أعلنت أكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، التابعة لجامعة الشارقة، عن تقدمها خطوات كبيرة نحو إطلاق القمر الصناعي المكعب “الشارقة سات-2”. حيث بدأت الأكاديمية مرحلة الاختبارات النهائية لهذا المشروع الطموح خلال زيارة عمل مهمة إلى مملكة هولندا، وذلك في إطار التعاون الدولي وتسريع وتيرة الإنجاز. يمثل هذا القمر الصناعي خطوة هامة نحو تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال استكشاف الفضاء وتكنولوجيا الأقمار الصناعية.
“الشارقة سات-2”: اختبارات حاسمة في هولندا قبل الإطلاق
تمثل الزيارة إلى شركة Innovative Solutions In Space (ISISPACE) نقطة تحول أساسية في مشروع “الشارقة سات-2”. هذه الشركة المتخصصة في تطوير وتجميع الأقمار الصناعية المكعبة وأنظمة الفضاء المتقدمة، هي شريك رئيسي في هذا المسعى العلمي والتقني. الهدف من الزيارة هو التأكد من أن جميع الأنظمة الفرعية تعمل بتكامل تام، وأن القمر الصناعي مستعد لمواجهة الظروف القاسية للفضاء.
التعاون بين الأكاديمية والجهات الحكومية في الشارقة
لا يقتصر العمل على “الشارقة سات-2” على الأكاديمية فحسب، بل هو ثمرة تعاون وطني مثمر. يشارك في المشروع بشكل فعال عدد من الجهات الحكومية في إمارة الشارقة، بما في ذلك بلدية الشارقة، ودائرة التخطيط والمساحة، وهيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة. هذا التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والحكومية يعكس رؤية الشارقة في دعم الابتكار وتطوير قطاع الفضاء.
مراحل الاختبارات النهائية: فحص دقيق للأداء الوظيفي والبيئي
تعد أنشطة التجميع والاختبار (AIT)، التي كانت محور الزيارة، من أهم مراحل إعداد القمر الصناعي للإطلاق. وتشمل هذه الأنشطة سلسلة من الاختبارات الشاملة التي تهدف إلى تقييم الأداء الوظيفي والبيئي للقمر الصناعي.
تضمنت الاختبارات فحص أنظمة الطاقة وأوضاع الأمان، وتقييم كفاءة أنظمة الاتصال، والتأكد من جاهزية برمجيات الطيران. هذه الاختبارات ضرورية للتأكد من أن القمر الصناعي يمكنه استقبال الأوامر من المحطة الأرضية وإرسال البيانات بشكل موثوق. بالإضافة إلى ذلك، تم إجراء اختبارات مكثفة على الهيكل والمكونات للتأكد من قدرتها على تحمل الاهتزازات والصدمات التي تحدث أثناء الإطلاق.
محاكاة ظروف الفضاء القاسية
لضمان قدرة “الشارقة سات-2” على العمل بكفاءة في الفضاء، تم تعريضه لظروف مشابهة لتلك التي سيواجهها في المدار. تضمنت هذه المحاكاة وضع القمر الصناعي في غرفة الفراغ الحراري، حيث تم التحكم في درجة الحرارة والفراغ لمحاكاة البيئة الفضائية. كما أجريت اختبارات الاهتزاز الميكانيكي، التي تحاكي الاهتزازات التي تحدث أثناء الإطلاق.
معايير الجودة والاجتماعات الفنية: ضمان أعلى مستويات الأداء
لم تقتصر الزيارة على الجوانب التقنية للاختبارات، بل شملت أيضًا التأكيد على معايير الجودة المعتمدة في تصنيع وتجميع وفحص الأنظمة الإلكترونية. شارك الوفد في ورشة تعريفية حول معايير IPC، وهي مجموعة من المعايير التي تحدد أفضل الممارسات في صناعة الإلكترونيات.
بالإضافة إلى ذلك، عقد الوفد اجتماعات فنية وتنسيقية مع مهندسي الأنظمة في ISISPACE، لمناقشة نتائج الاختبارات ومعالجة أي مشكلات محتملة. هذه الاجتماعات ساهمت في ضمان أن القمر الصناعي “الشارقة سات-2” يلبي أعلى معايير الأداء والجودة. يبرز هذا التعاون أهمية بناء القدرات الوطنية في مجال الفضاء.
“الشارقة سات-2”: مهمة رصد الأرض ودعم التنمية المستدامة
“الشارقة سات-2” ليس مجرد مشروع فضائي، بل هو استثمار في مستقبل إمارة الشارقة. مزود بكاميرا متطورة للتصوير الطيفي، يمكن لهذا القمر الصناعي توفير صور عالية الدقة تصل إلى خمسة أمتار، مما يجعله أداة قيمة لمهام رصد الأرض ودراسة مواردها الطبيعية.
سيدعم القمر الصناعي جهود الشارقة في مجالات التخطيط العمراني، ومراقبة التغيرات البيئية، وإدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز الاستجابة للطوارئ والكوارث. كما سيساهم في دعم قطاعات حيوية مثل الزراعة المستدامة وحماية المناطق الساحلية. من خلال هذا المشروع، تسعى الشارقة إلى تعزيز دورها كمركز إقليمي للابتكار واستشعار عن بعد.
نظرة إلى المستقبل: إطلاق “الشارقة سات-2” في الربع الأول من عام 2026
من المقرر إطلاق القمر الصناعي “الشارقة سات-2” في الربع الأول من عام 2026. تعتبر هذه خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف الأكاديمية في مجال الفضاء، وتعزيز مكانة الشارقة كقوة صاعدة في هذا المجال الحيوي. ومع استمرار العمل على الاختبارات والتحسينات، يتطلع فريق الأكاديمية إلى إطلاق هذا القمر الصناعي وإحداث تأثير إيجابي على المجتمع والبيئة. النجاح في هذا المشروع سيعزز بشكل كبير من مكانة الإمارات في مجال الفضاء والعلوم.
