أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن دعوة صريحة إلى المرونة والتحول نحو الدبلوماسية من قبل جميع الأطراف المسلحة في قطاع غزة، مؤكداً على ضرورة استغلال الفرصة المتاحة لإقناع الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل من أجل وقف التصعيد وتنفيذ الرؤية الأمريكية التي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. تأتي هذه التصريحات في وقت حرج يشهد فيه القطاع أوضاعًا إنسانية مأساوية وتوترات سياسية متزايدة، مما يجعل البحث عن حلول سلمية أكثر إلحاحًا.
دعوة أبو الغيط إلى المرونة والدبلوماسية في قطاع غزة
خلال مقابلة خاصة مع قناة المملكة الأردنية، شدد أبو الغيط على أن الولايات المتحدة قد أخذت على عاتقها مسؤولية إيجاد حل ينهي حالة اللاستقرار في غزة، ويسعى إلى تسوية شاملة تتضمن إعادة التأهيل وتوفير فرص حياة كريمة للفلسطينيين. لكنه أكد أيضًا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهدًا عربيًا وفلسطينيًا مُركزًا في مواجهة السياسات الإسرائيلية التي يراها مُنحازة نحو التوسع وضد الحقوق الفلسطينية.
وأضاف: “نعلم جميعًا أن إسرائيل تطمح في الأرض وتطمح في طرد الفلسطينيين، والتهجير أمر غير مقبول على الإطلاق. ولكن، علينا نحن كعرب، وبالأخص الفلسطينيين وناشطيهم، أن نُبين كيف يمكننا تقويض هذا المخطط، وكيف يمكننا إفشال هذه النوايا العدوانية. تاريخيًا، المواجهات المسلحة الطويلة لم تجلب إلا الدمار والخسائر الفادحة.”
أهمية الدور الدبلوماسي في تحقيق تسوية مستدامة
يرى أبو الغيط أن الإصرار على المقاومة يجب أن يتحول إلى مقاومة دبلوماسية فعّالة. وشدد على أن المرحلة الثانية من أي اتفاق بشأن غزة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العمل الدبلوماسي المكثف، والحوار البناء، والسعي لإقناع الأطراف الدولية المؤثرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بضرورة التدخل لوقف المعاناة.
تغييرات في الموقف الغربي تجاه القضية الفلسطينية
وأشار أبو الغيط إلى وجود “تغيرات رئيسة” في النظرة الغربية، سواء الأمريكية أو الأوروبية، تجاه إسرائيل وسياساتها. وذكر أن “هناك تطورات جديدة للغاية فيما يتعلق برؤية إسرائيل للعنف والعدوانية الإسرائيلية في الولايات المتحدة” وأن “تغيرات رئيسة في نظرة الأوروبيين إلى ما فعلته إسرائيل في الضفة الغربية أو في غزة”. واعتبر أن هذه التغيرات تمثل فرصة ذهبية يجب استغلالها بشكل كامل، من خلال التواصل الفعّال مع هذه الأطراف والدفع باتجاه ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل.
ملف المساعدات الإنسانية إلى غزة
كما سلط الضوء على ملف المساعدات الإنسانية العالقة، والتي ترفض إسرائيل إدخالها إلى قطاع غزة، مما يزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية. واستنكر هذا الموقف، متسائلاً عن دور المجتمع الدولي في السماح باستمرار هذه المأساة. ودعا إلى تفعيل قنوات الاتصال مع المانحين والولايات المتحدة والقوى الغربية والأمم المتحدة، من أجل التغلب على هذه العراقيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في أقرب وقت ممكن.
نقد الأفعال الاندفاعية وتأكيد المصالح العربية
انتقد أبو الغيط بشدة بعض الأفعال الاندفاعية التي تُرتكب باسم دعم القضية الفلسطينية، مثل إطلاق الصواريخ والمسيّرات من جنوب البحر الأحمر. واعتبر أن هذه الأفعال لا تخدم المصالح العربية، بل على العكس، تمنح إسرائيل مبررًا لتقويض الاستقرار وزيادة العنف في المنطقة.
شدد أبو الغيط على مبدأ أساسي في السياسة العربية: “أنا عربي ومصالح العرب هي الأساس.” وأضاف: “لا أفهم أن أطلق مسيّرة أو صاروخًا من 2000م في جنوب البحر الأحمر لكي أهدّد إسرائيل فأعطيها الفرصة أن تدمر مجتمعا كاملا في اليمن على سبيل المثال، وتهز قناة السويس وإمكانيات مصرية في قناة السويس.”
وضع السودان والانعكاسات على الشأن العربي
وفي سياق منفصل، أشار أبو الغيط إلى الوضع الصعب في السودان، واصفًا إياه بأنه “لا يحسدون عليه”. وأضاف أن “بعض المعنيين بإدارة الشأن العربي تصرفوا بأسلوب ونهج ألحق الأذى بالشعوب.” هذه التصريحات تعكس قلقًا عميقًا بشأن التحديات التي تواجه العالم العربي، وضرورة العمل على توحيد الصف وتنسيق الجهود لمواجهة هذه التحديات.
الخلاصة: ضرورة التحرك العاجل نحو الدبلوماسية
إن دعوة الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى المرونة والدبلوماسية في التعامل مع الأزمة في غزة تمثل نقطة تحول هامة في الرؤية العربية نحو إيجاد حلول سلمية ومستدامة. فالوضع الإنساني المُتدهور والتهديدات المستمرة تتطلب تحركًا عاجلاً ومنسقًا، يرتكز على الحوار والتفاوض، واستغلال الفرص المتاحة في المجتمع الدولي. إن عدم الاستفادة من هذه اللحظة الحاسمة قد يؤدي إلى فقدان فرصة تحقيق تسوية عادلة وشاملة، تضمن حقوق الفلسطينيين وتنهي معاناتهم المستمرة. يجب على جميع الأطراف المعنية الاستماع إلى هذه الدعوة، والعمل بجدية من أجل بناء مستقبل أفضل لغزة وفلسطين والمنطقة بأكملها.