عندما أخبر أحد الصيادلة في العراق أُم محمد أن وصفتها الطبية لعلاج مرض جلدي ستتكلف نحو 800 ألف دينار (نحو 611 دولاراً)، لجأت إلى العلاج بالأعشاب الطبيعية الأرخص سعراً كما فعل بعض أقاربها.
وفي متجر لبيع الأعشاب، وجدت أم محمد (34 عاماً)، وهي أم لطفلين، أن العلاج أرخص بثماني مرات. وقالت «الصيدليات كارثة يعني، الفقير هم يلتجئ للأعشاب آمنة، والسعر، يعني السعر غالي، يعني تجارة صارت، يعني كل صيدلية لها سعر معين أني مثلا صيدلية رحتلها روشيته (وصفة طبية) تكلفني 800 ألف (دينار عراقي)، (نحو 611 دولار)، منو يقدر الفقير شو يسوي؟ يعني شنو المفروض يموت فيلتجأ للأعشاب أرخص بهواية».
وأضافت أُم محمد «أهلي دائما يستعملوها (الأعشاب) يعني عن تجربة، أقاربي من استعملوا الأعشاب أكيد بيها نتيجة أني ابني بي سكر وأني هم عندي شغلة جلدية هم جاية عليها».
بينما قال الأستاذ الجامعي إبراهيم الجبوري، صاحب مركز للعلاج بالأعشاب وحاصل على دكتوراه نباتات طبية وأستاذ العقاقير في كلية الصيدلة بالجامعة المستنصرية لـ«رويترز» إنه يستقبل عملاء يعانون من مشكلات صحية عدة مثل الأمراض الجلدية ومشكلات في الأمعاء والتهابات القولون وتساقط الشعر.
ورغم أن بعض العراقيين يختارون العلاج البديل عن قناعة، لا يملك آخرون خياراً آخر لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الأدوية التقليدية.
وقال حسن عابد علي وهو صاحب محل أعشاب «من ناحية العمل مالتنا (الخاص بنا) إحنا ورثناه هذا إشي، ونفس الوقت عن طريق ممارسة عن طريق تجارب يلا بهذا الشي افتتحنا هذا المركز أو قمنا نمشي بأحد الأمراض اللي كانت مستعصية عند أحد الزباين أو المراجعين أو المعاميل (العملاء) يكونون عندنا نفس الوقت، يعني الناس التمست التجربة من خلال طب الأعشاب».
بينما قال مدير المركز الوطني لطب الأعشاب التابع لوزارة الصحة العراقية، حيدر صباح: «الحالة الاقتصادية شوية اللي مر بيها البلد صارت كلفة الأدوية صعبة، غالية على الناس البسطاء، فقسم من عندهم التجأ للأعشاب فزاد المجال بهذا العمل فانفتحت محلات هواية قسم من عندهم كانوا مُجازين وسعوا من نشاطهم والقسم الآخر يعني بسبب ظروف معينة ما محصل الإجازة (التصريح)، قسمنا يعنى أنه يخلي التعليمات ويراقب عملهم ويرفع التقارير إلى الجهات في حال كون الجهات المحل غير مُجاز فاكو جهات ثانية هي تكمل العمل».
ورغم تقديم الخدمات الطبية العامة بالمجان، يلجأ عراقيون في كثير من الأحيان إلى القطاع الخاص ذي التكلفة العالية بسبب نقص الأدوية والأجهزة الطبية وقلة الخدمات.
وفي السنوات الأخيرة، لاحظ صباح افتتاح المزيد من مراكز العلاج بالأعشاب في العاصمة بغداد. وبحسب قاعدة بياناته فإنه يوجد الآن 460 مركزاً مرخصاً له ببيع العقاقير المستخلصة من الأعشاب، ارتفاعاً من 350 مركزاً في 2020.
وأضاف صباح «مهنة الأعشاب والنباتات الطبية في مجتمعنا يعني مستخدمة قديماً للتراث تعتبر، فقسم كبير من عندهم يتوارثوها أباً عن جد بس ما مدروسة بشكل علمي. هذا النبات يفيد هذا المرض بس قد يكون لازم أنت تعرف هذا النبات إذا استُخدم بجرعة زيادة ممكن أن يؤثر على المرض نفسه أو أمراض ثانية ما لها علاقة بالمرض اللي الشخص اللي جاي عليها».
وتختلف أماكن بيع الأعشاب الطبيعية اختلافاً كبيراً، بدءا من المتاجر التي تبيع المنتجات المعبأة جيداً والمرخصة في الأحياء الميسورة في بغداد إلى المتاجر التقليدية التي تخلط الأعشاب بعد استخراجها من آنية زجاجية أمام العملاء.
وقال محمد صبحي، الذي سار على خطى شقيقه ويبيع أدوية من الأعشاب الطبيعية في محل له منذ الثمانينيات، إنه ورث هذه المهنة.
وأضاف وهو يضع خطلة علاجية مع بعضها «مجموعة أعشاب، كزبرة وقطب ومعدنوس وشمس الأذرة، تستعمل للكلى وللمثانة، أشياء بسيطة».
وأشار إلى أن بعض الناس ممن لا يطيقون تحمل تكلفة العلاج التقليدي لا يذهبون أبداً للأطباء ويفضلون العلاج البديل بالأعشاب.
وقال اختصاصي الأمراض الصدرية والقلبية، علي ناصر، إن استبدال الوصفات الطبية بالمنتجات العشبية قد يمثل خطراً، وينتج عنه ضرر للمرضى في حال عدم تناولها بشكل صحيح. وتحدث عن مريض استبدل وصفته بعلاج عشبي ووصل إلى مرحلة ما يُطلق عليه الأطباء اسم الحماض الكيتوني السكري وكان لابد من إدخاله وحدة العناية المركزة.
وقال صباح إن فرق التفتيش على المتاجر التي تبيع الأعشاب الطبية أغلقت 10 متاجر بسبب وجود مخالفات جسيمة منذ عام 2019، مشيراً إلى أن معظم المخالفات التي رصدتها فرق التفتيش كانت صحيحة.