انتشر في الآونة الأخيرة أسلوب احتيالي جديد، عبارة عن رسائل نصية تبدو في ظاهرها غير مقصودة، ترد من أرقام من خارج الدولة عبر تطبيقات الدردشة، لحسابات تحمل صور نساء يتميزن بقدر من الجمال، تخاطب خلالها المرأة المزعومة الضحية المستهدفة باسم عشوائي على اعتبار أن هناك معرفة وعلاقة تجارية تربطهما، وحين يردّ المتلقي بأنه ليس الشخص المطلوب، تفتح حواراً مختلفاً كأنها تريد التعرف عليه وتحاول إغراءه بمكاسب مالية.
وكشف عدد من متلقي هذه الرسائل لـ«الإمارات اليوم» أن المرأة المجهولة، أو الشخص الذي ينتحل صفتها، يتمتع بالاحترافية والقدرة على جر المستهدف للحديث معه، ومن ثم يبادر إلى إغرائه بالعمل معاً وتحقيق مكاسب كبرى.
وحول هذه الأساليب قال رئيس نيابة أول بنيابة ديرة في دبي، المختص بالجرائم الإلكترونية المستشار دكتور خالد الجنيبي، لـ«الإمارات اليوم» إن الأسلوب الاحتيالي لا يتغير إطلاقاً، وإنما تتغير الكذبة التي يبتكرها المحتال في كل مرة بعد أن يفطن إلى أن كذبته السابقة كشفت وأصبح الناس على وعي بها.
وأضاف أن المحتالين يستغلون عادة الأحداث والفعاليات الكبرى لاصطياد ضحاياهم، ففي كل مناسبة تظهر كذبة جديدة، مثل ترويج الجوائز بمناسبة إكسبو، أو إعلانات الوظائف، وتحديث البيانات البنكية، وكذبة الطرود البريدية وغيرها.
وأوضح أن هذه الأساليب الاحتيالية انطلت على البعض حين ظهرت أول مرة، إلى أن أدرك الناس ماهيتها، ولم تعد مجدية، وهذا ما يعتمد عليه المحتالون، إذ يدركون أن السر في كيفية إقناع الضحية بالكذبة الجديدة، إلى أن يبتكروا أخرى.
وأشار إلى أن الكذبة هذه المرة تعتمد على كيفية إقناع الشخص المستهدف بأن الطرف الآخر أرسل إليه الرسالة بالمصادفة، فيسعى المحتال إلى كسب ثقته متخفياً وراء صورة ربما تثير فضوله، وهو أقرب إلى من يرمي شباكه في بحر واسع، محاولاً صيد أكبر قدر من الضحايا.
ولفت الجنيبي إلى أن «البعض يعتقد أن هذه خدع ساذجة، ومن الصعب الوقوع فيها، ولكن بحكم ما يمر علينا من حالات وقضايا، فإن هناك أشخاصاً يسقطون في هذا الفخ، ربما لعدم وعيهم الكافي بوسائل التواصل الحديثة، ومخاطرها».
وأكد أن هذه الجريمة تحديداً لا يمكن أن تقع من دون مساهمة المجني عليه، سواء بالإفصاح عن بياناته السرية، أو بالضغط على روابط مشبوهة لأسباب لا يمكن أن تكون مقبولة مثل سداد قيمة طرد بريد لا يتوقعه من الأساس، أو لشراء وجبة سريعة بأقل من ثمنها المعروف.
وحدد عدداً من الخطوات لحماية أفراد المجتمع من مخاطر الاحتيال الإلكتروني، أهمها عدم الاستجابة لرسائل من أشخاص مجهولين، أو الإفصاح هاتفياً أو عبر الإنترنت عن بيانات البطاقات الائتمانية، وعدم الثقة بالرسائل التي تبشر بالفوز بجائزة أو تلقي هدايا عبر طرود بريدية، وعدم الشراء عبر مواقع إلكترونية أو حسابات مشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي، أو الضغط على روابط مجهولة في رسائل ترد عبر البريد الإلكتروني.
إلى ذلك، كشف أشخاص تلقوا هذه الرسائل الخادعة عن طبيعة الأسلوب الاحتيالي، فقال عمر محمد إن رسالة وردت إليه من رقم خارجي يرجع إلى إحدى الدول الآسيوية عبر تطبيق «واتس أب»، وكان الحساب يحمل صورة امرأة أرسلت إليه عبارة باللغة الإنجليزية «أهلاً مستر ناصر هل تلقيت رسالتي عبر البريد».
وأضاف أنه ردّ عليها بتلقائية، موضحاً أنه ليس الشخص المقصود، فاعتذرت بأدب مشيرة إلى أن مساعدتها أعطتها رقم هاتف غير صحيح، وأن رقم الشخص المقصود يشبه رقم هاتفه إلى حد كبير، فأخبرها بأنه لا توجد مشكلة.
وأشار إلى أنه اعتقد أن الحوار انتهى عند هذه النقطة، لكنها واصلت الحديث وسألته عن المكان الذي يعيش فيه، فأخبرها بأنه يقيم في دبي، فأبدت إعجابها بالمدينة، ثم أثارت معه حديثاً حول طبيعة عمله وعملها كسيدة أعمال في مجال الملابس، ثم أبدت رغبتها في فتح مجال لعملها بالدولة، وسألته ما إذا كان مهتماً بذلك سيجني أرباحاً كبيرة، لكنه اشتبه في أمرها وحجب رقم هاتفها.
فيما ذكر أحمد علي أن رسالة وردت إليه من امرأة تحمل ملامح جميلة تسأله «أهلاً مستر نسيم، هل يمكن أن تخبرني أكثر بما يمكن أن تقدمه وكالتك السياحية من خدمات في دبي؟»، لافتاً إلى أنه أوضح لصاحبة الرسالة أنه ليس الشخص المقصود، ففوجئ بها تحاول جره إلى حديث آخر وتحدثه عن فرص كبرى يمكن أن تدر عليه أرباحاً كبيرة، لكنه لم يشعر بالراحة حيالها، ولم يتجاوب معها. أمّا عماد ممدوح، فتلقى رسالة من رقم خارجي كذلك يعود إلى حساب امرأة أيضاً، تسأله بشكل مباشر ما إذا كان فرانكي من شركة التصميم الداخلي للمنازل في دبي، وحين ردّ بأنه ليس الشخص المقصود، حاولت إغواءه بحديث ناعم، إلا أنه صدها.
• «المحتالون يبتكرون أكاذيب جديدة لتنفيذ جريمة واحدة».