تمثل شبكات التواصل الاجتماعي سوقاً موازية للأدوية مجهولة المصدر، ويلعب مروّجوها على وتر حساس عند ضحاياهم وهو حاجتهم للعلاج، فتجد دواء واحداً يعالج الأمراض جميعها، ويركزون على المزمنة منها مثل السكري، والضغط، وعلل المعدة، مثل متلازمة القولون العصبي.
ورغم التحذيرات المستمرة والتوعية المتكررة من قبل الجهات المختصة بالدولة، وفي مقدمتها وزارة الصحة، والهيئات المحلية في كل إمارة؛ فإن «الغريق يتعلق بقشة»، فيقع البعض ضحايا هؤلاء التجار الافتراضيين معدومي الذمة والضمير، خصوصاً أنهم يضعون على أدويتهم دائماً شعار أنها حاصلة على ترخيص من جهة ما، ويحرصون على تجييش لجانهم للتعليق على هذه المنتجات والتأكيد على فاعليتها ونجاحها منقطع النظير في القضاء على الأمراض.
ولا شك في أن الطلب ازداد على هذه الأدوية المغشوشة خلال جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وأظهرت الوجه القبيح لكثير من أثرياء الجائحة، الذين روجوا لأدوية مغشوشة ادعوا أنها فعالة في مكافحة الفيروس اللعين، مستغلين جميع الوسائل الممكنة للمتاجرة بآلام الناس ومخاوفهم، وجهلهم بالمركبات الدوائية.
إن المتابع للمشهد الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الـ10 الأخيرة يلاحظ التطور الملحوظ في مكافحة الممارسات غير الشرعية التي تمس هذا القطاع من خلال سن قوانين رادعة لها من جهة، وتتبعها محلياً وإقليمياً ودولياً للقضاء عليها من جهة أخرى.
ولا يخفى على القاصي والداني الجهود المبذولة في القضاء على الأدوية المغشوشة، فقد ضبطت شحنات على مدار السنوات الماضية كانت في طريقها إلى الدولة إلى أن أُعلنت خالية كلياً من الأدوية المغشوشة خلال العام الماضي، وهذا إنجاز عظيم يعكس الرغبة الصادقة في تعزيز صورة الإمارات وجهة علاجية رفيعة المستوى، خصوصاً في ظل ما تملكه من مرافق طبية استثنائية.
ويرى المتابع تحذيراً شبه يومي من عقار أو دواء يروج على وسائل التواصل وشبكة الإنترنت، وهو الأمر الذي يعكس عدم الاكتفاء بمجرد المكافحة الميدانية، بل يتجاوز إلى العالم الافتراضي.
الموضوع جد خطير في ظل تركيز هؤلاء المستغلين على أدوية بعينها يحتاجها كثيرون، وكذلك على المكملات الغذائية التي يقبل عليها ممارسو الرياضة الراغبون في الحصول على قوام مثالي بسرعة ودون جهد!
لقد سنّت الدولة قوانين رادعة لمكافحة هذه الممارسات، وبحسب المادة 110 من القانون رقم 8 لسنة 2019 يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، كل من غش أو قلد منتجاً طبياً أو مواد أولية، أو كيميائية أو أغذية صحية أو مواد تجميل ذات مردود طبي، أو قام ببيعها للغير أو جلبها بطرق غير مشروع أو هربها إلى الدولة.
إجمالاً تبذل الدولة أقصى ما بوسعها لحمايتنا من هذه المخاطر، ولا يتبقى فقط سوى أن نتمتع بقدر من الوعي والحذر، واللجوء إلى أهل الاختصاص حتى لا نقع فريسة لتجار المرض والموت.
محكم ومستشار قانوني