أفادت القناة 13 الإسرائيلية بتصاعد القلق في الأوساط الإسرائيلية بشأن احتمالية ضغوط أمريكية لفتح معبر رفح بشكل كامل، وهو ما يمثل نقطة تحول محتملة في المشهد الأمني الحالي. هذا الاحتمال يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، خاصةً فيما يتعلق بترتيبات ما بعد الحرب في قطاع غزة. هذا المقال يتناول بالتفصيل هذه المخاوف، والتقديرات الإسرائيلية، والتحديات السياسية والميدانية التي قد تواجهها الحكومة الإسرائيلية.
معبر رفح: محور القلق الإسرائيلي من الضغوط الأمريكية
تتركز المخاوف الإسرائيلية حاليًا حول احتمال مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بفتح معبر رفح البري بشكل كامل وفي الاتجاهين. هذا الطلب، إذا ما تحقق، قد يؤدي إلى تغيير جذري في الواقع الأمني على الحدود الجنوبية لقطاع غزة. تعتبر إسرائيل معبر رفح شريانًا حيويًا للسيطرة على حركة الأفراد والبضائع، وفتحه بشكل كامل قد يضعف قدرتها على منع تسرب الأسلحة أو خروج المقاتلين.
التقديرات الإسرائيلية لمخاطر فتح المعبر
تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن فتح معبر رفح بشكل كامل سيؤدي إلى عدة مخاطر، منها:
- زيادة تدفق المساعدات الإنسانية: بينما تبدو هذه النقطة إيجابية، يخشى الإسرائيليون من أن تستغل حماس هذه المساعدات لتعزيز قدراتها العسكرية.
- صعوبة الرقابة الأمنية: فتح المعبر سيجعل من الصعب للغاية مراقبة حركة الأفراد والبضائع، مما يزيد من خطر تسرب الأسلحة والمواد الخطرة إلى القطاع.
- تقويض السيطرة على قطاع غزة: يعتبر معبر رفح نقطة دخول وخروج رئيسية من وإلى قطاع غزة، وفقدان السيطرة عليه قد يضعف بشكل كبير قدرة إسرائيل على التأثير في الأحداث داخل القطاع.
انسحاب القوات الإسرائيلية من “الخط الأصفر”: سيناريو مقلق آخر
بالإضافة إلى معبر رفح، تشير المصادر الإسرائيلية إلى تخوف من طلب أمريكي حازم يقضي بانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مناطق إضافية تقع خلف ما يعرف بالخط الأصفر. هذا الخط يمثل منطقة عازلة مهمة بالنسبة لإسرائيل، وانسحاب القوات منها قد يعرض المدن والبلدات الإسرائيلية المجاورة لخطر متزايد من الهجمات الصاروخية وغيرها من العمليات العسكرية. الضغوط الأمريكية المتزايدة تثير قلقًا بالغًا في تل أبيب.
التحديات السياسية والميدانية للحكومة الإسرائيلية
يضع هذا السيناريو الحكومة الإسرائيلية أمام تحديات ميدانية وسياسية معقدة. من الناحية الميدانية، قد يكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي الحفاظ على الأمن في قطاع غزة في ظل انسحاب القوات من مناطق مهمة. من الناحية السياسية، قد يواجه نتنياهو معارضة داخلية شديدة إذا وافق على هذه المطالب الأمريكية، خاصةً من اليمين المتطرف الذي يرفض أي تنازلات بشأن الأمن.
تباين الرؤى حول ترتيبات ما بعد الحرب
تأتي هذه التسريبات لتسلط الضوء على تباين محتمل في الرؤى بين تل أبيب وواشنطن حول ترتيبات اليوم التالي للحرب. تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى فرض واقع سياسي مختلف ينهي الملفات العالقة في المنطقة، بينما يخشى المسؤولون في إسرائيل من أن تؤدي هذه المطالب المفاجئة إلى تقويض الخطوط الحمراء التي وضعها نتنياهو مسبقاً بشأن السيطرة الأمنية على الممرات الاستراتيجية والمناطق العازلة في قطاع غزة. الوضع في غزة يتطلب حلولًا متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف.
المخاوف الإسرائيلية من تقويض السيطرة الأمنية
يخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن تؤدي المطالب الأمريكية إلى تقويض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة، مما قد يؤدي إلى عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب، أو حتى إلى تفاقمه. يعتقدون أن إسرائيل بحاجة إلى الحفاظ على وجود عسكري قوي في قطاع غزة لضمان عدم استعادة حماس قدراتها العسكرية، ومنعها من شن هجمات جديدة على إسرائيل. الأمن الإسرائيلي هو الأولوية القصوى بالنسبة للحكومة.
مستقبل العلاقة الإسرائيلية الأمريكية
إن تطورات الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. إذا استمرت الإدارة الأمريكية في الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات بشأن معبر رفح وانسحاب القوات، فقد يؤدي ذلك إلى توترات كبيرة في العلاقة بين البلدين. من ناحية أخرى، إذا تمكنت تل أبيب وواشنطن من التوصل إلى تفاهم بشأن ترتيبات ما بعد الحرب، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز التعاون بينهما في مواجهة التحديات المشتركة في المنطقة.
في الختام، يمثل احتمال فتح معبر رفح والانسحاب من “الخط الأصفر” مصدر قلق بالغ في إسرائيل. هذه المطالب الأمريكية قد تضع الحكومة الإسرائيلية أمام خيارات صعبة، وتؤثر بشكل كبير على مستقبل العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب، وتحليلها بعناية لفهم الآثار المترتبة عليها على الأمن الإقليمي. ندعوكم لمشاركة هذا المقال مع المهتمين بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي، وترك آرائكم وتعليقاتكم حول هذا الموضوع الهام.
