بناء اقتصاد المعرفة: الإمارات نموذجاً رائداً ومستقبل مستدام
تعد اقتصاد المعرفة محركاً أساسياً للنمو والتطور في عالمنا المعاصر، وتسعى العديد من الدول إلى تبني استراتيجيات تهدف إلى تعزيزه. وفي هذا السياق، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج رائد في بناء هذا النوع من الاقتصاد، وذلك من خلال رؤية استشرافية وسياسات مبتكرة تركز على الاستثمار في الإنسان والابتكار. هذا ما أكده سعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، خلال اليوم الأول من فعاليات قمة المعرفة 2025 في دبي.
قمة المعرفة 2025: منصة عالمية لصناعة المستقبل
تستضيف دبي حالياً فعاليات قمة المعرفة 2025 في نسختها العاشرة، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”. وقد تحولت القمة، على مدار عقد كامل، إلى منصة دولية مرموقة لتبادل الخبرات والمعرفة، وصناعة ملامح المستقبل.
بن حويرب أوضح أن القمة نجحت في ترسيخ مكانتها كملتقى سنوي يجمع العقول المبدعة، والخبراء، وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم. فقد استضافت على مدار الدورات التسع الماضية أكثر من 900 متحدث عالمي، ونظّمت ما يزيد عن 1000 جلسة حوارية وورشة عمل، بينما تجاوز عدد المتابعين عبر المنصات الرقمية مليوني مشاهدة تراكمية. هذا النجاح يعكس الأهمية المتزايدة التي توليها دولة الإمارات لتعزيز دور المعرفة في التنمية المستدامة.
تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية: شعار القمة 2025
تحمل قمة المعرفة لهذا العام شعار “أسواق المعرفة: تطوير المجتمعات المستدامة”، وهو دليل واضح على تحول تركيز القمة نحو تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية مضافة. يهدف هذا الشعار إلى دعم الاقتصاد المستدام من خلال تعزيز الابتكار، والاستفادة من البيانات، وتوظيف البحث العلمي في خدمة التنمية الشاملة.
يُعد نقل المعرفة وتطبيقها في الصناعات المختلفة أمراً بالغ الأهمية لتحقيق النمو الاقتصادي. إن تطوير أسواق المعرفة يساهم في خلق فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز القدرة التنافسية للدولة على المستوى العالمي.
العدالة في الوصول إلى المعرفة: ركيزة أساسية للتنمية
أكد بن حويرب أن نسخة هذا العام من القمة تولي اهتماماً خاصاً لترسيخ مبدأ العدالة في الوصول إلى المعرفة، مشدداً على أن المعرفة حق أساسي للجميع، وأن توفيرها للجميع هو محرك أساسي للتنمية المستدامة.
هذا المبدأ يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات، والأكاديميين، ورواد الأعمال، والمجتمع المدني، بهدف صياغة سياسات قادرة على مواكبة التغيرات العالمية المتسارعة، خاصة في المجالات الحيوية مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. إن الاستثمار في التعليم والتدريب، وتوفير البنية التحتية اللازمة للوصول إلى المعلومات، وتمكين الأفراد من تطوير مهاراتهم، هي خطوات أساسية نحو تحقيق العدالة المعرفية.
أهمية الاستثمار في العقول المبدعة
يرى بن حويرب أن السنوات الخمس المقبلة ستكون حاسمة في مسيرة صناعة المستقبل، مؤكداً على ضرورة الاستثمار في الإنسان والعقول المبدعة باعتبارها المورد الأكثر استدامة. إن الابتكار يتطلب بيئة محفزة تدعم الإبداع، وتشجع على التجريب، وتوفر التمويل اللازم للمشاريع الواعدة.
وشدد على أهمية التغيير المستمر وعدم الركون إلى الماضي، قائلاً: “من لا يتغيّر تتغيّر عليه الظروف فيتراجع، ومن لا يتطور لا ينتظره قطار العالم السريع.” هذه المقولة تلخص فلسفة دولة الإمارات في التعامل مع التحديات والفرص التي يطرحها العصر، وتحث على تبني نهج استباقي يركز على الاستعداد للمستقبل.
مؤشر المعرفة العالمي: مرجع دولي في قياس التقدم المعرفي
تعتبر التقارير والمؤشرات التي تصدرها قمة المعرفة مرجعاً معتمداً للعديد من المؤسسات الدولية. ومن أبرز هذه المؤشرات، مؤشر المعرفة العالمي، الذي يساهم في تعزيز جهود الدول في بناء مجتمعات أكثر جاهزية واستدامة.
يقدم المؤشر تحليلاً شاملاً لأداء الدول في مختلف المجالات المعرفية، ويساعدها على تحديد نقاط القوة والضعف، ووضع استراتيجيات فعالة لتحسين وضعها. تعد البيانات الموثوقة والمؤشرات الدقيقة أدوات أساسية لصناع القرار، وتساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة.
في الختام، تسلط قمة المعرفة 2025 الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه الاستثمار في المعرفة في بناء مستقبل مستدام. إن نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة يثبت أن الاستثمار في الإنسان والابتكار هو الطريق الأمثل لتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. ندعو الجميع إلى الاستفادة من فعاليات القمة، والمشاركة في الحوارات والنقاشات التي ستساهم في تشكيل ملامح المستقبل.
