رصد مواطنون ومقيمون تنامي الرغبة في إجراء عمليات التجميل بين الرجال والنساء، ومنها زراعة الشعر وجراحات الأنف والذقن والفيلر والبوتكس وشفط الدهون، وغيرها من العمليات التي تروج لها إعلانات مجهولة على مواقع التواصل، لإجرائها في مراكز طبية غير معروفة، وأخرى خارج الدولة، بأسعار رخيصة.
وتساءلوا عن آلية التعويض عن الأضرار الطبية الناتجة عن الأخطاء الطبية في عمليات التجميل، وهل مسؤولية الأخطاء تقع على المركز الطبي أم شركة التأمين، وكذا قانونية إلزام المرضى توقيع إقرار إخلاء المسؤولية قبل عمليات التجميل.
وأكد مستشار قانوني أن شركات التأمين ملزمة قانوناً بتغطية التعويضات والمطالبات عن الأضرار الناتجة عن عمليات التجميل الخطأ، في حال كان المركز الطبي لديه تغطية تأمينية على العمليات التي يجريها.
وأكد أن توقيع المريض على إقرار بإخلاء المسؤولية من قبل الطبيب أو المركز الطبي عن الأضرار المحتملة قبل إجراء العملية، إجراء غير قانوني، لا يعتد به، ومن ذلك عمليات التجميل، إذ تكون الغاية منها سلامة المريض دون الإضرار به.
وتفصيلاً، قال أشخاص لـ«الإمارات اليوم» إن مواقع التواصل الاجتماعي، شجعت كثيرين – خصوصاً صغار السن – على التفكير في إجراء عمليات تجميل من دون الالتفات إلى الأضرار الصحية لها، متسائلين عن المسؤولية القانونية التي تقع على المراكز الطبية في حال وقع خطأ طبي.
وقالت مريم (مريضة) إنها أجرت عملية زراعة شعر في إحدى العيادات الطبية الخاصة، لكن العملية لم تنجح، ونتج عنها بعض الأضرار، ومنها طفح والتهابات في الجلد، متسائلة عن إمكان إقامة دعوى قضائية على العيادة.
كما تساءلت، في حال كانت هناك شركة تأمين، وما إذا كان ممكناً أن تقيم عليها أيضاً دعوى للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها.
وسأل عبدالله محمد، عن مدى قانونية التوقيع على إقرار بإخلاء المسؤولية القانونية قبل إجراء عملية التجميل، وهل التوقيع عليه يحرمه حقه في المطالبة بالتعويض في حال وقع ضرر ناتج عن العملية؟
وقال بشار (طبيب) إنه يمتلك مركزاً طبياً، يقوم بعمليات اليوم الواحد، وقد أجرى عملية بسيطة لأحد المرضى الذين يعانون السكر والضغط، ولكنه فوجئ في وقت لاحق بأن المريض أقام دعوى قضائية على المركز مطالباً بالتعويض عن الأضرار الصحية الناتجة عن العملية. وعند مراجعة شركة التأمين المتعاقد معها المركز لتغطية تلك الأضرار، رفضت، بحجة أن المركز لم يخطرها وقت وقوع الضرر، متسائلاً عن قانونية ذلك.
من جانبه، أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن من حق كل من يتعرض لأضرار صحية ناتجة عن عمليات التجميل الخطأ أو أخطاء طبية بوجه عام، إقامة دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض المناسب عن الأضرار، بشرط إثباتها وفق القواعد والنظم المعمول بها.
وأضاف أنه يمكن للمتضرر إقامة الدعوى على المركز الطبي المتسبب في الخطأ الطبي، وكذا على شركة التأمين في حال كان المركز لديه تأمين على مثل هذه العمليات لدى إحدى الشركات.
وأكد الشريف مسؤولية شركة التأمين عن تغطية التعويضات الناتجة عن عمليات التجميل، لافتاً إلى أهمية قراءة وثيقة التأمين جيداً، إذ تلزم بعض شركات التأمين المراكز الطبية التي تتعامل معها، بإخطارها بالضرر وقت العلم بوقوعه، كشرط للتغطية التأمينية، لكن هناك بعض الأحكام القضائية التي صدرت تخلت عن مبدأ الإخطار وذكرت أنه غير ملزم.
ونبه الشريف إلى أنه على الرغم من المبالغ المالية الكبيرة التي تستنزفها عمليات التجميل، فإنها أصبحت تشكل هوساً هذه الأيام لدى البعض، للوصول إلى الجمال المثالي المزعوم، سواء عمليات شفط أو تكبير أو تصغير أو زراعة أو تفتيح البشرة وغيرها، ولم تعد قاصرة فقط على النساء، وإنما هناك رجال يقومون بمثل هذه العمليات لملاحقة الموضة.
وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي، تعد من الأسباب الرئيسة وراء هذا الهوس بعمليات التجميل، وتصديق البعض ما يروجه مشاهير التواصل الاجتماعي، متناسين الفلاتر والتقنيات الحديثة التي تجمل الأشخاص، وتظهرهم على غير طبيعتهم، من تغيير للون العيون والبشرة والهيئة وغيرها.
ونبه إلى أن البعض قد يلجأ إلى إجراء عمليات تجميل في مراكز غير معروفة وغير معتمدة لتوفير المال، علماً بأن مثل هذه العمليات تحتاج إلى متخصصين على أعلى مستوى لإجرائها، والتأكد من تطبيق المعايير الصحية والاشتراطات والأصول المتبعة.
وأشار الشريف إلى أن المشرع الإماراتي تناول عقوبة الإهمال الطبي، في قانون العقوبات الاتحادي، الذي نص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز 10 آلاف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين، من تسبب بالخطأ في المساس بسلامة جسم غيره، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنيتن، والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا نتج عن الجريمة عاهة مستديمة أو وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، أو كان الجاني تحت تأثير السكر أو التخدير عند وقوع الحادث أو امتنع عن مساعدة المجني عليه، أو طلب المساعدة له إذا كان في استطاعته ذلك.
الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ الطبي
أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن إقرار الإعفاء من المسؤولية عن الأخطاء الطبية التي يتم إجبار المريض عليها قبل إجراء العملية، غير قانوني، ولا يعفي المركز الطبي أو الطبيب المتسبب في الخطأ الطبي من المسؤولية القانونية.
ولفت إلى أن بعض أطباء التجميل يعتقدون بأن بذل العناية المطلوبة تجاه المريض دون تحقيق نتائج، يعفيهم من المسؤولية، موضحاً أنه «اعتقاد خطأ»، لأن عمليات التجميل غالباً لا يقصد بها الشفاء من مرض أو علة في جسد المريض، وإنما إصلاح عيوب، وهي مختلفة كلياً عن عمليات الجراحة الأخرى.
ونصح الشريف بإجراء عمليات التجميل في المراكز الطبية المعتمدة، والتأكد أن لديها تغطية تأمينية على الأضرار المحتملة عن العمليات، مشيراً إلى أنه في حال لم تكن هناك تغطية تأمينية، يكون المركز الطبي المتسبب في الخطأ الطبي هو المسؤول عن تعويض المريض.