في الأشهر الأخيرة، شهدنا صعودًا صاروخيًا لدمى “لابوبو” (Labubu) من شركة “بوب مارت” (Pop Mart)، لكن هذا الصعود لم يدم طويلًا. فقد خسر الملياردير الصيني وانغ نينغ، مؤسس ورئيس الشركة، جزءًا كبيرًا من ثروته، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الظاهرة الثقافية وقطاع ألعاب التحصيل بشكل عام. هذا المقال يتناول تفاصيل هذا التراجع، وأسبابه، وما قد ينتظر شركة “بوب مارت” في المستقبل.
تراجع ثروة وانغ نينغ وتأثيره على سوق الألعاب
تراجعت ثروة وانغ نينغ بحوالي 11.3 مليار دولار، من 27.5 مليار دولار إلى 16.2 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع انخفاض شعبية دمى “لابوبو”. يعكس هذا الانخفاض تحولًا في ديناميكيات السوق، حيث بدأت الموضة التي اجتاحت العالم في التلاشي. كانت دمى “لابوبو” قد وصلت إلى ذروتها في أغسطس الماضي، لكن المخاوف من أن تكون مجرد موضة عابرة بدأت تتزايد.
أسهم “بوب مارت” انخفضت بنسبة 40% منذ أغسطس، من 339.80 دولار هونغ كونغي إلى حوالي 200 دولار. هذا الانخفاض أثر بشكل كبير على ترتيب أغنى أثرياء الصين، حيث استعاد جاك ما، مؤسس علي بابا، صدارة القائمة. هذا التراجع يمثل تحديًا كبيرًا لشركة “بوب مارت” ومستقبلها في سوق ألعاب الفن.
أسباب تراجع شعبية لابوبو
يعزو المحللون هذا التراجع إلى عدة عوامل. أولاً، ضعف الطلب في منطقة الصين الكبرى، وهو السوق الرئيسي للشركة. ثانيًا، بطء النمو في الأسواق الخارجية، خاصة بعد انخفاض أسعار دمى “لابوبو” في السوق الثانوية. هذا الانخفاض في الأسعار دفع بعض هواة الجمع إلى بيع الدمى التي كانوا يحتفظون بها، مما زاد من المعروض وخفض الأسعار بشكل أكبر.
انخفاض أسعار السوق الثانوية
على منصة “ديوو” الصينية لإعادة البيع، انخفضت أسعار سلسلة “لابوبو 4.0” بنسبة 30% لتصل إلى حوالي 115 يوان (16.3 دولار) لكل دمية، في حين أن السعر الرسمي لا يزال 79 يوان. هذا التراجع يشير إلى أن الإقبال على شراء هذه الدمى قد انخفض بشكل ملحوظ، وأن المستثمرين الذين اشتروها بهدف المضاربة بدأوا في التخلص منها.
أداء شركة بوب مارت المالي
على الرغم من التراجع في أسعار الأسهم، أكدت شركة “بوب مارت” على قوة أساسياتها وإمكانات نموها. أظهرت النتائج المالية للنصف الأول من عام 2025 ارتفاعًا في الإيرادات ثلاثة أضعاف لتصل إلى 13.9 مليار يوان، وقفزت الأرباح 5 مرات لتصل إلى 4.6 مليار يوان. كان وانغ نينغ قد توقع أن تصل مبيعات الشركة بسهولة إلى 30 مليار يوان هذا العام.
ومع ذلك، يتوقع المحللون أن تواجه الشركة تحديات كبيرة في العام المقبل، حيث قد يصل نمو الإيرادات إلى 30% فقط مقارنة بتقديرات نمو 200% لعام 2025. هذا التباطؤ في النمو يثير قلق المستثمرين ويدفعهم إلى إعادة تقييم مستقبل الشركة.
استراتيجية بوب مارت وتحديات التحول
يرى بعض المحللين أن جزءًا من تباطؤ النمو المحتمل يعود إلى استراتيجية الشركة لزيادة إنتاج الدمى، بهدف أن تصبح علامة تجارية ترفيهية على غرار ديزني، بدلاً من الاعتماد فقط على التسويق المحدود لإثارة الرغبة. في السابق، جذبت دمى “لابوبو” مشاهير عالميين مثل ريهانا وكيم كارداشيان وليسا من فرقة بلاكبينك، وسببت طوابير طويلة في المتاجر العالمية.
ومع ذلك، يشير المحللون إلى ما يسمونه “تعب الموضة”، حيث لم تعد دمى “لابوبو” تحظى بنفس الإقبال. انعكس هذا في انخفاض أعداد الزوار وغياب الطوابير في معظم المتاجر الخارجية، باستثناء الافتتاحات الجديدة أو بعض المدن المختارة. هذا يشير إلى أن الشركة تحتاج إلى إيجاد طرق جديدة للحفاظ على اهتمام المستهلكين.
مستقبل بوب مارت: الابتكار والشراكات
يعتقد الخبراء أن قدرة الشركة على الحفاظ على شعبية “لابوبو” أو ابتكار شخصيات جديدة ستحدد مستقبل أسهمها. قدّر بعض المحللين أن سعر السهم قد ينخفض إلى 100 دولار هونغ كونغي العام المقبل، بينما يرى آخرون أن تعاونًا مع شركات سينمائية مثل سوني قد يساعد في توسيع التأثير العالمي للعبة. هذه الشراكات يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للشركة وتساعدها على الوصول إلى جمهور أوسع.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركة الاستمرار في الابتكار وتقديم منتجات جديدة ومثيرة للاهتمام للحفاظ على مكانتها في سوق هوايات التجميع المتنامي. التحول إلى علامة تجارية ترفيهية شاملة يتطلب استثمارات كبيرة في تطوير المحتوى والقصص والشخصيات الجديدة.
في الختام، يواجه وانغ نينغ وشركة “بوب مارت” تحديات كبيرة في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن الشركة لديها إمكانات كبيرة للنمو والنجاح في المستقبل، بشرط أن تتمكن من التكيف مع التغيرات في السوق والاستمرار في الابتكار وتقديم منتجات عالية الجودة تلبي احتياجات المستهلكين. من المهم متابعة تطورات الشركة عن كثب لمعرفة كيف ستتعامل مع هذه التحديات وكيف ستؤثر على مستقبل سوق الألعاب.
