في تحركات متزامنة، شهدت كل من الفلبين وهونغ كونغ مظاهرات حاشدة تطالب بالعدالة ومحاسبة المسؤولين المتورطين في قضايا فساد كارثية. هذه الاحتجاجات تأتي في أعقاب مآسي خلفت مئات الضحايا، مما أشعل غضبًا شعبيًا عارمًا ودعوات متزايدة للتغيير. وتُظهر هذه الأحداث تصاعدًا في المطالبات بالشفافية والمساءلة في كلا المنطقتين.
فيضانات الفلبين: غضب شعبي من مشاريع وهمية
تصاعد الغضب في الفلبين بشكل ملحوظ، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع في مانيلا للمطالبة بسجن المسؤولين والنواب وأصحاب شركات البناء المتهمين بسرقة ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب. هذه الأموال، التي كان من المفترض أن تُستخدم في مشاريع للسيطرة على الفيضانات، يُزعم أنها اختفت في فضيحة فساد واسعة النطاق.
حجم الكارثة وتأثير الفساد
تعد الفلبين، التي يبلغ عدد سكانها 116 مليون نسمة، من بين الدول الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، وخاصة الفيضانات والأعاصير. في الآونة الأخيرة، تسببت الأعاصير القوية في غرق بلدات بأكملها، مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. ويعتقد الكثيرون أن هذه الكوارث تفاقمت بسبب سوء التخطيط والفساد في مشاريع البنية التحتية.
المحتجون، الذين منعتهم الأسلاك الشائكة من الوصول إلى القصر الرئاسي، رددوا هتافات قوية مثل “الشرطة حماة الفساد”، بينما ردّ عناصر شرطة مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع. كما حمل المتظاهرون مجسمًا كبيرًا يصور الرئيس فرديناند ماركوس ونائبته سارة دوتيرتي على شكل تمساحين برأسين، يرمزان إلى الفساد المستشري.
دعوات للمحاسبة الشاملة
أعرب العديد من المتظاهرين عن قناعتهم بأن الفساد لا يمكن أن يحدث دون علم المسؤولين الأعلى مستوى. ميرفن توكيرا، من المجلس الوطني للكنائس في الفلبين، صرح قائلاً: “لا يمكن أن يكون الفساد حدثًا دون علم المسؤولين الأعلى مستوى.. ينبغي محاسبتهم أيضًا”. كما أشارت جيسي وانالوفمي إلى أن “هناك أشخاصًا لقوا حتفهم بسبب الفساد“، مما يؤكد على الأثر المأساوي لهذه الممارسات. وتشير التقديرات إلى مشاركة أقل من 10 آلاف شخص في التظاهرات، في حين انتشر أكثر من 17 ألف شرطي للحفاظ على النظام.
حريق هونغ كونغ: مطالبة بالتحقيق والمحاسبة
في هونغ كونغ، اندلعت احتجاجات مماثلة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحريق المروع الذي أودى بحياة 146 شخصًا. الطالب ميلز كوان، بدأ مبادرة جريئة من خلال مطالبة علنية بالتحقيق في ملابسات الحريق، مع التركيز على احتمال وجود إهمال أو فساد ساهم في وقوع الكارثة.
تصاعد الاحتجاجات وقمعها
قام كوان، في محطة قطارات مكتظة، بمخاطبة الجمهور ودعوة إلى محاسبة المسؤولين، لكن الشرطة تدخلت بسرعة وأوقفته. قبل أيام، كان كوان يوزع منشورات تطالب بإجراء تحقيق مستقل حول الحريق، معتبرًا أن النظام “مليء بالثغرات”. وقد حظيت عريضة إلكترونية تطالب بالتحقيق بدعم واسع، حيث وقّع عليها أكثر من 10 آلاف شخص في يوم واحد.
ومع ذلك، سرعان ما تم إسكات صوت كوان، حيث أوقفته الشرطة بتهمة التحريض، وتم حذف العريضة من الإنترنت. رفضت الشرطة تأكيد الأمر، لكنها أكدت أنها ستتخذ إجراءاتها “بناءً على الوقائع، وبما يتوافق مع القانون”. في الوقت نفسه، نددت السلطات الصينية في بكين بما سمّته “قوى معادية للصين”، واتهمتها بتشجيع الانقسام الاجتماعي وإثارة الكراهية ضد السلطات.
المطالب الأساسية للمحتجين
على الرغم من التهديدات، أكد ميلز كوان أنه لا يطالب سوى بأمور “أساسية جدًا”، وأضاف: “في حال كانت هذه الأفكار تُعتبر تحريضية أو تتجاوز الحدود، فأظن أنني لن أكون حينها قادرًا على توقع تبعات أي شيء، لا أستطيع أن أفعل سوى ما أؤمن به”. وتتمثل مطالب كوان ورفاقه في أربعة أمور رئيسية: تحمل الحكومة مسؤولياتها، وفتح تحقيق مستقل في احتمال وجود فساد أو إهمال، وتوفير سكن لائق للمتضررين، وإعادة النظر في معايير مراقبة أعمال البناء. ويؤكدون على أن الحريق ليس مجرد حادث، بل هو كارثة سببها بشري.
خلاصة: دعوات متزايدة للشفافية والمساءلة
تُظهر الاحتجاجات في الفلبين وهونغ كونغ تصاعدًا في المطالبات بالشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد والإهمال. إن هذه الأحداث تسلط الضوء على الأثر المدمر للفساد على حياة الناس، وتؤكد على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة المسؤولين المتورطين. من الواضح أن الغضب الشعبي لن يهدأ حتى تتحقق العدالة وتُتخذ التدابير اللازمة لمنع تكرار هذه المآسي. نأمل أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى تغيير إيجابي حقيقي في كلا البلدين، وتعزيز ثقافة النزاهة والمساءلة. شارك هذا المقال مع أصدقائك وعبر عن رأيك في التعليقات!
