أثار تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الأربعاء 27 نوفمبر 2025، تساؤلات حول مستقبل إعادة إعمار غزة، وارتباط ذلك باستعادة جثتي المخطوفين الإسرائيليين المتبقيين. يمثل هذا الشرط الإسرائيلي عقبة رئيسية أمام أي تقدم سياسي أو ميداني في القطاع المدمر، ويثير مخاوف بشأن تعقيد جهود إعادة البناء وتخفيف المعاناة الإنسانية في ظل الأوضاع القائمة. يُظهر التقرير تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة من الإدارة الأمريكية، لتسريع وتيرة تنفيذ خطة ترامب الخاصة بغزة.
مستقبل إعادة إعمار غزة معلق على صفقة تبادل جثث
تشير مصادر إلى أن إسرائيل ربطت بشكل صريح البدء في مناقشة ملف إعادة إعمار غزة باستعادة جثتي المخطوفين، وفقًا لما ذكرته الصحيفة العبرية. تعتبر تل أبيب هذه الخطوة ضرورية لتحقيق إغلاق للملفات المتعلقة بالعمليات العسكرية الأخيرة، وتبرر موقفها بالمسؤولية عن إحلال السلام والأمن في المنطقة. هذا الربط يعكس حساسية الملف الإنساني لدى إسرائيل، الذي يُستخدم كرافعة سياسية في المفاوضات.
تأثير الشرط الإسرائيلي على الوضع الإنساني
إن ربط إعادة الإعمار بملف المخطوفين يضع المدنيين في غزة في وضع أكثر هشاشة. فالقطاع يعاني بالفعل من نقص حاد في الموارد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والمأوى. تأخير إعادة الإعمار يعني استمرار هذه المعاناة وتفاقم الأزمة الإنسانية، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي. العديد من المنظمات الدولية أعربت عن قلقها إزاء هذا التأخير، ودعت إلى فصل الملف الإنساني عن الاعتبارات السياسية.
الضغوط الأمريكية المتزايدة لتسريع خطة ترامب
يبدو أن الإدارة الأمريكية بدأت تفقد صبرها حيال بطء إسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب الخاصة بغزة. وتشير التقارير إلى أن واشنطن قد تزيد من ضغوطها على تل أبيب في الفترة القادمة، بهدف دفعها نحو اتخاذ خطوات أسرع في هذا الاتجاه. تعتبر الولايات المتحدة أن إعادة إعمار غزة ضرورية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ومنع تصاعد التوترات.
تحديات تشكيل “قوة الاستقرار الدولية”
أحد أبرز التحديات التي تواجه خطة ترامب هو تشكيل “قوة الاستقرار الدولية” التي من المفترض أن تتولى مسؤولية الأمن في غزة بعد انتهاء الصراع. حتى الآن، لم يتم تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الصدد، ولا يزال موعد وصول أول جنود إلى المنطقة غير محدد. تتطلب هذه القوة موافقة دولية واسعة النطاق، وتنسيقًا دقيقًا مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وهو ما يمثل صعوبة بالغة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة. الوضع في غزة يتطلب حلولًا شاملة ومستدامة، وليس مجرد إجراءات مؤقتة.
اتهامات حماس لإسرائيل بـ “جريمة وحشية” في رفح
في سياق متصل، اتهمت حركة حماس الجيش الإسرائيلي بارتكاب “جريمة وحشية” من خلال مواصلة ملاحقة وتصفية واعتقال مقاتلين محاصرين داخل الأنفاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. واعتبرت الحركة هذه العمليات بمثابة “خرق فاضح” لاتفاق وقف إطلاق النار، وأنها تمثل “محاولة واضحة لتقويض الاتفاق وتدميره”. هذه الاتهامات تزيد من تعقيد المشهد، وتثير مخاوف بشأن احتمال انهيار الهدنة.
جهود الوساطة و”إجهاض” الحلول المقترحة
أكدت حماس أنها بذلت جهودًا واسعة خلال الشهر الماضي مع وسطاء وجهات سياسية، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، بهدف معالجة ملف المقاتلين وإعادتهم إلى منازلهم. وادعت الحركة أنها قدمت “أفكارًا وآليات محددة” لحل هذه القضية، لكن “الاحتلال نسف كل الجهود وواصل سياسة القتل والملاحقة والاعتقال”. هذه التصريحات تشير إلى وجود خلافات عميقة بين الطرفين، وتصعب مهمة الوسطاء. الأزمة في غزة تتطلب حوارًا جادًا ومباشرًا بين جميع الأطراف المعنية.
المسؤولية الكاملة عن حياة المقاتلين والتحرك العاجل للوسطاء
اختتمت حماس بيانها بتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة عناصرها المحاصرين في الأنفاق، مطالبة الوسطاء بالتحرك العاجل للضغط على الجيش الإسرائيلي لوقف عملياته والسماح للمقاتلين بالعودة إلى بيوتهم. وصفت الحركة مقاتليها بأنهم “نموذج في التضحية والبطولة، وعنوان لكرامة الشعب الفلسطيني”. هذا التأكيد على المقاومة والبطولة يعكس الخطاب السياسي لحماس، ويصعب مهمة التوصل إلى حلول وسط.
الخلاصة: مستقبل غزة على مفترق طرق
إن مستقبل إعادة إعمار غزة يظل معلقًا على تطورات سياسية وميدانية معقدة. الشرط الإسرائيلي باستعادة جثتي المخطوفين، والضغوط الأمريكية المتزايدة، واتهامات حماس لإسرائيل، كلها عوامل تساهم في تعقيد المشهد. يتطلب حل هذه الأزمة جهودًا دولية مكثفة، وحوارًا جادًا ومباشرًا بين جميع الأطراف المعنية، وفصل الملف الإنساني عن الاعتبارات السياسية. إن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تفاقم المعاناة الإنسانية، وتقويض فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. ندعو إلى دعم جهود إعادة الإعمار، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة، والعمل على إيجاد حلول سياسية مستدامة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
