صرح ثقافي يروي حكاية الأمة: نظرة معمقة على متحف زايد الوطني في أبوظبي
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة منارةً للتقدم والتطور، ورمزاً للإرث الثقافي العريق. وفي قلب هذا الإرث، يبرز متحف زايد الوطني كصرح شامخ يعكس الهوية الوطنية، ويحكي قصة الإمارات من جذورها العميقة في التاريخ إلى رؤيتها الطموحة للمستقبل. أكد محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أن المتحف ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل هو مرآة تعكس سردية الدولة، وفضاء يجمع بين الماضي والحاضر، ويفتح آفاقاً جديدة للتعلم والحوار. يمثل المتحف نقطة جذب عالمية، ومركزاً للباحثين والزوار من جميع أنحاء العالم، مما يعزز مكانة أبوظبي كوجهة ثقافية رائدة.
أهمية متحف زايد الوطني في المشهد الثقافي الإماراتي
متحف زايد الوطني هو حجر الزاوية في المنطقة الثقافية في السعديات، التي تضم أيضاً متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف التاريخ الطبيعي أبوظبي، وتيم لاب فينومينا أبوظبي، ومتحف جوجنهايم أبوظبي (المزمع افتتاحه قريباً). هذه التجمعات الفريدة للمؤسسات الثقافية العالمية تعكس التزام دولة الإمارات بتعزيز التبادل الثقافي العالمي، وتقديم محتوى متنوع ومبتكر يلبي اهتمامات مختلف الزوار.
المتحف يتجاوز دوره كمؤسسة ثقافية؛ فهو يمثل محطة حيوية في مسيرة الإمارات نحو مستقبل مزدهر، ويهدف إلى استضافة معارض تسلط الضوء على العلاقة بين الإمارات والإنسانية جمعاء. من خلال استكشاف مواضيع متنوعة مثل علم الآثار، والاستدامة، والعلوم، والفنون، يقدم المتحف منظوراً فريداً يرتكز على قيم الدولة ورؤيتها الشاملة.
قيم الشيخ زايد.. الإلهام الذي لا ينتهي
يقف متحف زايد الوطني شاهداً على قيم الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. هذه القيم، التي تجسد الوحدة، والرؤية، والحفاظ على التراث، والإنسانية، والطموح، والاحترام، والعطاء، هي الركائز الأساسية التي قامت عليها دولة الإمارات. المتحف يسعى إلى إحياء هذه القيم ونقلها إلى الأجيال القادمة، لترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء.
رحلة عبر الزمن: ما الذي يخبئه المتحف للزوار؟
داخل أروقة متحف زايد الوطني، ينتقل الزوار في رحلة استكشافية عبر تاريخ الإمارات الغني والمتنوع. يبدأ السرد القصصي من الأرض وأهلها، متتبعاً الجذور العميقة لتراثنا الثقافي الذي يعود إلى حوالي 300 ألف عام.
المتحف لا يكتفي بعرض الأحداث التاريخية، بل يربطها بتجارب إنسانية عميقة، ويسلط الضوء على الإنجازات الجريئة التي تحققت في العصر الحديث. من أبرز كنوز المتحف تبرز “لؤلؤة أبوظبي”، وهي إحدى أقدم اللآلئ الطبيعية المكتشفة في العالم، و”قارب ماجان” الذي أعيد بناؤه، والذي يمثل رمزاً خالداً للتبادل التجاري والحوار الثقافي عبر العصور.
التكنولوجيا والتراث: مزيج فريد من نوعه
يتميز المتحف بدمجه المبتكر للتكنولوجيا الحديثة مع المقتنيات التاريخية. فبالإضافة إلى الكنوز الأثرية، يعرض المتحف وسائط متعددة مبتكرة، ومقتنيات أرشيفية نادرة، وعروضاً تفاعلية غامرة تساهم في حفظ تاريخنا الثقافي وإحيائه. هذا المزيج الفريد يضمن أن تجربة الزائر ستكون شيقة ومثمرة، وأن المعلومات ستنتقل إليه بطريقة حيّة ونابضة. كما يعزز هذا النهج مفهوم التراث الثقافي وخطورته، وضرورة الحفاظ عليه للأجيال القادمة.
الهندسة المعمارية المستدامة: تحية للإرث الإماراتي
تجسد الهندسة المعمارية لـ متحف زايد الوطني، التي صممتها شركة “فوستر أند بارتنرز ليمتيد” الحائزة على جائزة بريتزكر، الرؤية الثقافية لدولة الإمارات. الأبراج الفولاذية الخمسة الشاهقة، المستوحاة من أجنحة الصقر لحظة التحليق، ليست مجرد تحفة فنية معاصرة، بل هي أيضاً رمز للأصالة والتراث الإماراتي.
المتحف يعتمد على مبادئ الاستدامة، مستفيداً من التبريد الطبيعي وتقنيات أبراج الرياح التقليدية (البراجيل)، تكريماً للإبداع المعماري الإماراتي الأصيل. هذه الميزات تجعل المتحف صرحاً صديقاً للبيئة، ويعكس التزام دولة الإمارات بالحفاظ على البيئة وتعزيز الاستدامة البيئية.
متحف زايد الوطني: رمز للوحدة ومستقبل مشرق
إن افتتاح متحف زايد الوطني تزامن مع احتفالات عيد الاتحاد، وهذا ليس مصادفة. فالمتحف يحمل في طياته دلالات رمزية عميقة، إذ يمثل تجسيداً للأسس والرؤى التي قادت إلى قيام دولة الإمارات، والإنجازات التي تحققت بفضل العمل الجماعي والتعاون.
يساهم المتحف بشكل فعال في ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز ثقافي عالمي، ويجذب الباحثين والفنانين والزوار من جميع أنحاء العالم. فهو يوفر وجهة ثقافية فريدة من نوعها، ترتكز على سرد وطني رؤيوي أصيل، وتفتح أبوابها للجميع. وهو بذلك يمثل ركيزة أساسية في جهود الإمارات لتعزيز الروابط مع العالم، وتقديم صورة حقيقية عن ثقافتها وقيمها.
دعوة لزيارة المتحف هي دعوة لاكتشاف هوية الإمارات، وتجربة ثقافتها الغنية والمتنوعة، والمساهمة في بناء مستقبل مشترك قائم على التقدم والتعاون والحفاظ على التراث الإماراتي الأصيل.
