تقرير/ أحمد زهران :.
أبوظبي في 4 مايو /وام/ بعد عقود طويلة، استحوذت فيها بطولات الولايات البرازيلية المختلفة على عقل ووجدان مشجعي كرة القدم في البرازيل جاء فوز المنتخب البرازيلي بلقب بطولة كأس العالم 1970، للمرة الثالثة في تاريخه بمثابة حافز للاتحاد البرازيلي للعبة على إطلاق بطولة دوري منتظمة في البلاد.
وقبل هذا التاريخ، كانت بطولات الولايات المختلفة مثل “باوليستا” في ساو باولو و”كاريوكا” في ريو دي جانيرو و”مينيرو” في ولاية ميناس جيرايس الأكثر استحواذا على الاهتمام والأكثر شعبية في ظل حدة المنافسة بين الفرق المنتمية لنفس الولاية، وأحيانا للمدينة نفسها.
وفي عام 1971، انطلقت النسخة الرسمية الأولى من بطولة الدوري البرازيلي بعد سنوات من محاولات أخرى لم تأخذ في البداية الطابع الرسمي، وإن كانت مؤهلة للبطولات القارية في ذلك الوقت.
كانت أبرز هذه المحاولات السابقة هي بطولة “تاسا برازيل”، والتي اشتهرت بلقب الكأس الفضية، وأقيمت خلال الفترة من 1959 إلى 1968، وبطولة “روبرتو جوميز بدروزا”، التي أقيمت منذ عام 1967 وحتى 1970.
وفي 2010، اعترف الاتحاد البرازيلي للعبة بالنسخ التي أقيمت من هاتين البطولتين كنسخ سابقة لبطولة الدوري البرازيلي، ليعتبر الاتحاد عام 1959 هو بداية إقامة بطولة الدوري البرازيلي.
وتباين شكل البطولة على مدار تاريخها الطويل، وبدأت في اكتساب شعبية كبيرة رغم استمرار الشعبية الطاغية لبطولات الولايات البرازيلية.
و كان من أهم الأسباب وراء اكتساب بطولة الدوري لهذه الشعبية فوز أكثر من فريق صاحب شعبية هائلة باللقب في النسخ الأولى من البطولة مثل أتلتيكو مينيرو، الذي توج بلقب النسخة الرسمية الأولى في 1971، وبالميراس المتوج بالنسختين التاليتين، وإنترناسيونال المتوج باللقب 3 مرات بين عامي 1975 و1979.
وفي المقابل، كان فريق سانتوس، بقيادة الأسطورة الراحل بيليه قد فرض سطوته على بطولة “تاسا برازيل” في الستينيات وتوج باللقب في 5 نسخ متتالية من 1961 إلى 1965 كما أحرز لقب بطولة “روبرتو جوميز بدروزا” في 1968.
و شهدت فترة الثمانينيات الجيل الذهبي لفريق فلامنجو بقيادة الأسطورة زيكو، وتوج الفريق باللقب في 1980 و1982 و1983.
ويستحوذ بالميراس على الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بلقب الدوري البرازيلي.. فمنذ فوزه بلقب النسخة الثانية من بطولة “تاسا برازيل” في 1960، وحتى فوزه بلقب النسخة الماضية من بطولة الدوري البرازيلي في 2022، أحرز بالميراس لقب البطولة المحلية الأهم في بلاده 11 مرة، ولا يقترب منه سوى سانتوس برصيد 8 ألقاب، أحرز معظمها في الستينيات فيما كان أحدث ألقابه في 2004.
وشهد تاريخ البطولة العديد من التغيرات على شكل ونظام البطولة، وكان في العديد من المواسم بنظام المجموعات ثم إقامة أدوار فاصلة في نهاية الموسم لكن البطولة استقرت على نظام جديد بداية من 2003 حيث أقيمت بنظام دوري من دورين (ذهاب وإياب) بين جميع الفرق المشاركة في البطولة دون إقامة أدوار فاصلة.
و في ظل الشعبية الطاغية للعديد من الفرق في البرازيل، هذا البلد شاسع المساحة، ووجود أكثر من فريق كبير في كل ولاية وربما في كل مدينة، تعددت مباريات الديربي ولقاءات القمة في البطولة على مدار تاريخها وأصبحت من أكثر المباريات جذبا للاهتمام على مستوى قارة أمريكا الجنوبية وكذلك على مستوى العالم.
