يشعل نور آغا فقيري فرنه مرة شهرياً، ليصنع فخاريات داخل مشغله الصغير، الواقع على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى شمال غرب العاصمة الأفغانية كابول.
وتضم قارية كولالان (قرية الخزافين) في منطقة استالف العشرات من صانعي الفخاريات، ولكن كثيرين منهم اضطروا إلى التوقف عن إنتاج الفخار، إذ تراجعت المبيعات بسبب الصعوبات الاقتصادية.
ورغم ذلك، يبدي فقيري إصراراً على الاستمرار في ممارسة هذه الحرفة. ويقول «ينبغي عدم التخلي عن مهنة مارسها والداك وأجدادك، لأنها مُباركَة».
ويقول الرجل، البالغ 53 سنة، إن «أبنائي يحافظون أيضاً على عمل العائلة، ويرغبون في إنقاذه بأي ثمن».
ويُعد تصنيع الفخار تقليداً قديماً في مختلف أنحاء أفغانستان، لكن استالف تشتهر بالخبرة التي يتمتع بها صانعو الفخاريات فيها، وجودة هذه المنتجات.
وتنتشر على جانبي الشارع الرئيس في قارية كولالان متاجر الفخار، إلا أن نصفها مغلق بسبب غياب الزبائن.
وتوفر المتاجر التي تُبقي أبوابها مفتوحة أوعية وأواني وأباريق باللون الفيروزي والأكوامارين والبني الترابي.
ويرتاد معظم الزبائن كابول لقضاء يوم فيها، فيقودون لساعة ونصف الساعة وصولاً إلى التلال المحيطة بالعاصمة وضفاف الأنهر حيث يتنزهون.
وأحياناً، يحمل تجار الجملة طلبات كبيرة من الفخاريات من فنادق في أفغانستان أو خارجها.
ويلاحظ صانع الفخاريات عبدالحميد مهران (32 عاماً) أن «أجانب وأفغاناً من محافظات أخرى كانوا يرتادون استالف لمعاينتها، لأنها مكان سياحي قديم يتميز بمساحاته الخضراء».
وتستمر صناعة الفخاريات بالتقنيات نفسها التي كان يعتمدها القدماء. ويوضَع الطين المتأتي من الجبال المحيطة على مخارط تشغلها أقدام صانع الفخار، فيما تتولى يداه في الوقت نفسه تشكيل الإناء.
ويقول مهران إن «عملي مصدر فخر لي»، مضيفاً «إنه لفخر أننا نصنع منتجات مماثلة في أفغانستان».
وينتج مهران في مشغله بين 70 إلى 100 قطعة من الفخاريات يومياً، وتختلف هذه الكمية بحسب الطلب. وبعد تشكيلها، تُجفف المنتجات تحت أشعة الشمس، قبل مرحلة إدخالها إلى الفرن التي تتم مرتين شهرياً.
ويقول شاه أغا عظيمي، وهو زبون من كابول يبلغ 25 عاماً «أعاود المجيء إلى هنا لأنهم دائماً ما يصنعون منتجات جديدة وبنوعية جيدة».
ويضيف «هم يبدعون في عملهم». ويشير سكان المنطقة إلى أن بين 30 و80 عائلة فقط تستمر في ممارسة مهنة تصنيع الفخاريات، بسبب الصعوبات الاقتصادية.
ولا يظهر فقيري اعتراضاً على فكرة تزايد المنافسة في هذا المجال.
ويقول «ينتابني حزن عندما أرى متاجر مغلقة»، مضيفاً «أرغب في رؤية كل المتاجر المجاورة لمتجري مفتوحة، وأن يشهد العمل تحسناً يومياً».
ويتابع «يسعدنا أن نرى تجارة ناجحة في الأسواق. فهذا يُطمئننا عندما نمارس عملنا».
• حوالي 80 عائلة فقط مستمرة في مهنة تصنيع الفخاريات، بسبب الصعوبات الاقتصادية.