في خضم التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، يظل ملف القضية الفلسطينية، وتحديداً الوضع في قطاع غزة، على رأس الأولويات. أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى دعم فلسطين الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2803، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، معرباً عن الاستعداد للعمل بشكل وثيق مع كافة الشركاء الدوليين لتحويل هذا القرار إلى واقع ملموس. هذا الدعم والجهد المتواصل يأتي في سياق حرص القيادة الفلسطينية على إنهاء المعاناة المستمرة لأبناء الشعب الفلسطيني، والبدء في عملية إعادة إعمار غزة الشاملة، ووضع الأسس لمسار سياسي جاد يقود إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
دعم فلسطين لقرار مجلس الأمن 2803 وخطط التنفيذ
التقى رئيس الوزراء محمد مصطفى، يوم الخميس، برئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا ولجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، وذلك في مقر البرلمان ببروكسل. خلال هذه اللقاءات الهامة، قدم مصطفى شرحاً مفصلاً ومستجداً للأوضاع المعقدة التي تمر بها فلسطين، مع التركيز بشكل خاص على التحديات الإنسانية والأمنية في قطاع غزة. رافق رئيس الوزراء في هذه الاجتماعات وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والقانونية عمر عوض الله، وسفيرة فلسطين لدى بلجيكا ولوكسمبورغ والاتحاد الأوروبي أمل جادو الشكعة.
الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو حشد الدعم الأوروبي لتنفيذ قرار مجلس الأمن، وتقديم رؤية فلسطينية واضحة حول الخطوات العملية المطلوبة لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودائم إلى غزة، ووضع خطة متكاملة لإعادة البناء والتنمية. كما تم التأكيد على أهمية دور المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية، ووضع حد لانتهاكاتها المستمرة.
أولويات إعادة الإعمار في غزة
تعتبر إعادة إعمار غزة أولوية قصوى للحكومة الفلسطينية، حيث دمرت الحرب البنية التحتية بشكل كامل، وتركت الملايين من السكان في وضع مأساوي. وتركز الخطة الفلسطينية، المدعومة بالخطة العربية، على إعادة بناء المنازل والمستشفيات والمدارس، وتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصحة. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الخطة إلى خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز القدرة الاقتصادية لسكان غزة، وتمكينهم من بناء مستقبل أفضل.
ومع ذلك، يشدد رئيس الوزراء على ضرورة أن تكون قيادة جهود إعادة الإعمار فلسطينية بشكل كامل، لضمان الشفافية والمساءلة، وتجنب أي تدخلات خارجية قد تعيق عملية البناء والتنمية.
السيادة الفلسطينية على غزة والضفة الغربية
جدد رئيس الوزراء محمد مصطفى التأكيد على موقف فلسطين الثابت بشأن السيادة الكاملة على قطاع غزة والضفة الغربية. وأكد أن الدولة الفلسطينية تتطلع إلى ممارسة سلطتها على كامل أراضيها من خلال نظام حكم واحد، وحكومة واحدة، وسلاح واحد. هذا الموقف يهدف إلى وضع حد للانقسام الداخلي الذي أضعف القضية الفلسطينية على مر السنين، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتمكين الفلسطينيين من التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية.
إصرار الحكومة الفلسطينية على هذا المبدأ يعكس رؤيتها الشاملة لحل الدولتين، والذي يتطلب قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
التحديات المستمرة في الضفة الغربية
لم يقتصر حديث رئيس الوزراء على الوضع في غزة، بل تناول أيضاً التطورات المقلقة في الضفة الغربية. أشار إلى استمرار اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية بشكل يومي، وإقامة الحواجز العسكرية التي تعيق حركة الأفراد والبضائع، وتزيد من المعاناة الإنسانية. كما استعرض التصاعد الخطير في اعتداءات المستعمرين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، والتي تتضمن تخريباً وتروعاً وإصابات.
إن هذه الانتهاكات المستمرة تقوض جهود التنمية والاستقرار في الضفة الغربية، وتعرقل مساعي تحقيق السلام. بالإضافة إلى ذلك، أشار رئيس الوزراء إلى استمرار إسرائيل في احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية بشكل غير قانوني، مما يفاقم الأزمة المالية للحكومة، ويقوض قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين. هذا الإجراء يُعتبر عقاباً جماعياً للشعب الفلسطيني، ويحرم الحكومة من الموارد اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية.
الإصلاح المؤسسي والتشريعات الجديدة
على الرغم من التحديات الجسيمة، تواصل الحكومة الفلسطينية جهودها في مجال الإصلاح والتطوير المؤسسي، بهدف تعزيز الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد، وتحسين تقديم الخدمات للمواطنين. وأشار رئيس الوزراء إلى التقدم المحرز في تطوير العديد من القوانين والتشريعات، بما في ذلك إصدار قانون انتخابات هيئات الحكم المحلي، والذي يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية في صنع القرار.
هذه الإصلاحات تأتي في إطار رؤية شاملة للحكومة الفلسطينية لبناء دولة قوية ومستقرة وقادرة على مواجهة التحديات، وتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال. وهذه الإصلاحات تهدف أيضاً إلى بناء الثقة مع المجتمع الدولي، وجذب الاستثمارات، وتحقيق التنمية المستدامة. الهدف النهائي هو تمهيد الطريق نحو دولة فلسطينية مستقلة قادرة على تحمل مسؤولياتها، ومواجهة التحديات المستقبلية.
في الختام، تعكس جهود رئيس الوزراء محمد مصطفى التزام فلسطين الراسخ بتحقيق السلام العادل والشامل، بناءً على قرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين. ويتطلب ذلك دعماً دولياً قوياً، وضغوطاً فعالة على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي، ووقف انتهاكاتها، والتعاون في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803، وبدء عملية إعادة إعمار غزة بشكل فوري ومستدام. ندعو المجتمع الدولي لتبني هذه الرؤية، والعمل مع فلسطين لتحقيق هذه الأهداف النبيلة، وإرساء السلام والأمن في المنطقة.