ومن أهم مباريات القمة في البرازيل، يبرز لقاء الديربي بين كورينثيانز وبالميراس وتحظى مباريات فلامنجو مع فلومينينسي، وفلامنجو مع بوتافوجو، وكروزيرو مع أتلتيكو مينيرو، وانترناسيونال مع جريميو، وسانتوس مع كورينثيانز، بشعبية طاغية لدرجة ربما تجعل من البرازيل أكثر بلد تتعدد فيه الديربيات.
وتغزو المواهب البرازيلية ملاعب العالم خاصة الملاعب الأوروبية منذ عقود طويلة، حيث أفرزت بطولة الدوري البرازيلي أعدادا هائلة من اللاعبين المميزين على مدار تاريخها لتكون هذه البطولة بمثابة منجم للمواهب أثرى الكرة العالمية بالنجوم على مدار عقود طويلة.
وخلال العقود الأولى من عمر المسابقة، لم يكن الاحتراف الأوروبي قد عرف طريقه إلى لاعبي البرازيل بالشكل الموجود حاليا، ولكن قوة الدوري البرازيلي والمنافسة الشرسة بين الفرق المختلفة أسهمت في تقديم العديد من المواهب سواء بعد انطلاق البطولة الرسمية في 1971 أو في المسابقات التي مهدت لها.
وكان الأسطورة بيليه على رأس قائمة النجوم الذين أفرزتهم البطولة، وإلى جانب فوزه مع سانتوس بلقب المسابقة 6 مرات، توج النجم الراحل بلقب الهداف في 3 نسخ من البطولة.
وإلى جانب النجوم البرازيليين الذين صالوا وجالوا في الملاعب الأوروبية، مثل رونالدو “الظاهرة” وروبرتو كارلوس وكافو ورونالدينيو وكاكا وروبينيو وريفالدو وروماريو وزيكو، والذين أفرزتهم بطولة الدوري البرازيلي، ظهر العديد من النجوم في الدوري البرازيلي، ولم يحالفهم الحظ للاحتراف.
ويبرز من هؤلاء النجوم ماني جارينشيا زميل بيليه في المنتخب البرازيلي الفائز بلقب مونديال 1958 و1962، والذي تألق في صفوف بوتافوجو وكورينثيانز وفلامنجو، والنجم الشهير كارلوس ألبرتو قائد المنتخب البرازيلي الفائز بلقب مونديال 1970، والذي تألق في صفوف فلومينينسي وفلامنجو وسانتوس.
وبرغم استمرار بيليه في صفوف سانتوس لسنوات طويلة منذ 1956 إلى 1974، والأهداف العديدة التي سجلها على مدار تاريخه مع الفريق، يأتي بيليه في المركز الـ17 بقائمة أبرز هدافي الدوري البرازيلي على مدار تاريخه.
وسجل بيليه 101 هدف في الدوري البرازيلي، فيما يتصدر اللاعب كارلوس روبرتو دي أوليفيرا (روبرتو ديناميتي) نجم فاسكو دا جاما وبرشلونة الإسباني السابق والذي وافته المنية في يناير الماضي عن عمر 68 عاما، قائمة أبرز الهدافين في تاريخ الدوري البرازيلي.
ويستحوذ الراحل ديناميتي على لقب الهداف التاريخي للبطولة برصيد 190 هدفا مقابل 158 هدفا للمهاجم فريد و154 للنجم الشهير روماريو.
والمثير أن اللاعب ليو بريليا تصدر قائمة هدافي النسخة الأولى من بطولة “تاسا برازيل” عام 1959 برصيد 8 أهداف فقط فيما تصدر أديمار بانتيرا قائمة هدافي النسخة الأولى من بطولة “روبرتو جوميز بدروزا” برصيد 15 هدفا.
وكانت صدارة قائمة هدافي النسخة الرسمية الأولى للبطولة عام 1971 من نصيب داريو سانتوس برصيد 15 هدفا، فيما تصدر الأرجنتيني جيرمان كانو مهاجم فلومينينسي قائمة هدافي البطولة في النسخة الماضية عام 2022 برصيد 26 هدفا.
عاصم الخولي/ أحمد زهران