في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه المملكة المتحدة، يشهد المشهد الاقتصادي تحولاً ملحوظاً، حيث تتجه أنظار الشركات البريطانية نحو آفاق جديدة خارج حدود الوطن. يشير أحدث تقرير اقتصادي إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الشركات التي تدرس نقل أعمالها إلى الخارج، مدفوعةً بضعف النمو المحلي والمخاوف المتصاعدة بشأن الزيادات الضريبية المحتملة. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد البريطاني وتأثيره على الاستثمارات والوظائف.
تزايد وتيرة نقل الشركات البريطانية إلى الخارج
أظهر مسح تجاري حديث صادر عن بنك سانتاندير أن حوالي 47% من الشركات البريطانية تعتزم التوسع خارج المملكة المتحدة. هذه النسبة تمثل زيادة كبيرة مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغت الزيادة بمقدار الثلث، وأكثر من ضعف النسبة المسجلة في خريف 2023 والتي كانت 21%. هذا الارتفاع يعكس قلقاً متزايداً بين الشركات بشأن البيئة الاقتصادية الحالية والمستقبلية في بريطانيا.
أسباب دفع الشركات للتوسع خارجياً
الدافع الرئيسي وراء هذه النقلة هو المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي في بريطانيا. فقد انخفض معدل النمو في الربع الثالث من العام الجاري إلى 0.1% فقط، وهو أضعف أداء ربع سنوي منذ نهاية عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، تثير الزيادات الضريبية المحتملة قلقاً كبيراً بين الشركات، خاصةً مع اقتراب موعد الكشف عن ميزانية الخريف في 26 نوفمبر الجاري.
العديد من الشركات الكبرى أشارت بالفعل إلى أن ارتفاع مساهماتها في اشتراكات التأمين الاجتماعي للعمال قد أضاف ملايين الجنيهات إلى نفقاتها التشغيلية. هذا العبء المالي الإضافي يزيد من الضغوط على الشركات ويدفعها للبحث عن بيئات اقتصادية أكثر جاذبية.
تأثيرات النمو الاقتصادي الضعيف والضرائب المحتملة
النمو الاقتصادي الضعيف يؤثر بشكل مباشر على قدرة الشركات على الاستثمار والتوسع. في حين أن وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، أعربت عن تفاؤلها بأن النمو الاقتصادي الأقوى سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية، إلا أن التوقعات الحالية تشير إلى عكس ذلك.
الشكوك المحيطة بميزانية الخريف تزيد من حالة عدم اليقين وتؤثر على قرارات الإنفاق لدى الشركات والمستهلكين. هذا الوضع يدفع الشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها والبحث عن فرص في أسواق أخرى. الاستثمار الأجنبي المباشر قد يتأثر أيضاً بهذا التحول، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد البريطاني.
البحث عن أسواق جديدة وتنويع سلاسل التوريد
بالإضافة إلى التوسع في أسواق جديدة، تسعى الشركات البريطانية إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها. أظهر استطلاع سانتاندير أن 54% من الشركات إما قامت بالفعل بنقل سلاسل التوريد بعيداً عن الصين، أو تفكر جدياً في القيام بذلك. هذا التحول يهدف إلى تقليل الاعتماد على مصدر واحد وتقليل المخاطر المتعلقة بالتجارة العالمية. تنويع سلاسل التوريد أصبح ضرورة استراتيجية للشركات التي تسعى إلى الحفاظ على استقرار عملياتها.
رؤى بنك سانتاندير وتوقعات مستقبلية
جين جالفين، رئيسة قسم عملاء الشركات في بنك سانتاندير بريطانيا، أكدت أن الشركات البريطانية “عازمة على النمو” على الرغم من التحديات التي تواجهها. وأضافت أن الشركات تواجه “مزيجاً صعباً من عدم الاستقرار الجيوسياسي، وضعف النمو المحلي”.
وأشارت جالفين إلى أن النمو الخارجي يبدو جذاباً بشكل خاص في ظل هذه الظروف، وأن السياسات الحكومية الداعمة للنمو في الخارج يمكن أن تساعد الشركات على الازدهار وتعزيز النمو الاقتصادي. بنك سانتاندير يجري استطلاعات رأي نصف سنوية لتقييم اتجاهات الشركات وتقديم رؤى حول التحديات والفرص المتاحة.
الخلاصة: مستقبل الشركات البريطانية في ظل التحديات الاقتصادية
يشير التقرير إلى أن نقل أعمال الشركات البريطانية إلى الخارج ليس مجرد رد فعل على الظروف الحالية، بل هو استراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى ضمان النمو والاستدامة في بيئة اقتصادية عالمية متغيرة. على الرغم من أن هذا التحول قد يثير قلقاً بشأن مستقبل الاقتصاد البريطاني، إلا أنه يعكس أيضاً قدرة الشركات على التكيف والابتكار.
من الضروري أن تتخذ الحكومة البريطانية خطوات فعالة لمعالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها، وتقديم الدعم اللازم للشركات لتعزيز النمو المحلي وتشجيع الاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات الاستمرار في استكشاف فرص النمو في الأسواق العالمية وتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها لضمان قدرتها على المنافسة في المستقبل. لمعرفة المزيد حول التحديات الاقتصادية في المملكة المتحدة، يمكنكم زيارة موقع بنك سانتاندير.
