أحدثت وزارة الموارد البشرية والتوطين في دولة الإمارات العربية المتحدة نقلة نوعية في تقديم خدماتها، وذلك من خلال الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة. فقد أعلنت الوزارة عن إنجاز ما يقرب من 13 مليون معاملة بشكل كامل دون تدخل بشري منذ بداية العام وحتى العاشر من ديسمبر الجاري، مما يعكس التزامها الراسخ بالتحول الرقمي وتسهيل الإجراءات للمتعاملين. هذا الإنجاز يمثل خطوة هامة نحو تحقيق رؤية الإمارات 2030، وتعزيز تنافسية سوق العمل.
إنجازات غير مسبوقة بفضل الذكاء الاصطناعي
يشكل هذا الرقم المذهل، الذي تجاوز 13 مليون معاملة، دليلاً قاطعاً على نجاح استراتيجية الوزارة في تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة في مختلف جوانب عملها. لم يقتصر الأمر على الكم، بل شمل أيضاً نوعية الخدمات المقدمة، حيث تم تطويرها لتكون أكثر سرعة وسلاسة وفعالية. هذا التطور يتماشى بشكل كامل مع برنامج “تصفير البيروقراطية” في مرحلته الثانية، والذي يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتقليل الأعباء على الشركات والأفراد.
خدمات متنوعة تحت مظلة الأتمتة
شملت المعاملات المنجزة مجموعة واسعة من الخدمات التي تقدمها وزارة الموارد البشرية والتوطين، بدءًا من إصدار وتجديد تصاريح العمل، مروراً بخدمات التوظيف، وصولاً إلى إجراءات الامتثال والتفتيش. هذا التنوع يؤكد أن الوزارة لم تقتصر على أتمتة بعض الإجراءات الروتينية، بل سعت إلى تطوير حلول ذكية شاملة تغطي كافة احتياجات المتعاملين.
تطوير نظام حصص تصاريح العمل بالذكاء الاصطناعي
من أبرز مخرجات هذا التحول الرقمي هو تطوير نظام حصص تصاريح العمل للمنشآت (الكوتا) باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. يهدف هذا النظام الجديد إلى دعم نمو الشركات من خلال تسهيل حصولها على تصاريح العمل اللازمة، وتقليل الإجراءات المعقدة.
كيف يعمل نظام الكوتا الذكي؟
يعتمد النظام المطور على تحليل البيانات وتوقع احتياجات الشركات من القوى العاملة. يتم منح “الكوتا” المبدئية بشكل تلقائي بناءً على تقييم الذكاء الاصطناعي لحالة الشركة ونشاطها. في حالة طلب حصص إضافية، يقوم النظام بتقييم الطلب بناءً على نموذج تنبؤي، والموافقة عليه تلقائياً إذا كانت الحصص المطلوبة ضمن التقديرات. أما إذا تجاوزت الحصص المطلوبة التقديرات، يتم إحالة الطلب إلى لجنة مختصة للمراجعة.
نتائج ملموسة في كفاءة العمل
أظهر نظام الكوتا الذكي نتائج ملموسة في تحسين كفاءة العمل وتقليل الجهد البشري. فقد تم منح حوالي 900 ألف حصة للمنشآت منذ بداية العام وحتى أكتوبر الماضي، مع معالجة أكثر من 11 مليون معاملة من خلال الأتمتة. كما ساهم النظام في تقليص الجهد البشري بنسبة 56% لأكثر من 175 ألف طلب، واختصار الوقت المستغرق في المراجعة والموافقة على طلبات الحصص الإضافية بنسبة تصل إلى 99%، مما قلل ساعات العمل من 10 أيام إلى ثانية واحدة في بعض الحالات. هذا التحسن الكبير يعزز من دقة وسرعة الإجراءات، ويقلل من الأخطاء المحتملة.
الاستدامة والتعلم الذاتي في تطوير الخدمات
لا تتوقف جهود وزارة الموارد البشرية والتوطين عند هذا الحد، بل تتبنى منهجية مستدامة لتطوير الخدمات باستخدام حلول الذكاء الاصطناعي بالشكل الأمثل. تستفيد الوزارة من بنيتها التحتية الرقمية المتطورة، وتعمل على تطوير مهارات كوادرها الوظيفية للتعامل بكفاءة مع الأتمتة الذكية. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الوزارة بالربط الإلكتروني مع شركائها في منظومة العمل الحكومي، مما يعزز من سهولة الإجراءات وتلبية تطلعات المتعاملين.
نظام يتعلم ويتطور باستمرار
يتميز نظام الكوتا بقدرته على التعلم الذاتي وتحسين قراراته باستمرار. يقوم النظام بتحليل البيانات الجديدة ومراجعة الأنماط التشغيلية للمنشآت لتعديل توقعاته وتحديد احتياجاتها بدقة أكبر. هذا يعني أن جودة ودقة مخرجات النظام ستتحسن بمرور الوقت، مما يضمن تقديم أفضل الخدمات للمتعاملين. كما أن هذا التطور المستمر يعكس التزام الوزارة بالابتكار والتحديث، ومواكبة أحدث التطورات في مجال التحول الرقمي و خدمات الموارد البشرية.
في الختام، يمثل إنجاز وزارة الموارد البشرية والتوطين في أتمتة المعاملات وتطوير نظام الكوتا باستخدام الذكاء الاصطناعي نموذجاً رائداً في التحول الرقمي للخدمات الحكومية. هذا الإنجاز لا يعزز فقط كفاءة العمل ويقلل من الأعباء على الشركات والأفراد، بل يساهم أيضاً في تحقيق رؤية الإمارات 2030، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. ندعوكم لزيارة موقع وزارة الموارد البشرية والتوطين لمعرفة المزيد عن هذه الخدمات الذكية وكيف يمكنكم الاستفادة منها.
