أفاد أطباء مخ وأعصاب بأن عياداتهم تشهد تزايداً في أعداد مراجعين شباب متخوفين من الإصابة بالخرف أو الزهايمر، بسبب معاناتهم أعراضاً شبيهة بأعراضه، أبرزها ضعف التركيز، والنسيان المتكرر.
وتوقع الأطباء تزايد عدد المصابين بمرض الزهايمر خلال السنوات المقبلة، بسبب تزايد المتوسط العمري للفرد، ليصبح 70 عاماً، فيما تبدأ الإصابة بالمرض من عمر 65 عاماً، مؤكدين أن على القطاع الصحي الاستعداد بإنشاء المراكز المتخصصة لرعايتهم.
وبيّن الأطباء أن الأعراض التي تصيب الشباب، وتدخلهم في دوامة الخوف من الإصابة بالمرض، تسمى «الخرف الكاذب»، وتنتج عن الضغوط النفسية، والتوتر والقلق، واتباع نمط حياة غير صحي.
وقال استشاري المخ والأعصاب، الدكتور سهيل الركن، إن عيادات المخ والأعصاب تستقبل أعداداً متزايدة من مراجعين في المرحلة العمرية 30-50 عاماً، متخوفين من إصابتهم بالخرف أو الزهايمر، نتيجة لإصابتهم بأعراض مثل كثرة النسيان أو ضعف التركيز، مؤكداً أن «الإصابة بالمرض في هذه المرحلة العمرية نادرة».
وأوضح أن «المصابين بوهم الزهايمر أو الخرف، يكتشفون عند زيارتهم الطبيب أن مشكلتهم تكمن في تعرضهم للتوتر والقلق وبعض الضغوط النفسية، التي تؤدي إلى تشتت الذهن وعدم التركيز، وهي بعيدة تماماً عن مرض الزهايمر»، مطالباً أي شخص يلاحظ على نفسه هذه الأعراض بمراجعة الطبيب لتشخيص المرض والبدء في العلاج.
وذكر أن أعداد المصابين بمرض الزهايمر بالدولة في تزايد، نتيجة لتطور الرعاية الصحية، وأثرها المباشر في ارتفاع المتوسط العمري للإنسان، وبالتالي زيادة أعداد كبار السن، الفئة الأكثر عرضة للمرض، مطالباً الجهات الصحية بالاستعداد لهذه الفئة بالتوسع في تأسيس مراكز الرعاية الخاصة بهم.
ولفت الركن إلى أن الزهايمر أو الخرف هو مجموعة من الأعراض التي تصيب الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية والمهارات اليومية، بدرجة تؤثر في الممارسة الحياتية للشخص المصاب، وتحدث نتيجة للإصابة بأمراض عدة، وليس بمرض واحد معين، مشيراً إلى أن «أشهر أنواع الخرف على الصعيد العالمي هو مرض الزهايمر».
وأكد أن الإصابة بمرض الزهايمر تبدأ بعد عمر 65 عاماً بين الرجال والنساء، وتعد احتمالية الإصابة به لدى النساء أكثر من الرجال، ويمر المصاب بالمرض بثلاث مراحل، تبدأ بنسيان المريض بعض الكلمات والأمور الحياتية البسيطة، وتستمر من سنة إلى ثلاث سنوات، حيث يلاحظ المريض أن الجميع يصحح له الأخطاء، وبالتالي يصبح كثير النسيان والسرحان، وقليل التركيز، وينسى معاني وأسماء كثير من الكلمات، ويواجه صعوبة في استخدام الهاتف أو الريموت، وتأتي المرحلة الثالثة ليكون فيها المريض معتمداً إلى حد بعيد على الأهل، ويحتاج إلى العناية والرعاية المستمرة، حيث يعاني فقدان الذاكرة، وصعوبة في التواصل والتعبير، وتضعف لديه القدرات البصرية، ويعاني صعوبة في التخطيط والتعلم، والتوهان والاضطراب، الأمر الذي تصاحبه أمور نفسية، مثل الاضطراب والقلق، والهلوسة، والاكتئاب.
وأشار الركن إلى أن أكثر من 95% من مصابي الزهايمر لا يوجد لديهم أسباب معلومة، أي لا يعانون الخلل الجيني الذي يحدث نتيجة تجمع مجموعة من البروتينات تؤدي إلى ضمور الدماغ.
وتشير الدراسات إلى أن 5% من المصابين بالمرض فقط يصابون به لأسباب وراثية.
وتابع أن من المشكلات التي قد تؤدي إلى تسارع ظهور المرض، تكرار الجلطات الدماغية، والإفراط في استخدام المواد الضارة (مثل الخمور والمخدرات والسكر)، وفي حال أصيب بالزهايمر، توجد بعض العلاجات حالياً، إلا أنها لا تغير من طبيعة المرض، وإنما تقلل من أعراضه فقط، مشيراً إلى أن الطبيب يتعرف إلى المرض عادة من خلال تقييم المدارك العقلية والحسية والوظيفية لديه، وإجراء بعض الفحوص على وظائف الكبد والغدة وفحوص أخرى دقيقة.
ونصح الركن من يعانون وسواس ووهم الإصابة بمرض الزهايمر بالتأكد من عدم معاناتهم الاكتئاب، والضغوط الحياتية والنفسية، وعدم وجود إصابات أو أمراض في الدماغ قبل الاستسلام لوهم الإصابة بالمرض.
