قالت الناشرة الإماراتية إيمان بن شيبة مؤسسة «دار سيل للنشر»، إن قطاع النشر في الإمارات يشهد نمواً مطرداً من حيث عدد دور النشر ما ينعكس على المشهد الثقافي إيجاباً. نافية أن يختفي أو يتراجع حضور الكتاب الورقي بشكل كبير في السنوات المقبلة لصالح الأشكال الرقمية منه.
وأشارت بن شيبة في حوارها مع «الإمارات اليوم»، إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة واضحة في أعداد دور النشر الإماراتية، عازية هذه الزيادة إلى ارتفاع الوعي بأهمية قطاع النشر كصناعة وركيزة لنشر الثقافة، إلى جانب اتجاه كثير من الكتّاب لتأسيس دور نشر لتقديم كتبهم والكتب المشابهة من روايات ومجموعات قصصية. واعتبرت أن المشهد الثقافي في الإمارات شهد زيادة كبيرة في عدد الكتّاب والراغبين في إصدار كتب في الفترة الأخيرة، ونمو عدد دور النشر سيسهم بشكل كبير في دخول مزيد من الشباب هذا المجال.
السوق يتسع للجميع
وأشارت بن شيبة، إلى أن هذه الزيادة في دور النشر لا تعني بالضرورة خلق حالة من المنافسة بينها أو أن تؤدي إلى التصارع بينها على المنتج، لأن سوق النشر به حراك يكفي الجميع، معتبرة أن مدى نجاح دار النشر وقدرتها على الاستحواذ على عدد أكبر من الكتّاب يتوقف إلى حد كبير على حضور الناشر النشط في السوق وقدرته على تكوين شبكة قوية من الاتصالات والعلاقات. في الوقت نفسه استبعدت أن يترافق زيادة عدد دور النشر مع التوسع في نشاطها خارج الدولة، وأرجعت ذلك إلى عوامل عدة، منها صعوبة الأعمال اللوجستية بسبب الإجراءات المرتبطة بالتنقل بين الدول، واختلاف اهتمامات القارئ في كل دولة عن الأخرى، فالقارئ السعودي على سبيل المثال مهتم جداً بقراءة الكاتب السعودي، وكذلك الجمهور في مصر لديهم عدد كبير من دور النشر التي تقدم لهم خيارات واسعة، وبالتالي سيكون النجاح محدوداً لفكرة التوسع الخارجي مقارنة بالكلفة.
وحول نوعية ومضمون الكتب الأكثر مبيعاً؛ أوضحت أن من خلال تجربتها في دار سيل التي أسستها في عام 2014، وعبر مشاركتها في معارض كتاب مختلفة آخرها معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ32، وهي المشاركة الرابعة لها فيه، باتت تركز أكثر على كتب الأطفال لأنها من الأكثر مبيعاً في المعرض، إلى جانب كتب الطبخ والشعر والروايات باللغتين العربية والإنجليزية.
الكتاب الورقي باقٍ
وذكرت بن شيبة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية لها تأثير واضح على سوق النشر ومبيعات الكتب حيث أدت إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات منذ العام الماضي ومازال تأثيرها ممتداً. وأضافت: «في ظل تراجع القدرة الشرائية للجمهور قمنا بتخفيض الأسعار بشكل كبير، رغم أن كلفة الطباعة وأسعار الخامات ارتفعت، بهدف التخفيف عن الجمهور، ولكن مازالت المبيعات أقل من المعدل المتعارف عليه من قبل».
واعتبرت أن الكتاب الورقي سيستمر لفترة طويلة ولن يختفي قريباً تاركاً الساحة للكتاب الرقمي كما يتوقع البعض. لافتة إلى أن مثل هذا التغيير يحتاج لوقت طويل، خصوصاً أن الكتاب الورقي استطاع الصمود في مواجهة جائحة «كوفيد-19»، وما صاحبها من إجراءات احترازية لعدم ملامسة الكتب والصحف المطبوعة ودعم الأشكال الرقمية في كل التعاملات وليس في الكتب والصحف فقط. مضيفة: «في اعتقادي أن قدرة الكتب الورقية على تجاوز الجائحة دليل على أنه سيكون من الصعب أن يختفي في ظل أي ظروف أخرى. وبالنسبة لي كناشرة فأنا أشجع الكتب الورقية والرقمية لأني أقدم كلاً منهما، ونحرص على توفير كتبنا على المنصات الرقمية للبيع».
وأشارت إلى أن من أهم التحديات التي تواجه سوق النشر هي كيفية تشجيع القارئ على شراء كتاب وترسيخ ثقافة شراء الكتب باعتبارها سلعة ضرورية وليست نوعاً من الرفاهية في كل الأعمار. موضحة أن كثيراً من رواد المعارض يشترون الكتب لأبنائهم لذلك تكون كتب الأطفال أكثر مبيعاً، في حين أن الشخص نفسه قد لا يهتم بأن يشتري لنفسه كتاباً أو يجد أنه سعره مرتفع. وقالت: «لذلك يجب توعية هؤلاء بأن الكتاب مهم في كل الأعمار، وأنه ضروري ليوسعوا مداركهم ويزيدوا من معارفهم بشكل مستمر».
وذكرت أن هناك معايير عدة للكتب التي تقوم بطباعتها في الدار، مثل نوع الكتاب والفئة التي يخاطبها، وتهتم بالتركيز على كتب الأطفال، وأن تحمل قيماً جميلة وتناسب مجتمع الإمارات وقيمه وعاداته.
• نمو عدد دور النشر سيسهم في دخول مزيد من الشباب المجال.
• أهم تحديات سوق النشر هي كيفية ترسيخ ثقافة شراء الكتب.