في عالم تتفوق فيه العملية على المشاعر، يبرز مفهوم “الترفيه العاطفي” كأسلوب جديد لعرض المحتوى ومساعدة الأفراد على إعادة إحياء روح الإبداع فيهم. وتشكل منصة تيك توك مساحة رقمية رائدة لتحقيق هذه الغاية، إذ يمكن وصفها على أنها أفضل منصة لبناء روابط عاطفية متينة مع المستخدمين.
يشكل بناء روابط حقيقية مع المستخدمين وتحريك المشاعر الإيجابية في نفوسهم من فرح وسعادة وإلهام تحديًا كبيرًا اليوم، ولاسيما مع صعوبة إيجاد أفكار مبتكرة وتعتبر جديدة في عالمنا اليوم.
ويعظم هذا التحدي بالنسبة إلى العلامات التجارية والمسوقين، بحيث أصبح التواصل العاطفي مفتاح الوصول إلى ولاء العملاء وتشكيل سلوكياته. وقد بات توجيه المحتوى بما يتناسب مع أصداء الجمهور المستهدف وتأجيج مختلف أنواع المشاعر في نفوسهم، من التعاطف والحنين إلى الإلهام والأمل بمثابة الوسيلة المثالية بالنسبة إلى العلامات التجارية لترك انطباعات لا تنسى.
ولذلك، أجرت شركتا الأبحاث الرائدتان (إبسوس) IPSOS، و(ميديا بروبر) MediaProber دراسة هي الأولى من نوعها للكشف عن التأثير الملحوظ لتجاوب المستهلكين عاطفيًا مع المحتوى في منصات التواصل الاجتماعي الرقمية، حيث تناولت فيها تأثير الترفيه العاطفي على نتائج الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة، واعتمدت أيضًا على بيانات من دراسة صدرت عام 2021، التي أجرتها أبسوس ونيورونز (المتخصصة في علم الأعصاب) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، تسلّط الضوء على أسباب اهتمام المستخدمين مع محتوى تيك توك.
لفهم السبب العلمي الكامن وراء التواصل العاطفي، استخدمت شركتا إبسوس وميديابروبر تقنيات بحثية مبتكرة لتحديد اللحظات التي يبلغ فيها التواصل العاطفي ذروته أثناء إستخدام منصات الإعلام الرقمية.
كشف البحث أن المستخدمين عاشوا هذه اللحظات أثناء تصفحهم المنصات الرقمية الرئيسة نحو خمس مرات في خلال جلسة مدتها 30 دقيقة، في حين تزايدت المشاعر الإيجابية لدى مستخدمي تيك توك بنسبة أعلى بـ 1.2 مرة مقارنة مع المنصات الرقمية الأخرى.
وتتجلّى ريادة تيك توك بوضوح في مجال جذب الانتباه بحيث يقضي مستخدمو المنصّة 92% من وقتهم في استخدامها مقارنة بقضائهم 8% في مشاهدة التلفاز (النسبة المئوية للوقت الذي يستخدم فيه تطبيق تيك توك مقابل التلفاز – عندما يعطى الاختيار بين الاثنين في بيئة طبيعية متعددة الشاشات). ويحوز محتوى مقاطع الفيديو القصيرة اهتمام مستخدمي تيك توك، ويجذب انتباههم حيث يقومون بمشاهدة مقاطع الفيديو (التي ينشئها المستخدمون إضافةً إلى الإعلانات) أكثر بـ 1.6 مرّة مقارنة بالمنصات الرقمية الأخرى.
يدوم تأثير المحتوى الذي يصيب بالقشعريرة لفترة أطول من ردة الفعل الآنية، مما يحسن من مزاج المستخدمين حتى بعد استخدام المنصة بفترة طويلة. وكانت تيك توك المنصة الوحيدة التي تحسن مزاج المستخدمين بعد استخدامها بنسبة أعلى بـ 2.6 مرات مقارنةً بالمنصات الرقمية الأخرى، معززة بذلك مكانتها كمصدر للإيجابية والإلهام.
