في تطور لافت للأحداث، أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية حكمًا نهائيًا في قضية شغلت الرأي العام مؤخرًا، تتعلق بـ انتهاك حقوق الملكية الفكرية للإعلامية مها الصغير. القضية، التي بدأت بعد ظهورها في برنامج تلفزيوني شهير، انتهت بسجنها لمدة شهر وغرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه مصري، وذلك بعد إثبات تورطها في الادعاء بملكية لوحات فنية لا تعود إليها. هذا الحكم يمثل سابقة مهمة في حماية الإبداع والفن في مصر.
تفاصيل القضية: من برنامج تلفزيوني إلى حكم قضائي
بدأت القصة في يوليو الماضي، عندما استضافت الإعلامية منى الشاذلي مها الصغير، طليقة الفنان أحمد السقا، في برنامجها “معكم” على قناة ONE. خلال الحلقة، تحدثت الصغير عن هوايتها في الرسم وعرضت مجموعة من اللوحات التي ادعت أنها من إبداعها.
اكتشاف الانتهاك
سرعان ما كشفت رسامة دنماركية، ليزا ناشنيلسن، أن إحدى اللوحات التي عرضتها الصغير هي في الواقع لوحة أصلية لها. لم يتوقف الأمر عند هذا الاكتشاف، بل تبين لاحقًا أن هناك لوحات أخرى نسبت إلى فنانين آخرين بشكل غير قانوني. هذا الأمر أثار غضبًا واسعًا في الأوساط الفنية والثقافية، وتسبب في أزمة قانونية كبيرة.
اعتذار مها الصغير وتصاعد الأزمة
بعد الضغط الإعلامي والشعبي، قدمت مها الصغير اعتذارًا رسميًا للرسامة الدانماركية ليزا ناشنيلسن، وكذلك لبرنامج “معكم” وجمهوره. نشرت الصغير اعتذارًا عبر حسابها الرسمي على موقع “فيسبوك” اعترفت فيه بخطئها، قائلةً: “أنا أخطأت. أخطأت بحق الفنانة الدانماركية ليزا، وبحق جميع الفنانين، وبحق المنبر الذي تكلمت من خلاله، والأهم أني أخطأت بحق نفسي”. وأضافت أن الظروف الشخصية الصعبة التي تمر بها، وعلى رأسها طلاقها من أحمد السقا بعد زواج دام 26 عامًا، لا تبرر لها هذا الفعل.
ومع ذلك، لم يهدئ هذا الاعتذار من غضب المتضررين، حيث تبين أن الادعاء بملكية الأعمال الفنية لم يقتصر على ليزا ناشنيلسن، بل امتد ليشمل فنانين آخرين. هذا التصاعد في الأزمة دفع الفنانين المتضررين إلى تقديم شكاوى رسمية إلى الجهات المختصة، مما أدى إلى فتح تحقيق موسع في القضية.
حكم المحكمة الاقتصادية وأهميته في حماية الفن
بعد دراسة الأدلة والشهادات، أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية حكمها في قضية حقوق الملكية الفكرية، حيث قضت بسجن مها الصغير لمدة شهر وتغريمها 10 آلاف جنيه مصري. استند الحكم إلى نصوص المواد 138/1 و139 و140/9 من قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، والتي تجرم التعدي على حقوق المؤلف والأعمال الفنية.
هذا الحكم يعتبر خطوة مهمة في حماية الإبداع الفني في مصر، وإرساء مبدأ احترام حقوق الملكية الفكرية. فهو يوضح أن القانون يحمي حقوق الفنانين والمبدعين، وأن أي محاولة لانتهاك هذه الحقوق ستواجه بعقوبات رادعة.
ردود الأفعال على الحكم
أثار الحكم ردود فعل متباينة في الأوساط الإعلامية والشعبية. فقد أعرب العديد من الفنانين والمبدعين عن ارتياحهم للحكم، معتبرين أنه يمثل نصرًا لهم ولحقوقهم. بينما رأى البعض الآخر أن الحكم قد يكون قاسيًا، خاصةً في ظل الظروف الشخصية الصعبة التي تمر بها مها الصغير.
من جهتها، لم تصدر مها الصغير أي تصريحات رسمية حول الحكم حتى الآن. ومن المتوقع أن تستأنف الصغير الحكم أمام محكمة أعلى، في محاولة لتقليل العقوبة أو إلغائها.
مستقبل حماية الملكية الفكرية في مصر
تأتي هذه القضية في وقت تشهد فيه مصر جهودًا متزايدة لتعزيز حماية الملكية الفكرية وتشجيع الإبداع والابتكار. وقد اتخذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات في هذا الصدد، بما في ذلك تحديث القوانين واللوائح المتعلقة بالملكية الفكرية، وتوفير الدعم المالي والفني للمبدعين والفنانين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك وعي متزايد بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية في المجتمع المصري، وذلك من خلال الحملات التوعوية والبرامج التعليمية التي تنظمها الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
في الختام، يمثل حكم محكمة القاهرة الاقتصادية في قضية مها الصغير علامة فارقة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية في مصر. ونتوقع أن يكون لهذا الحكم تأثير إيجابي على المشهد الفني والثقافي في البلاد، وأن يشجع المزيد من المبدعين والفنانين على تقديم أعمالهم دون خوف من الانتهاك أو التعدي. نأمل أن تساهم هذه القضية في زيادة الوعي بأهمية احترام حقوق الفنانين وتقدير الجهود الإبداعية التي يبذلونها.
