كشف تقييم سري للغاية للحكومة الأميركية عن سيناريو مقلق، حيث تشير التوقعات إلى أن الصين قد تتفوق على الجيش الأميركي في حالة نشوب حرب حول تايوان. هذا التقييم، الذي نشرت صحيفة التليغراف البريطانية تفاصيله، يثير تساؤلات جوهرية حول الاستعدادات العسكرية لواشنطن وقدرتها على مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في منطقة المحيط الهادئ. يركز التقرير على نقطة محورية: الاعتماد المفرط للولايات المتحدة على الأسلحة المتطورة باهظة الثمن، مما يجعلها عرضةً لقدرة الصين على إنتاج أنظمة أسلحة أرخص ثمناً ولكن بكميات هائلة.
تقرير “التفوق العسكري”: صدمة في أوساط الأمن القومي
التقرير، الذي يحمل تصنيف “سري للغاية”، أثار دهشة المسؤولين الأمنيين السابقين. صرح مسؤول في الأمن القومي في عهد الرئيس السابق جو بايدن لصحيفة نيويورك تايمز بأنه أصيب بالذهول عندما أدرك أن بكين لديها “بدائل لا حصر لها” لكل خطة أو تكتيك قد تفكر فيه الولايات المتحدة. هذا يعني أن أي ميزة تكنولوجية تتمتع بها واشنطن قد يتم تعويضها بسهولة من خلال الكم الهائل من الأسلحة الصينية.
تايوان: نقطة اشتعال محتملة
تكمن الأهمية الاستراتيجية لهذا التقييم في مستقبل تايوان. تعتبر تايوان حصناً رئيسياً للولايات المتحدة في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي في غرب المحيط الهادئ. خسارة السيطرة على تايوان ستشكل ضربة استراتيجية ورمزية قاسية للولايات المتحدة، وستغير بشكل جذري ميزان القوى في المنطقة.
حاملات الطائرات الأميركية في مرمى النيران
وفقاً للتقرير، فإن حاملات الطائرات الأميركية، وعلى رأسها “يو إس إس جيرالد آر فورد” الأكثر تطوراً، ستكون هدفاً رئيسياً في أي صراع محتمل. هذه الحاملات، التي تبلغ تكلفتها 13 مليار دولار، معرضة بشكل خاص لهجمات من غواصات تعمل بالديزل والكهرباء، بالإضافة إلى ترسانة الصواريخ الصينية المتطورة.
ترسانة الصواريخ الصينية: تهديد متزايد
تمتلك الصين ما يقرب من 600 صاروخ فرط صوتي، قادرة على السفر بسرعة تفوق سرعة الصوت بخمس مرات. وقد عرضت بكين بالفعل صواريخها المدمرة للسفن من طراز “YJ-17″، والتي يُقدر أنها أسرع من الصوت بثماني مرات، في عرض عسكري في سبتمبر الماضي. هذه القدرات الصاروخية تمثل تهديداً وجودياً لحاملات الطائرات والسفن الحربية الأميركية.
مناورات حربية تكشف عن نقاط ضعف أميركية
أظهرت مناورات حربية حديثة، تحاكي سيناريو صراع محتمل حول تايوان، نتائج مقلقة للولايات المتحدة. إريك غوميز، الباحث في مركز مراقبة الأمن التايواني، شارك في إحدى هذه المناورات وأشار إلى أن الولايات المتحدة تكبدت خسائر فادحة. “تخسر الولايات المتحدة عدداً كبيراً من السفن خلال هذه العملية. كما تتعرض كثير من طائرات (إف-35) وغيرها من الطائرات التكتيكية في مسرح العمليات للتلف بسرعة كبيرة”، كما صرح لصحيفة التليغراف. وأضاف أن الولايات المتحدة خسرت أكثر من 100 طائرة من الجيل الخامس، وعدة مدمرات، وغواصتين، وحاملتي طائرات في المناورة.
اعترافات مسؤولين أميركيين
لم يخفِ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث قلقه بشأن هذا الوضع. فقد صرح العام الماضي بأن الولايات المتحدة “تخسر في كل مرة” في مناورات البنتاغون الحربية ضد الصين، متوقعاً أن الصواريخ الصينية فرط الصوتية ستكون قادرة على تدمير حاملات الطائرات في غضون دقائق. هذه التصريحات العلنية تعكس مدى خطورة الوضع الذي تواجهه الولايات المتحدة.
سباق التسلح والتركيز على الطائرات المسيّرة
على الرغم من هذه التحديات، تخطط وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لبناء 9 حاملات طائرات إضافية من فئة “فورد”. ومع ذلك، لم يتم نشر أي صواريخ فرط صوتية أميركية حتى الآن. إدراكاً للتهديد المتزايد من الأسلحة الرخيصة نسبياً، مثل الطائرات المسيّرة، يركز البنتاغون أيضاً على تطوير هذه التكنولوجيا. وقد خصص الكونغرس نحو مليار دولار لإنتاج 340 ألف طائرة دون طيار صغيرة على مدار العامين المقبلين.
تم تعيين دان دريسكول، رئيس أركان القوات المسلحة الأميركية، مسؤولاً عن الطائرات المسيّرة، ومُكلَّفاً بتحديث التكنولوجيا الأميركية القديمة والتصدي لجهود الخصوم في هذا المجال. الاستثمار في الطائرات المسيّرة يمثل محاولة أميركية للرد على التحدي الصيني من خلال استغلال نقاط الضعف في استراتيجية العدو.
تحديات الإنتاج والتكاليف الباهظة
أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تفوق الصين المحتمل هو قدرتها على إنتاج الأسلحة بكميات كبيرة وبتكاليف منخفضة. في المقابل، يواجه الإنتاج العسكري الأميركي تحديات كبيرة، حيث انخفض عدد شركات الدفاع الكبرى بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة. كما أن التكاليف الباهظة للأسلحة الأميركية تجعل من الصعب إنتاج كميات كافية لتلبية الاحتياجات العسكرية.
الحاجة إلى تغيير جذري في السياسة الدفاعية
يتطلب تغيير هذا الوضع استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والإنتاج العسكري. ومع ذلك، فإن الإنفاق الدفاعي في الولايات المتحدة في أدنى مستوياته منذ حوالي 80 عاماً، حيث يبلغ حوالي 3.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. يحذر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي السابق، من أن الولايات المتحدة ستنفد سريعاً من الذخائر الأساسية في حالة نشوب حرب مع الصين.
خلاصة: تحذير مبكر يتطلب استجابة حاسمة
يشير التقييم السري للحكومة الأميركية إلى أن الصين تتقدم بسرعة في مجال القدرات العسكرية، وقد تتفوق على الولايات المتحدة في حالة صراع حول تايوان. هذا التحذير المبكر يتطلب استجابة حاسمة من واشنطن، بما في ذلك زيادة الاستثمار في التكنولوجيا والإنتاج العسكري، وتطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التهديد الصيني المتزايد. الاستعداد للحرب ليس خياراً، بل ضرورة لضمان الأمن القومي وحماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ. من الضروري متابعة هذا الموضوع عن كثب وتحليل التطورات العسكرية والسياسية في المنطقة بشكل مستمر.