وفي هذا الإطار، صرّح برونو ريبيرو الرئيس العالمي للبحوث والرؤى في ميديابروبر قائلًا: “لقد بحثت هذه الدراسة التسويقية الرائدة والأولى من نوعها تأثير اللحظات العاطفية في تجربة المستخدم ومشاركة المحتوى عبر الإنترنت، مع تحديد فرص الأعمال للعلامات التجارية بهدف التواصل الجماهير”.
وأضاف ريبيرو، قائلاً: “واطلعنا على بيانات نفسية وفسيولوجية متباينة للمشاركين، وذلك من خلال تيك توك وغيرها من القنوات الرقمية، بهدف تحديد لحظات التواصل العاطفي. وكشفت النتائج أن المقاطع ذات التأثير العالي في النفوس هي جزء لا يتجزأ من إستراتيجية العمل التي تهدف إلى تعزيز تجربة المستخدم ورضاه عن المحتوى وتأثير العلامة التجارية”.
يضبط المستخدمون المحتوى المؤثر عاطفيًا، ويشتمل على مزيج رائع من المحتوى الأصلي والأسلوب الإيجابي والأشخاص الحقيقيين والموسيقى، مما يمنح المحتوى لمسة أصيلة ويدفع إلى إشراك المستخدمين بدون جهد يُذكر في توجهات المنصّة، ويرفع مزاج متابعيها ومن ثم يؤدّي إلى تعزيز الصدى العاطفي، مما يترك تأثيرًا دائمًا على المشاهدين.
وعلّق من جانبه راميش ريديكار، رئيس قسم متابعة العلامات التجارية في شركة إبسوس، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قائلًا: “إن هذا البحث العلمي حول الترفيه العاطفي يوضح التأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه المحتوى المرتبط بالعواطف في المستخدمين الرقميين، ولا سيما في منصة تيك توك. فذلك التأثير يتجاوز حدود الترفيه والمشاركة بحيث يدفع المستخدمين إلى اتخاذ بعض الإجراءات. وهذا النوع من المحتوى لا يعزز التقييم العام للمنصة فحسب، بل يحسن أيضا من مزاج المستخدمين، ومن ثم ، من المرجح أن يتذكروا الإعلانات ويتفاعلون معها وينشئون روابط أكبر مع العلامات التجارية”.
يرتبط التواصل العاطفي في تيك توك بشكل كبير بالسلوك الاستهلاكي. وقد أظهرت دراسة بحثية أجرتها شركة ابسوس حول التحفيز الشرائي للعلامات التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية والمملكة العربية السعودية وتركيا عام 2022 أن التأثر العاطفي مع المحتوى دفع 68% من المتسوقين إلى التسوق في تيك توك.
يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من قوة تأثير الترفيه العاطفي لترك انطباعات أكثر استدامة وتعزيز الولاء للمنتج والتحفيز على الشراء. مع استهلاك المستخدمين بشكل كبير للمحتوى، أصبح احتمال تذكر الإعلانات في تيك توك أعلى بمرتين مقارنة بالمنصات الأخرى.
ذلك، وكشفت دراسة أُجريت عام 2023 أن المستخدمين الذين يعيشون لحظات من التواصل العاطفي هم أكثر إقبالًا بمعدّل مرة ونصف على شراء منتج أو خدمة عبر المنصات الرقمية المختلفة؛ ولاسيما عبر منصة تيك توك، حيث إن التواصل العاطفي أقوى في تيك توك مما يجعل المستخدمين أكثر انفتاحا لتجربة المنتج أو الخدمة، وشرائها.
وتسلط هذه النتائج الضوء على الإمكانيات الهائلة التي تقدمها منصة تيك توك للعلامات التجارية التي تسعى إلى بناء روابط حقيقية وعاطفية مستدامة مع جمهورها. ومن خلال الاستفادة من قوة الترفيه العاطفي، يمكن للعلامات التجارية أن تحفز الشراء وترفع التأثير الإجمالي لجهودها التسويقية في تيك توك.