رأس الخيمة في 2 مايو/وام/ أعلنت دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، إطلاق برنامج تعاون مع جامعتي كوينيبياك، وجنوب ألاباما الأمريكيتين، بهدف دراسة وتحليل بقايا بشرية تعود لـ 4000 عام، لمعرفة التغيرات المناخية التي طرأت على المنطقة خلال العصر البرونزي، وتأثيرها على المجتمع السكاني وعلى الأفراد في تلك الفترة، و وضع تصورات أمام صانعي القرار حول إمكانية حدوث موجات مناخية مشابهة في المستقبل.
و زار فريق من الطلبة الباحثين،بقيادة جيمي أولينجر، أستاذة علم الإنسان، ومساعدة مدير “معهد بحوث الأنثروبولوجيا الحيوية” في جامعة كوينيبياك، بولاية كونيتيكت، في الولايات المتحدة الأمريكية الإمارة لدراسة الهياكل العظمية البشرية المكتشفة في رأس الخيمة، والتي تعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، وتحليلها وإخضاعها لدراسات أثرية بهدف البحث في نتائج التغيرات المناخية وموجة الجفاف الشديد خلال فترتي “أم النار” و”وادي سوق” في رأس الخيمة ومدى تأثيرها على الإنسان في ذلك الوقت.
وتأتي هذه الزيارة كجزء من برنامج التعاون بين دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة والجامعتين الأمريكيتين، والذي أطلق عليه “علم الآثار الحيوي للأنظمة الاجتماعية في العصر البرونزي”،لتقييم حالة الرفات البشري والنظر في إمكانية عمل المزيد من عمليات التحليل والدراسة من خلال المختبرات في الولايات المتحدةالأمريكية، حيث سيقوم الطلبة الباحثون بزيارات إلى الإمارة قبل نهاية هذا العام لاستكمال المشروع البحثي.
و قال سعادة أحمد عبيد الطنيجي، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة: “تأتي هذه الشراكة مع جامعتي كوينيبياك وجنوب ألاباما، تجسيداً للرؤية الاستراتيجيةلحكومة رأس الخيمة في تسليط الضوء على تاريخ الإمارة الموغل في القدم، وتعريف المواطنين والمقيمين والزوار والعالم بأسره بحضارة وتاريخ رأس الخيمة ودولة الإمارات، والكنوز التاريخية التي تحتضنها الإمارة من مواقع أثرية وآثار تعود لـ 7000 عام من الحضارة”.
وأضاف سعادته: “يعتبر المشروع فرصة مثالية لدراسة البقايا البشرية التي تم العثور عليها في المقابر الأثرية المنتشرة في أرجاء رأس الخيمة، ولفهم المزيد عن حياة الناس الذين عاشوا هنا منذ آلاف السنين، وتأثير تغير المناخ عليهم، إلى جانب إثراء العلوم والأبحاث العلمية المتعلقة بهذا الشأن لتسليط الضوء على تاريخنا العريق”.
من جانبه قال كريستيان فلده، باحث الآثار الرئيسي في دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة: “تعتبر رأس الخيمة فريدة من نوعها، حيث تزخر بعدد كبير من المدافن، والمواقع الأثرية الأخرى التي يعود تاريخها إلى فترات لم يتبق منها سوى القليل من الأدلةوالشواهد التاريخية التي تعكس الحضارة الإنسانية. وتتيح هذه المواقع الأثرية الغنية لنا الفرصة من أجل العثور على البقايا التي يحتاج لها فريق جامعة كوينيبياك لدراستها، مما سيساهم في توفير رؤية واضحة حول التنمية البشرية في تلك الفترة”.
وأضاف فلده: “هذه الشراكة المثمرة ستسمح لنا بفهم المزيد عن الأشخاص الذين عاشوا هنا منذ 4000 عام، ومعرفة كيفية تأثيرفترة الجفاف الشديدة التي حدثت بالمنطقة في تلك الفترة، والتي استمرت لأكثر من 100 عام. كما نأمل مستقبلاً في عقد المزيد من برامج التعاون مع الجامعات والمؤسسات العالمية التي تخدم قطاع الآثار، ونرحب بجميع الطلبة الدارسين والباحثين في مجال الآثار من جميع أنحاء العالم”.
من جانبها قالت جيمي أولينجر، أستاذة علم الإنسان، ومساعدة مدير “معهد بحوث الأنثروبولوجيا الحيوية” في جامعة كوينيبياك: “تحظى رأس الخيمة بتاريخ أثري غني، فالمدافن التي توجد فيهاكبيرة ومثيرة للاهتمام، وهي مثالية لإجراء هذا النوع من الدراسات والأبحاث.. لقد اكتشفنا عظاماً لمختلف المراحل العمرية، للصغار والكبار وحتى لأجنة سنقوم بتحليلها للتحقق من آثار التغير المناخي على صحتهم.. نعلم جيداً أننا بحاجة إلى جمع الكثير من البيانات والمعلومات، قبل أن نتمكن من استخلاص النتائج المرجوة، إلا أن ما حصلنا عليه سيفيدنا بشكل رائع”.
وأضافت أولينجر: “يعتبر هذا التعاون أمراً مهماً لطلبتنا فهي تمنحهم الفرصة لزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، ومعرفة المزيد عن علم الآثار في هذه المنطقة. وهنا نود أيضاً إشراك مجتمع رأس الخيمة المحلي لتعريفهم بأهمية هذا المشروع واطلاعهم على نتائج الدراسات من خلال إشراكهم في ورش عمل وغيرها من البرامج”.
وكان الباحثون سبق لهم زيارة الإمارة في عام 2017، حيث درس فريق الجامعة، رفات بشرية لمعرفة النظام الغذائي والصحي والسلوكي للأشخاص الذين عاشوا في فترة “أم النار”، بالإضافة إلى ممارساتهم الجنائزية. كما شملت الزيارة دراسة عظام بشرية من مواقع أثرية أخرى في الإمارة، كمنطقة “شمل” العريقة التي يعود تاريخها إلى فترة “أم النار” (2600 إلى 2000 قبل الميلاد)،حيث كشفت عمليات التنقيب السابقة في هذه المنطقة عن وجودمقابر ومستوطنات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى قلعة من العصور الوسطى.
زكريا محي الدين