمة المساعدة، حيث يلزم القانون أصحاب الأعمال بتهيئة وتوفير سكن لائق للعامل المنزلي المقيم على نحو يضمن الراحة والخصوصية، وتحمل تكاليف العلاج الطبي له في حالة المرض أو الإصابة وفقًا للنظام الصحي المعمول به في الدولة.
قامت دولة الإمارات بجهود كبيرة لتعزيز حماية العمال على ضوء جائحة كوفيد-19. فقد خصصت خلال تلك الفترة أكثر من 100 مليار دولار أمريكي لتحفيز الاقتصاد ومساعدة الشركات في الاحتفاظ بالموظفين، كما أنشأت سوق عمل افتراضي عبر الإنترنت للإعلان عن وظائف جديدة، وتبنت عددًا من السياسات المبتكرة لضمان رعاية العمال، بما في ذلك تقديم مبادرة الإجازة المبكرة للسماح للموظفين الذين تأثر عملهم بالجائحة بأخذ إجازة سنوية مبكرة في أوطانهم.
أما على صعيد مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، تواصل دولة الإمارات ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر جهودها في هذا الصدد، حيث تعمل اللجنة على تنفيذ اختصاصاتها ضمن الإستراتيجية الوطنية القائمة على خمسة ركائز هامة هي: الوقاية والمنع، والملاحقة القضائية والعقاب، وحماية الضحايا وتعزيز التعاون الدولي، وتقوم اللجنة ضمن خططها السنوية بتنفيذ برامج توعوية تستهدف المجتمع بشكل عام والضحايا المحتملين بشكل خاص.
السيد الرئيس،
تحرص دولة الإمارات على تعزيز تعاونها مع مختلف أجهزة وآليات ولجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، والعمل على تقديم الدعم اللازم لها لأداء مهامها المناطة بها، وذلك من خلال تقديم المساهمات والتبرعات الطوعية السنوية لدعم صناديق الأمم المتحدة، منها على سبيل المثال لا الحصر دعم صندوق التبرعات الطوعية الخاصة بالمساعدة المالية والتقنية للاستعراض الدوري الشامل، ومشروع مكافحة الفساد وحقوق الإنسان.
أما على صعيد التزام الدولة في إطار الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تُعدُّ طرفًا فيها استعرضت الدولة تقريرها الدوري الرابع أمام لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في شهر يونيو 2022، كما استعرضت تقريرها بشأن اتفاقية مناهضة التعذيب أمام اللجنة المختصة في شهر يوليو 2022، وتتابع الدولة ممثلة باللجنة الدائمة لحقوق الإنسان متابعة تنفيذ التوصيات الواردة من تلك اللجان.
وستقوم الدولة خلال العام الجاري بتسليم تقاريرها الدورية الخاصة باتفاقية القضاء الخاصة بجميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقية حقوق الطفل إلى اللجان التعاهدية ذات الصلة، ويسعدني أن أعلن أمام مجلسكم الموقر اليوم عن عزم دولة الإمارات الانضمام للبروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الملحق باتفاقية حقوق الطفل في القريب العاجل.
السيد الرئيس،
لقد كان من دواعي سروي أن أستعرض بعض أوجه التقدم الذي أحرزته الإمارات العربية المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وبلادي عازمة على المضي قدما نحو البناء على ما حققته من إنجازات في مجال حقوق الإنسان، وتسعى وبشكل إيجابي إلى المساهمة والتفاعل مع الممارسات العالمية الأمثل في هذا الشأن، ويتطلع وفد الدولة ومن خلال الحوار البناء التي تتيحه لنا آلية الاستعراض إلى الاستماع لملاحظات وتوصيات الدول.
وأتوجه بالشكر للدول التي أرسلت استفساراتها قبل الجلسة والتي سيتم التعقيب عليها من قبل وفد الدولة خلال الجلسة.
وشكرا السيد الرئيس والحضور الكريم ومن شاركنا عبر الشبكة الافتراضية،،،”