يشهد قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث أدت الحرب المستمرة والنزوح القسري إلى تدهور كبير في مستوى المعيشة، وأصبح السكان مجبرين على العيش في ظروف لا إنسانية وسط الأنقاض والمساكن المؤقتة. هذا الوضع المأساوي، الذي فاقمته العاصفة “بايرون” الأخيرة، يضع الأونروا أمام تحديات هائلة في تقديم المساعدة اللازمة. هذا المقال سيتناول تفاصيل الأزمة الإنسانية في غزة، وتأثير العاصفة، وجهود الأونروا للتخفيف من معاناة السكان.
الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة
تصف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الوضع في قطاع غزة بأنه كارثي، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والمأوى. أشهُر من القتال والدمار أدت إلى انهيار البنية التحتية، وتدمير المنازل، وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص. النزوح القسري أجبر العائلات على البحث عن مأوى في المدارس والمستشفيات والمباني المتضررة، أو في خيام بالية لا توفر الحماية الكافية من العوامل الجوية.
الوضع الصحي يزداد سوءًا مع انتشار الأمراض والأوبئة بسبب الاكتظاظ ونقص النظافة. كما أن الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، أصبح محدودًا للغاية. هذه الظروف الصعبة تؤثر بشكل خاص على الأطفال وكبار السن والمرضى، الذين هم الأكثر ضعفًا.
تداعيات الحرب على البنية التحتية
لم تقتصر أضرار الحرب على المباني السكنية فحسب، بل امتدت لتشمل البنية التحتية الحيوية في غزة، مثل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات. هذا الانهيار في البنية التحتية يعيق جهود الإغاثة ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. فقدان الكهرباء يؤثر على عمل المستشفيات والمراكز الصحية، ويعيق الوصول إلى المياه النظيفة، بينما يؤدي تدمير شبكات الصرف الصحي إلى انتشار الأمراض.
العاصفة “بايرون” وتفاقم الأزمة
في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، ضربت العاصفة “بايرون” قطاع غزة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية القاسية. على الرغم من أن العاصفة تعتبر كارثة طبيعية، إلا أن الأونروا أكدت أن تداعياتها كانت من صنع الإنسان، بسبب الدمار الواسع الذي خلفه العدوان والانهيار في البنية التحتية.
الأمطار الغزيرة والرياح القوية تسببت في انهيار المزيد من المباني المتضررة، وغمرت الخيام والمساكن المؤقتة بالمياه، مما أدى إلى زيادة عدد المشردين والمتضررين. كما أدت العاصفة إلى تعطيل حركة المرور وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
حجم الأضرار الناجمة عن العاصفة
وفقًا لمجموعة المأوى في غزة، فقد انهار 17 مبنى كليًا نتيجة للعاصفة، وتعرضت أكثر من 42 ألف خيمة أو مأوى مؤقت لأضرار كاملة أو جزئية بين 10 و 17 ديسمبر. هذا يعني أن ما لا يقل عن 235 ألف شخص في مختلف مناطق القطاع تأثروا بشكل مباشر بالعاصفة، وفقدوا منازلهم أو تعرضوا لأضرار في مأواهم. الاحتياجات الإنسانية أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
جهود الأونروا في ظل الأزمة
تواجه الأونروا تحديات كبيرة في تقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لسكان غزة، بسبب القيود المفروضة على حركة المساعدات، ونقص التمويل، والظروف الأمنية الصعبة. ومع ذلك، فإن الوكالة تعمل جاهدة لتوفير المأوى والغذاء والدواء والمياه النظيفة للمتضررين.
تقوم الأونروا بتوزيع المساعدات الغذائية على مئات الآلاف من الأشخاص، وتوفير الرعاية الصحية الأساسية في مراكزها الصحية المتضررة. كما تعمل الوكالة على إصلاح المدارس المتضررة وإعادة فتحها، لضمان استمرار التعليم للأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الأونروا الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، لمساعدتهم على التغلب على الصدمات النفسية التي تعرضوا لها.
تحديات تواجه عمل الأونروا
تواجه الأونروا العديد من التحديات التي تعيق عملها في غزة. أحد أهم هذه التحديات هو نقص التمويل، حيث تعتمد الوكالة بشكل كبير على التبرعات الطوعية من الدول والمنظمات الدولية. القيود المفروضة على حركة المساعدات عبر معبر رفح تعيق وصول الإمدادات الضرورية إلى القطاع. كما أن الظروف الأمنية الصعبة تجعل من الصعب على موظفي الأونروا الوصول إلى المناطق المتضررة وتقديم المساعدة للمحتاجين.
الحاجة إلى دعم دولي مستمر
إن الوضع الإنساني في قطاع غزة يتطلب دعمًا دوليًا مستمرًا وعاجلاً. يجب على المجتمع الدولي أن يضغط من أجل رفع القيود المفروضة على حركة المساعدات، وتوفير التمويل اللازم للأونروا، وضمان حماية المدنيين. كما يجب على الأطراف المتنازعة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين.
إن إنهاء معاناة سكان غزة يتطلب حلًا سياسيًا عادلاً ودائمًا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. حتى ذلك الحين، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الإنسانية وأن يقدم الدعم اللازم لسكان غزة لمواجهة هذه الأزمة الطاحنة. الوضع لا يحتمل التأجيل، وكل تأخير يعني المزيد من المعاناة والدمار.
