في أعقاب الأحداث الأخيرة وتحديدًا مراجعة الاستعدادات والخطط العسكرية، كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، عن “اتجاهات عمل رئيسية” ستوجه الجيش في السنوات القادمة. تأتي هذه الخطوات استجابةً لتقييمات شاملة، بما في ذلك دراسة متعمقة لخطة “سور أريحا” التي أعدتها حركة حماس، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية. هذه التطورات تضع جاهزية الجيش الإسرائيلي في صميم الأولويات، وتسعى إلى معالجة نقاط الضعف التي كشفت عنها الأحداث.
خطة “سور أريحا”: تحليل وتقييم
خطة “سور أريحا” ليست مجرد وثيقة استخباراتية، بل تمثل سيناريو هجومي معقدًا وضعته حركة حماس. تمكنت الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من الحصول على هذه الخطة في عام 2022، لتكتشف أنها نسخة مطورة من خطط سابقة كانت قد وصلت إلى إسرائيل قبل سنوات.
تفاصيل الخطة الهجومية
وفقًا لوثيقة صدرت عن فرقة غزة العسكرية في يوليو 2022، تتضمن خطة “سور أريحا” توغلًا بريًا واسع النطاق لـ 14 سرية تابعة لحماس في مناطق مختلفة من البلاد، بالتزامن مع عمليات توغل جوي وبحري، وإطلاق قذائف هاون وصواريخ مضادة للدروع، ونيران قناصة، بالإضافة إلى استخدام طائرات مسيرة مفخخة. الوثيقة أشارت إلى أن الخطة قد لا تُعمم على جميع الألوية والكتائب، ولكنها تشكل تهديدًا كبيرًا يتطلب دراسة متأنية.
تشكيل لجان تحقيق وتوجيه
استجابةً للتهديد الذي تمثله خطة “سور أريحا” ولتقييم شامل للأداء، أمر رئيس الأركان بتشكيل فريق تحقيق متخصص برئاسة اللواء بالاحتياط روني نوما. سيتولى هذا الفريق دراسة الخطة بالتفصيل، وتقديم استنتاجاته في أقرب وقت ممكن. بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل فريق توجيهي للرقابة والدمج برئاسة نائب رئيس الأركان، لضمان تنسيق الجهود وتنفيذ التوصيات المستقبلية.
تقرير فريق الخبراء وتقييم التحقيقات
قدم رئيس الأركان ملخصًا لتقرير فريق الخبراء المعني بفحص جودة التحقيقات، برئاسة اللواء بالاحتياط سامي ترجمان، أمام منتدى هيئة الأركان العامة. ركز الملخص على الرؤى المستخلصة والدروس المستفادة من التقرير، بالإضافة إلى النقاط الرئيسية التي سيتم دمجها في خطة عمل الجيش الإسرائيلي للسنوات المقبلة. سيتم عقد ندوة خاصة في الأسابيع القادمة لمناقشة تعليقات الجنرالات وشرح عملية دمج هذه الدروس في مختلف الهيئات العسكرية.
اتجاهات العمل الرئيسية: بوصلة الجيش الإسرائيلي للمستقبل
حدد رئيس الأركان عدة اتجاهات عمل رئيسية ستشكل “بوصلة” للجيش الإسرائيلي في السنوات المقبلة. هذه الاتجاهات تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والاستعداد لمواجهة التحديات المتغيرة. من بين هذه الاتجاهات:
- الحرب المفاجئة كبوصلة: التركيز على الاستعداد للحرب المفاجئة كسيناريو أساسي، وتطوير القدرات اللازمة للتعامل مع هذا النوع من التهديدات.
- ترسيخ الكفاءة والجاهزية: جعل معايير الكفاءة والجاهزية جزءًا لا يتجزأ من الثقافة التنظيمية للجيش، وتعزيز التدريب والتطوير المستمر للقوات.
- تعزيز الاستخبارات: الاستثمار في تطوير الاستخبارات كـ”مهنة”، وتنظيم العمليات المهنية في شعبة الاستخبارات لضمان الحصول على معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب. هذا يشمل تطوير القدرات التكنولوجية والاستخباراتية البشرية.
- المناورات البرية: إعطاء أهمية خاصة للمناورات البرية كعنصر أساسي في قدرات الجيش، واستخدامها كأساس لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
- تطوير مهنة الضباط: التركيز على تطوير المعرفة والمهارات القيادية لدى الضباط، وتعزيز ثقافة الاعتماد والكفاءة.
استخلاص الدروس من أحداث 7 أكتوبر
أكد رئيس الأركان أن المرحلة الحالية من التحقيقات في أحداث 7 أكتوبر تركز على استيعاب الدروس المستفادة وتطبيقها في خطة عمل الجيش الإسرائيلي. وأضاف: “من واجبنا أن ننظر مباشرةً إلى هذا الفشل، ونستخلص منه كل ما نستطيع، لضمان عدم تكراره، وأن نتعلّم كل ما يمكن تعلّمه لتحسين قدرات الجيش الإسرائيلي.” هذا التحليل الذاتي الصارم يعتبر خطوة حاسمة نحو تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي.
دمج الدروس المستفادة في المنظومة العسكرية
أشار زامير إلى أن عملية دمج الدروس المستفادة ستستمر لسنوات قادمة، وأكد على ضرورة ضمان هذا الدمج في جميع مكونات المنظومة العسكرية. هذا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين مختلف الهيئات العسكرية، وتبني نهج شامل يركز على التحسين المستمر. الأمن القومي يتطلب جهودًا متواصلة وتكيفًا دائمًا مع التهديدات المتغيرة. العمل على تطوير الاستعداد العسكري هو أساس هذه الجهود.
في الختام، يمثل الإعلان عن هذه الاتجاهات الجديدة خطوة مهمة نحو إعادة تقييم وتطوير الجيش الإسرائيلي. من خلال التركيز على الاستعداد للحرب المفاجئة، وتعزيز الاستخبارات، وتطوير القدرات البرية، يمكن للجيش الإسرائيلي أن يضمن قدرته على حماية إسرائيل ومواجهة التحديات المستقبلية. نتوقع أن نشهد في الأسابيع والأشهر القادمة تفاصيل أكثر حول كيفية تنفيذ هذه الخطط، وتأثيرها على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
