اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” معايير دولية حول أخلاقيات تكنولوجيا الأعصاب، بهدف تنظيم هذا المجال وتوضيح المخاطر والفوائد المتعلقة به. وأكدت دافنا فينهولز، رئيسة قسم الأخلاقيات الحيوية في اليونسكو، على أهمية اطلاع الناس على المخاطر والفوائد المحتملة لهذه التكنولوجيا، لمنحهم الفرصة لقبولها أو رفضها.
## تطور تكنولوجيا الأعصاب
شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال تكنولوجيا الأعصاب، خاصة مع التكامل بينها وبين الذكاء الاصطناعي. وقد أتاح هذا التكامل إمكانيات هائلة في فك تشفير بيانات الدماغ وتحليلها، مما أدى إلى ظهور أجهزة استهلاكية مثل سماعات الأذن التي تزعم قراءة نشاط الدماغ والنظارات التي تتتبع حركات العين. وقد عرّفت المعايير الجديدة التي وضعتها اليونسكو فئة جديدة من البيانات تسمى “البيانات العصبية”، واقترحت مبادئ توجيهية لحمايتها.
### حماية البيانات العصبية
تتطرق التوصيات التي أصدرتها اليونسكو، والبالغ عددها أكثر من 100 توصية، إلى المخاوف الحقوقية المتعلقة بحماية البيانات العصبية، وتطرح سيناريوهات مستقبلية قد تبدو الآن ضرباً من الخيال العلمي، مثل استخدام الشركات لتكنولوجيا الأعصاب في تسويق منتجاتها للناس دون وعي منهم أثناء أحلامهم. وتُسلط هذه المعايير الضوء على الحاجة إلى “الخصوصية العقلية” و”حرية الفكر”، وهما أمران أساسيان في حماية حقوق الأفراد في عصر تكنولوجيا الأعصاب.
## أهمية التنظيم
في ظل التطورات السريعة في مجال تكنولوجيا الأعصاب، تزايدت المطالب بتنظيم هذا المجال. وقد أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” ورقة بحثية الشهر الماضي، داعياً إلى وضع إطار عمل يركز على الخصوصية. كما قدم السيناتور الأمريكي تشاك شومر “قانون العقل” في سبتمبر الماضي، بعدما سنّت أربع ولايات أمريكية قوانين لحماية “البيانات العصبية”.
### المخاوف من التكنولوجيا العصبية
أعربت كريستين ماثيوز، المحامية المتخصصة في قضايا الخصوصية العقلية، عن قلقها إزاء ما يمكن أن تفعله تكنولوجيا الأعصاب، مشيرةً إلى أن فكرة قراءة التكنولوجيا العصبية لعقول الناس تُعتبر مخيفة. ومع ذلك، فإن بعض التطورات في هذا المجال يمكن أن تحقق تحولات طبية جذرية، مثل علاج حالات مرض باركنسون والتصلب الجانبي الضموري ALS.
## مستقبل تكنولوجيا الأعصاب
على الرغم من المخاوف المتعلقة بتكنولوجيا الأعصاب، إلا أن التطورات في هذا المجال، خاصة مع دعم الذكاء الاصطناعي، تحمل وعوداً كبيرة. فقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن واجهات الدماغ والحاسوب المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تُحدث ثورة في مجال الطب، من خلال مساعدة المرضى على التواصل بشكل أفضل. ومع استمرار التطورات في هذا المجال، يظل من الضروري موازنة الفوائد المحتملة مع المخاطر، وضمان حماية حقوق الأفراد وخصوصيتهم.
في الختام، تُعد المعايير التي وضعتها اليونسكو حول أخلاقيات تكنولوجيا الأعصاب خطوة هامة نحو تنظيم هذا المجال المتطور. ومن خلال التأكيد على أهمية حماية البيانات العصبية وضمان الخصوصية العقلية، يمكن لهذه المعايير أن تسهم في تحقيق توازن بين الابتكار وحماية حقوق الإنسان. ومع استمرار التطورات في مجال تكنولوجيا الأعصاب، يظل من الضروري مواصلة النقاش حول الأخلاقيات والتنظيم، لضمان أن تُستخدم هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول ومفيد للمجتمع.
