الفلسطينيون مشغولون بالحاضر ويخشون المستقبل، وما زال يدفعهم الخوف، ويريدون وقف الابادة الجماعية الآن. ووقف القتل والتدمير، والتهجير، فهم بلا بيوت ولا ماء، ولا طحين، ولا طعام، ولا دواء، ولا مستشفيات، ولا علاج، ولا وقود. والحياة شبه متوقفة، ويريدون العودة إلى مدنهم وبيوتهم.
وبدأوا يفقدون الأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف الابادة، وفشل دريع لما تبقى من انسانية وضمير العالم، وقلة حيلة قد تصل حد التواطؤ لمنظمات الامم المتحدة.
والقيادة الفلسطينية غير مستعجلة، وهي تمارس سياسة الانتظار في الانفاق ويبدو أنها لا تدرك حجم التغيرات وسرعتها في العالم والمنطقة العربية، وهي منشغلة بتقديم اوراق اعتمادها للادارة الأمريكية الجديدة، ولا تعمل بشكل جدي للملمة شمل الفلسطينيين وبث الامل مر خلال الوحدة والتحضير لملف اليوم التالي لوقف الحرب، إلا أنها تتذرع بحجج مختلفة والقول عن أي خطة والابادة مستمرة!
وبينما تشترط دولة الاحتلال عدم وجود حماس و فتح في حكم غزة ، بعد وقف إطلاق النار، والادارة الأمريكية تبحث مع الاخرين وتضع الخطط لليوم التالي للحرب. وقبل عدة أيام كان هناك تصريح لوزير الخارجية الأمريكي انتوني بلنكين أنه إذا لم يحدث الاتفاق في الأيام المتبقية من إدارة جو بايدن، فسيتم تسليم الخطة إلى الإدارة الأمريكية القادمة.
الفلسطينيون خاصة أهل غزة وكأنهم خارج السياق، ولم تتم استشارتهم، ولا أحد يسألهم عن رأيهم، وهناك جدل وتجيش حول مدى أهمية اليوم التالي، ومن الذي سيقود وما دور لجنة الاسناد المجتمعي لادارة غزة على وسائل التواصل الاعلامي بين موافق ومعارض لها، وانها قد تتجاوز المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني. هناك انقسام في الساحة الفلسطينية بين السلطة الفلسطينية من جهة، وحماس وعدد من الفصائل من جهة أخرى. وكل فريق مدفوع برؤيته وبمصالحه. والشعب الفلسطيني يُطالب القيادة بضرورة اتخاذ خطوات أكثر قوة وجدية وبدون خوف نحو المصالحة وإنهاء الانقسام، ووضع خطة فلسطينية تعمل على مواجهة التحديات التي يواجهها المشروع الوطني القائمة على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من أجل الحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية.
يبدو أن الفلسطينين لم يدركوا خطورة أوضاعهم في قطاع غزة والضفة الغربية، وبالرغم من ما يعانيه الناس وفي غمار حرب الإبادة وأهوالها والتي تستهدف الفلسطينيين بالقتل والتهجير القسري والإبادة الجماعية وكي الوعي ونزع الهوية والملكية في فلسطين.
وأن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على طمس الهوية الوطنية، ولكن من دون جدوى، و أن هذه الأرض هي مكان وتاريخ. وما زال الفلسطينيين متجذرين في أرضهم. حريصون على حماية مصالحهم وصد كل المحاولات التي تستهدف التفريط في تضحياتهم وتصوير الشعب الفلسطيني كمجموعة سكانية لا تسعى إلا للبحث عن فتات المساعدات.
يدرك أهل غزة ثقل المسئولية وتراكم الأعباء على مر سنين الانقسام والظلم الذي وقع عليهم وسلب حقوقهم طوال عقد ونصف من الزمن، اضافة إلى حرب الإبادة الحالية، وما ترتب عليها من أزمات وهموم ومشكلات أثقلت كاهل الوطن والناس في قطاع غزة. وعلى الرغم من أنهم وحدهم إلا أنهم يدركون اللحظة التاريخية الصعبة التي تتطلب من الجميع التصميم والثقة في مواجهة ما يحاك ضدهم وقضيتهم، ومحاولات الاحتلال القفز عن المسار الوطني السياسي واستبداله بمسارات إنسانية يتحكم فيها الاحتلال ومحاولته خلق بدائل مرفوضة وطنياً .
وكي لا يبقى الشعب الفلسطيني خارج السياق، ولأجل من دفعوا دمهم ومن قضوا من أجل ديمومة الكيانية الوطنية وحفظ هويتها وكينونتها، والتمسك بالمرجعيات والمؤسسات الوطنية الفلسطينية التمثيلية، وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي وتعزيز الوحدة الوطنية، وضرورة أن تضم كافة مكونات الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده تنفيذا لاتفاقيات المصالحة الوطنية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية