في خطوة تعكس التزام جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تجاه أبناء شعبنا الصابر في قطاع غزة ، أعلنت الجمعية عن بدء العمل على إعادة بناء مستشفى القدس ، أيقونتها الإنسانية، بعد أكثر من 15 شهرًا من النزوح القسري للطواقم الطبية والدمار الذي لحق به جراء العدوان الأخير.
وتعهدت الجمعية بإعادة المستشفى إلى سابق عهده، ليواصل تقديم خدمات طبية شاملة تلامس احتياجات المجتمع المحلي وتعزز صمودهم.
فرحة وقف إطلاق النار
ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ اليوم، كانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في طليعة المبادرين لمشاركة أبناء شعبنا فرحتهم بهذه اللحظة الإنسانية الحاسمة.
جابت سيارات الإسعاف شوارع قطاع غزة، معلنة التفاؤل بغدٍ أفضل يعمه السلام والأمان، ومؤكدة على روح التضامن مع الشعب الذي عانى كثيرًا خلال الفترة الماضية.
مستشفى القدس: رمز الصمود والإنسانية
ومن أمام مستشفى القدس، قال السيد ناهض بلاطة، عضو لجنة الطوارئ ورئيس اللجنة الإدارية في محافظتي غزة والشمال: “اليوم نعود إلى مستشفى القدس، رمز العطاء والصمود لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بعد أكثر من 15 شهرًا من النزوح القسري. عودتنا ليست مجرد إعادة بناء حجارة، بل استعادة مكانة هذا المستشفى كحاضن للإنسانية وخط الدفاع الأول عن صحة أهلنا.”
وأضاف بلاطة: “نعد شعبنا بأن نعيد ترميم المستشفى ليكون أفضل مما كان عليه، مستعدًا لتلبية كل الاحتياجات الطبية الملحة والمساهمة في تعزيز صمود مجتمعنا. كما قمنا بتفقد جميع المراكز والعيادات الطبية التابعة للجمعية التي أقيمت في محافظة الشمال، وبحمد الله وجدنا أن فرع الجمعية هناك لا يزال قائمًا كمبنى إنشائي، رغم تضرر الزجاج والشبابيك والأبواب والأثاث بسبب شدة القصف على البنايات المحيطة.”
وتابع: “للأسف، وجدنا ثلاث عيادات رئيسية مدمرة تمامًا، وهي عيادة الفالوجا، وعيادة أبو راشد، وعيادة الشيخ زايد، بالإضافة إلى العيادة التمريضية التي كانت داخل عيادة الوكالة في معسكر جباليا، والتي تم تجريفها بالكامل. لكننا نؤكد لشعبنا أننا سنقيم خلال الأيام القليلة القادمة عيادات ومراكز بديلة لتقديم الخدمات الطبية اللازمة في ظل هذه الظروف الصعبة. أينما وجد الشعب الفلسطيني، ستكون جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حاضرة بمستشفياتها ومراكزها الطبية وبرامجها الإغاثية والصحية والاجتماعية.”
معاناة الإسعاف والطوارئ: تحديات ومثابرة
وفي حديثه من داخل مقر الجمعية، قال السيد محمد أبو مصبح، مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: “هذا المكان، الذي كان ملجأً لأكثر من 20 ألف نازح وآلاف المرضى خلال العدوان، يعكس جوهر رسالتنا الإنسانية. عندما أجبرنا على الخروج تحت القصف وأزيز الرصاص، لم يكن لدينا سوى 6 مركبات إسعاف فقط، بينها شاحنة واحدة. تلك الشاحنة حملت أكثر من 120 جريحًا من الأطفال والنساء، ممن كانت إصاباتهم خطيرة وعظامهم مكسورة، ولا يمكن نقلهم في مركبات عادية.”
وأضاف: “اليوم، وبعد كل هذه المعاناة، نعود إلى الهلال الأحمر الفلسطيني، حاملين الأمل وسط الرماد والركام. مستشفى القدس لن يكون مجرد مبنى، بل سيبقى رمزًا للصمود الإنساني ومصدرًا للعون والدعم لكل من يحتاج إليه.”
الهلال الأحمر يفتتح أول شارع
وفي إطار جهودها الإنسانية الرامية إلى تخفيف معاناة المواطنين، نجحت الجمعية في فتح أول شارع رئيسي يربط بين جامعة الأزهر ومستشفى القدس بمدينة غزة، مما يسهل وصول المواطنين إلى منازلهم المدمرة ويضمن تقديم الخدمات بكفاءة أعلى.
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار، تؤكد جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التزامها المستمر بالعمل مع كافة الشركاء الإنسانيين لإعادة الحياة إلى طبيعتها في غزة، على أمل أن يشكل هذا اليوم نقطة تحول نحو مستقبل يعمه السلام والاستقرار.