في الذكرى 30 لليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثالث من مايو لتخليده، من المهم الاحتفال بهذا اليوم بوصفه فرصة إضافية ومتجددة لـ«تمكين الصحافة»، رغم الانتهاكات التي تتعرض لها في عالمنا الراهن.
وتعتبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) اليوم مناسبة «ذات طبيعة مزدوجة، فهو فرصة للتذكير بضرورة احترام الالتزامات بشأن حرية الصحافة وفرصة لاعتباره يوماً للتأمل بين الإعلاميين حول قضايا الصحافة وأخلاقيات المهنة».
وشهد عام الصحافة في عام 2022 انتهاكات وقائع محزنة، يتصدرها مقتل عشرات الصحافيين في ميادين المعارك الفعلية وهم يؤدون عملهم وسط طلقات الرصاص وقصف الصواريخ، يأتي في مقدمة هذه الأحداث لدينا في المنطقة استشهاد عروس الصحافة الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، والتي كان استشهادها على الهواء مباشرة نموذجاً لوفاء الصحافي لرسالته، وفصلاً محترماً في الإصرار على توصيل الحقيقة حتى النفس الأخير.
في باقي أنحاء العالم، لم تكن الوقائع أكثر اختلافاً، فقد سقط في عام 2022 حوالي 55 صحافياً في ميادين المعارك، ويمكن أن نضيف إليهم أربعة من العاملين في مجال الإعلام، طبقاً لمراصد صحافية وحقوقية متطابقة، لم يكونوا بالضرورة ضحايا صراعات سياسية إذ سقط كثير منهم في مواجهة الفساد والمافيا وتجار المخدرات وأساطين الجريمة المنظمة، أما الاحتجازات والاعتقالات والمضايقات، فقد كانت أكثر التباساً من أن ترصدها تقارير.
وتشير منظمة «مراسلون بلا حدود»، إلى حقائق جديدة في العالم تشكل ضغطاً على حرية الصحافة، بعيدة نسبياً عن الرصد التقليدي المعتاد الذي يجريه الصحافيون كل عام، فتبرز من هذه الضغوط توازي تصاعد عداء كثير من السلطات في العالم للصحافة بوجه عام وللمراسلين الصحافيين بوجه خاص، مع تصاعد كثير من العداء الشعبي أيضاً للصحافة في كثير من المناطق والبلدان،
«نتيجة للأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة»، وتحذر المنظمة من أن بيئة العمل الصحافي يوماً بعد يوم تصبح أكثر سوءاً.
وقالت «مراسلون بلا حدود» أيضاً إن «المشهد الرقمي زاد من تدهور ظروف الصحافة والصحافيين»، وإن «القدرة غير المسبوقة على العبث بالمحتوى تستخدم لتقويض جهود أولئك الذين يجسدون الصحافة الجيدة، وتستخدم أيضاً لإضعاف الصحافة نفسها»، وأضافت أن «قدرة الذكاء الاصطناعي على خلق ما يبدو وكأنه صحافة تعني تجاوز مبادئ الصرامة والمصداقية بسهولة»، كذلك ترصد مراصد أخرى المشاكل النوعية التي يتعرض لها «الصحافي البيئي» كلاعب جديد يتعرض للمصاعب في ميادين المهنة.
عموماً لخص الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دوافع الاهتمام الأممي بضرورة احتفاء كل هذه الشعوب بهذا اليوم بقوله «إن كل حريتنا في هذا العالم تعتمد على حرية الصحافة».
استشهاد الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة على الهواء مباشرة شكل نموذجاً لوفاء الصحافي لرسالته.