من جانبه، قال رئيس قسم الأعصاب في مستشفى راشد، الدكتور أبوبكر المدني، إن كثيراً من الأشخاص في عمر الشباب يصابون بما يسمى «الخرف الكاذب»، وهي أعراض تشبه أعراض مرضى الزهايمر، مثل تراجع القدرة على التركيز، وتكرار النسيان، التي يثبت الفحص أنها ناتجة إما عن ضغوط نفسية وعصبية، أو الاكتئاب، وفي كثير من الأحيان تحدث بسبب نقص في بعض الفيتامينات الحيوية، التي يؤثر نقصها في هذه الوظائف على نحو مباشر.
ولفت المدني إلى أن المستوى التعليمي للشخص من العوامل المؤثرة بمثل هذه الأعراض، كذلك مدى اعتماد الشخص على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة وتدبير مهامه الحياتية.
وأفاد رئيس قسم المخ والأعصاب في مستشفى السعودي الألماني بدبي، الدكتور أحمد موسى، بأن اعتماد الإنسان على تقنيات الذكاء الاصطناعي في حياته اليومية من شأنه التأثير في كفاءة الدماغ بشكل عام، وقد تنتج عنها الإصابة ببعض الأعراض التي تشبه أعراض الزهايمر، إلا أنه لا توجد دراسات علمية تربط بين الإصابة بالمرض وهذه الممارسات، مؤكداً أنه كلما قل الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي زادت كفاءة الدماغ.
وأكد أن عيادات المخ والأعصاب تستقبل شباباً في الثلاثينات من عمرهم، يعانون مخاوف الإصابة بالمرض، بسبب معاناتهم أعراضاً مثل كثرة النسيان أو ضعف التركيز، الذي يعود في الأساس إلى أمراض أخرى، ونمط حياة غير صحي.
وشدد على ضرورة اتباع طرق الوقاية من المرض، مثل الكشف المبكر، والفحص الدوري، خصوصاً من عمر 55 عاماً فما فوق، لاكتشاف المرض مبكراً، وبدء التدخلات العلاجية، والتقليل من أعراضه وآثاره السلبية.
وكشف تقرير حديث صادر عن «مؤسسة دبي للمستقبل» على هامش الدورة الأخيرة من القمة العالمية للحكومات، أن نسبة السكان الذين ستزيد أعمارهم على 65 عاماً في الإمارات بحلول عام 2050، تبلغ نحو 28%.
وأضاف أن تحسن الصحة، وانخفاض الخصوبة، بشكل عام، سيؤديان إلى زيادة متوسط عمر أفراد المجتمع.
وحسب التقرير، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، ستتجاوز نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، 20% في ست دول من أصل 22 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وستراوح بين 12% و19% في تسع دول أخرى.
وحددت هيئة الصحة في دبي خمسة أعراض أساسية إذا شعر بها الإنسان فإنه قد يكون مصاباً بمرض الزهايمر، وعليه مراجعة الطبيب المختص لتلقي العلاج اللازم.
وأوضحت أن الأعراض الخمس تتمثل في فقدان الذاكرة، وصعوبة التخطيط وتنفيذ المهام الاعتيادية، وصعوبة إصدار الأحكام والقرارات، وصعوبة التفكير والاستدلال، والتغيرات في الشخصية والسلوك.
يذكر أنه لا يوجد علاج شافٍ كلياً لمرض الزهايمر، وإنما توجد أدوية وأساليب علاجية تخفف من أعراض المرض، وتمكن المريض من التعايش مع مرضه، والتواصل بشكل فعّال مع محيطه المجتمعي.
وتبدأ أعراض الزهايمر من عمر الـ65 عاماً، إذ مع بداية وصول الإنسان إلى الأربعينات من العمر، يبدأ العديد من أجهزة الجسم في الضعف، والتراجع تدريجياً، ويبدأ معها حدوث ضعف وضمور في الدماغ، إلا أن مريض الزهايمر يكون ضعفه متزايداً بشكل أكبر.
وأشارت دراسات علمية حديثة إلى أن الإنسان الذي يجيد أكثر من لغتين، يكون أقل عرضة للإصابة بمرض الزهايمر ممن يجيد لغة واحدة، وكذلك من يتبع نمطاً غذائياً يعتمد على بعض الأغذية، مثل التين، واستخدام زيت الزيتون، وبعض الأغذية في حوض البحر الأبيض المتوسط.
«توقعات بتزايد عدد المصابين بـ(الزهايمر).. بسبب زيادة المتوسط العمري للفرد».
«الأعراض التي تصيب الشباب وتدخلهم في دوامة الخوف من الإصابة بالمرض تسمى (الخرف الكاذب)».
حقائق
حددت منظمة الصحة العالمية بعض الحقائق عن مرض الزهايمر، مثل:
■ أكثر من 55 مليون شخص في العالم يعانون الخرف، أكثر من 60% منهم في البلدان المنخفضة
والمتوسطة الدخل.
■ يسجل العالم كل عام ما يقرب من 10 ملايين حالة جديدة مصابة بالمرض.
■ ينتج الخرف عن مجموعة متنوعة من الأمراض والإصابات التي تؤثر في الدماغ.
■ الزهايمر أكثر أنواع الخرف شيوعاً وقد يسهم في 60-70% من الحالات.
■ الخرف حالياً السبب السابع للوفاة وأحد الأسباب الرئيسة للإعاقة والاعتماد على الآخرين بين كبار السن
على الصعيد العالمي.
■ عام 2019، كلّف الخرف اقتصادات العالم 1.3 تريليون دولار.
■ النساء أكثر إصابة بالخرف من الرجال.