من الطبيعة الجبلية التي تتميز بها منطقة العين، يستوحي الفنان الإماراتي هاشل اللمكي أعماله الفنية، حيث نجد لوحاته تتأرجح بين الحركة والسكون، وتحمل ألوان الطبيعة وتضاريسها.
هذا الالتصاق بالطبيعة هو الذي دفع الفنان الشاب إلى السعي للبحث في المواد الفنية الطبيعية والمستدامة أيضاً، كما يسعى للحصول على شهادة خاصة بالاستوديو الخاص به لتصنيفه «استوديو مستدام»، وذلك من إسبانيا، عبر توفير كل الشروط لذلك.
إقامة فنية
يشارك الفنان الإماراتي حالياً في برنامج «الإقامة الفنية في العُلا» بالسعودية، ويسعى إلى تقديم ورش عمل وأعمال تعبر عن طبيعة المنطقة بوسائط مستدامة.
تدور أعمال هاشل اللمكي حول العلاقة بين الإنسان والطبيعة، سواء البرية أو تلك التي وضع الإنسان بصمته عليها، وتحدث عن الطبيعة التي احتلت جزءاً أساسياً في لوحاته، وقال: «الطبيعة هي الأساس في فني، فإنني أتعلم من الطبيعة، وكيف تكوّن التاريخ، وكيف تعامل الناس مع الطبيعة على مر الزمن، فالحضارات تشكلت حول الطبيعة».
اهتمام مبكر
ولفت اللمكي إلى أن اهتمامه بالطبيعة وبموضوع الاستدامة كان منذ بدايته في الفن، أي منذ أن كان يدرس في أميركا، حيث إن جزءاً من دراسته الفنية تمحور حول الاستدامة، لذا يعمل حالياً على العديد من المشاريع التي تحمل مفهوم الاستدامة أيضاً، موضحاً بأنه يسعى للحصول على شهادة للاستوديو الخاص به، لتقديمه كمرسم مستدام. وأشار إلى أن الطلب الذي تقدم به، كان الأول الذي يقدم من قبل فنان، موضحاً أنه سيتم الاعتماد على بيئة مستدامة في العمل، وكذلك لجهة المواد التي سيتم الاعتماد عليها، بحيث سيتم استخدام الألوان الطبيعية والابتعاد عن الألوان الزيتية التي اعتاد استخدامها في السابق.
منهج جديد
نوه اللمكي بأن ما يطرحه في الفن يتحدث عن الطبيعة، ولهذا يسعى إلى أن يكون ما يقدمه غير ضار بالطبيعة، وهذا بالطبع سيدخله في منهج جديد في كيفية إنتاج العمل الفني، بحيث ستتحول الممارسة الفنية كاملة إلى الاستدامة، وليس فقط الألوان، أي أنه سيعمد لابتكار فرشاة من مواد مستدامة، إلى جانب الكانفاس الذي سيستخدمه للرسم.
اختير الفنان الإماراتي هاشل اللمكي إلى جانب مجموعة من الفنانين من أنحاء العالم، في برنامج «الإقامة الفنية في العُلا» بالسعودية، وتحدث عن هذا البرنامج والتجربة، بالقول: «تلقيت الدعوة لأشارك في هذا البرنامج، من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، ويمتد البرنامج إلى ستة أسابيع، ولعل أبرز ما يقدمه هو الفرصة لالتقاء مجموعة من الفنانين الموجودين الذين ينتمون إلى بلدان مختلفة». وأضاف: «يقدم البرنامج حواراً ثقافياً بين الفنانين من أجل تبادل التجارب والخبرات التي تثري تجربة كل فنان، إلى جانب الرحلات الخاصة بمنطقة العُلا، والتي تقدم تعريفاً شاملاً حول المشهد الثقافي الحالي فيها، والتوجهات الحالية في مجال الفن، خصوصاً أنهم يعتزمون افتتاح سبعة متاحف حتى نهاية 2030».
مقترحات
وأشار اللمكي إلى أن ختام الإقامة يكون بتقديم مقترحات في مزج الألوان الطبيعية، ومزجها من الأرض والجبال والأحجار والمواد الموجودة في الطبيعة، حيث سيتم العمل على كيفية استخراج الألوان من الطبيعة، إلى جانب إمكانية التعاون مع الحرفيين الموجودين في المدينة، مشدداً على أنه حين يكون في الإمارات سيعمل على استخلاص الألوان من البذور الطبيعية والنباتات. إلى جانب العمل الفني يقدم اللمكي مجموعة من ورش العمل، التي تتم إدارتها مع الناس المحليين الموجودين في العلا، موضحاً أن العلا ساحرة وتحمل العديد من المناظر الخلابة ومنها الجبال والواحات، فهي تتميز بكونها تحمل طبيعة متميزة جداً، خصوصاً أنها خضعت للعديد من التغييرات المتعلقة بعوامل التبدلات الجيولوجية والحركات التكتونية للأرض، كما أن البراكين الناشطة غطت جزءاً من الترسبات الرملية، وبقي جزء منها مكشوفاً، وهذه تعد طبيعة ملهمة لفنان يعشق الطبيعة. وحول نوع الفن الذي سيقدمه في العلا، فنوه بأنه سيكون بحثياً أكثر من كونه إنتاجياً، كونه يحتاج إلى البحث قبل الإنتاج.
حركة وسكون
تراوح في أعمال اللمكي الحركة والسكون، وهذا ما يجعل الأعمال تميل إلى التعبيرية حتى في تقديم مشاهد الطبيعة، ولفت إلى أنه يحضر حالياً لتقديم معرض فردي في نهاية العام في العاصمة أبوظبي، وستحمل هذا المنهج في التشكيل. وأشاد اللمكي بالحركة الفنية المتنامية في الإمارات، مشيراً إلى أن نمو حركة المعارض والمتاحف تثري المشهد الفني، وتفتح الأفق للتعرف إلى التجارب الفنية الرائدة والمعاصرة في الدولة، ولاسيما تجارب الرواد الذين أسسوا الحركة الفنية الذين تقدم أعمالهم في أبرز المتاحف والمعارض، إلى جانب أعمال الجيل الشاب.
سيرة فنية
ولد الفنان هاشل اللمكي في الإمارات، وعايش النمو الصناعي والعمراني لدبي وبقية الإمارات، عدا التعقيدات الثقافية والديناميكية التي نجمت عن طفرة البناء، وهذا ما جعل أعماله تميل إلى تجسيد الطبيعة. انضم في عام 2007 إلى برنامج ماجستير الفنون الجميلة في مدرسة بارسونز الجديدة للتصميم في مدينة نيويورك، واغتنم وجوده في نيويورك لتكريس شغفه في إثراء ممارساته الفنية عبر شراكات متعددة التخصصات. ويقوم حالياً بمزج هذه التصورات النابضة لإبرازها في أعماله التي تركز على الابتكار الاجتماعي، والاستدامة، والأنشطة البيئية والخيرية.