52 طفلاً عربياً تواجدوا تحت قبتهم البرلمانية خلال انعقاد أعمال الدورة الثالثة للبرلمان العربي للطفل التابع للجامعة العربية، توافدوا من 15 دولة عربية لمناقشة موضوع بالغ الأهمية يمس حاضرهم ومستقبلهم، والذي حمل عنوان «الطفل العربي.. جهد مستدام من أجل المناخ»، صوتهم يدعو إلى تكاتف الجهود من أجل منظومة عربية نحو العمل المناخي المستجيب لكل التغيرات الآنية والمستقبلية.
مداخلات الأطفال الأعضاء خلال جلستهم التي عقدت بمقر المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة عكست مدى تمكنهم كجيل قادم من قيادة نهج الاستدامة في مجال المناخ، والمساهمة الفاعلة في تطوير الحلول المبتكرة، والمشاركة في الجهود المناخية.
آراء رفيعة المستوى طرحت، وسلطت الضوء على أهمية التعاون العربي والدولي لتعزيز مشاركة الأطفال في مراكز اتخاذ القرار للمساهمة بدور فاعل في إحداث التغيير المستدام والمنشود، وأهمية دور المناهج التعليمية والأسر، ووسائل الإعلام التقليدي والحديث، في تزويد أجيال المستقبل بالمعارف والمهارات ومنحهم الفرص التي تتيح لهم المساهمة في تحقيق التحول النوعي نحو الحياد المناخي والاستفادة من نتائجه.
وأكد الأطفال أنهم قادرون من خلال العمل معاً على تحفيز الابتكار في مجال الاستدامة والعمل المناخي الهادف لدى أجيال المستقبل، واقترحوا إنشاء منصات ومواقع إلكترونية، وطرح جلسات حوار محلية ودولية، تهدف إلى إعطاء مساحة أكبر للمشاركة في حوارات متعددة الأوجه حول المناخ، وتغيراته وظواهره، وأهمية الوعي نحو تحدياته والعمل ضمن ورش عمل تفاعلية لتبادل الأفكار وتطوير حلول مبتكرة ومستدامة تخدم المجتمع، كما في استخدام الوقود، والاعتماد على الأجهزة الصديقة للبيئة، وتخفيض الانبعاثات وغيرها.
ولفتت الآراء والتوصيات القيمة التي طرحها أطفال الوطن العربي في برلمانهم إلى أهمية تشجيع المواهب من أجل ابتكار حلول فعالة ومستدامة، وتنمية سبل التواصل كما في البرلمان العربي للطفل، وغيرها من المنصات والجهات، لإشراك الأطفال وتثقيفهم وتمكينهم، لإحداث تغير إيجابي في مدارسهم وأسرهم ومجتمعهم لتحويل التعهدات المتعلقة بالمناخ إلى عمل حقيقي، يبدأ من الطفل.
حضر الجلسة هنا سيف السويدي عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة رئيسة هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة، وأحمد سعيد الجروان الأمين العام للمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، والدكتور عبدالرحمن الياسي مدير عام ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، والدكتور عبدالمالك دبابش المستشار في إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية.
بدأت وقائع الجلسة بكلمة أيمن عثمان الباروت الأمين العام للبرلمان العربي للطفل، قائلاً: «يسرنا اليوم أن نلتقي بكم في إمارة الشارقة (المقر الدائم للبرلمان العربي للطفل) في الجلسة الثانية من الدورة الثالثة للبرلمان العربي للطفل، ويسعدني أن أرحب بكم في بلدكم دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً من شارقة الثقافة المُحبة والصديقة للأطفال من كل مكان».
وأضاف: «باسم البرلمان العربي للطفل نتشرف بأن نتوجه بأسمى آيات التقدير والعرفان لوالدنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أسس للطفولة العربية هذا البرلمان الذي نجتمع فيه مرتين في كل عام لمناقشة الموضوعات التي تؤثر في حاضرهم وترسم أحلام غدهم ومستقبلهم».
وتابع الباروت في كلمته: «بحمد الله تعالى يشارك أبناؤنا وبناتنا أعضاء البرلمان في مناقشة العديد من الموضوعات المهمة، منطلقين من الأهداف العالمية، مسترشدين بأدلة الاستدامة، وذلك ضمن خطة طموحة، من ضمنها الموضوع الذي سيناقشه الأعضاء في هذه الجلسة بعنوان: (الطفل العربي.. جهد مستدام من أجل المناخ).. داعياً إلى أهمية حفظ التوازن البيئي والعيش بسلام على كوكب الأرض».
وفي ترأسها لمجريات الجلسة أكدت الكويتية جنان الشريف رئيسة البرلمان العربي للطفل، أهمية قضية التغير المناخي كونه في مصاف الأولويات في القضايا العالمية، وذلك تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة المعلن عنها من قبل الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى عالم يسع الجميع.
وتابعت في كلمتها بأنه لفئة الأطفال في العالم دور كبير ومؤثر في العمل من أجل الاستدامة، ولهذا، ومن هذا المنبر أدعو أعضاء البرلمان العربي للطفل إلى المشاركة الفعالة في هذه الجلسة بآرائهم وأفكارهم وبمقترحاتهم، حتى نضع بصمة للطفولة العربية على مستقبلنا المشرق، بإذن الله.
بعدها تلت الفلسطينية حلا جهليل النائب الأول لرئيسة البرلمان العربي للطفل، أسماء الأعضاء المعتذرين عن عدم حضور هذه الجلسة.
ثم بدأ الأعضاء والعضوات مداولات الجلسة، وطرحوا مداخلات قيمة في موضوع جلستهم الثانية «الطفل العربي.. جهد مستدام من أجل المناخ»، مقدمين توصياتهم في هذا الموضوع.
وجاء في مداخلات الأعضاء والعضوات، التي استهلتها العضو من السعودية العنود العمرو ببيان جهود السعودية في الحفاظ على المناخ وإنشاء المدن المتطورة، بما يتوافق مع أفضل الممارسات ودعت إلى تعزيز دور القطاع الخاص في العناية بالمناخ.
فيما أشارت الكويتية أنوار حسن الجعفر، إلى أن عالم اليوم يواجه العديد من التحديات التي تهدد استقراره ومنها التغير المناخي، ولفتت إلى الهدف الـ13 للتنمية المستدامة وهو «العمل المناخي»، ومنها الزيادة المهولة في درجات الحرارة، وتطرقت لتضافر جهود السياسات والاستراتيجيات لمواجهة هذا التحدي، خصوصاً أن زيادة درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية تؤثر على الأطفال صحياً، وتزداد مخاطر الولادة المبكرة وأمراض الكلى للأطفال وارتفاع نسبة الوفيات بين الرضع، وأوصت الجعفر بسن قوانين تكفل الرعاية الكاملة للأطفال قبل الولادة وبعد الولادة مع الاهتمام برعاية الأم، مع إجراء دراسات معمقة بمخاطر تغير المناخ والأمراض الناتجة.
ودعا العضو المصري أحمد طارق الفرماوي، إلى تمكين الأطفال من التفاعل مع قضايا المناخ مع توفير التدريب للأطفال، وأهمية استخدام النقل المستدام، ونشر المسطحات الخضراء.
ونبهت العضو التونسية آلاء عوني، إلى التأثير السلبي لتغير المناخ خصوصاً تأثيره على صحة الأطفال، وهم الفئة الأكثر تضرراً، واقترحت المحافظة على البيئة باستخدام الطاقة المتجددة مع الاستثمار في الصناعات غير الملوثة، وأن يكون الطفل هو المحور في محاربة هذا التلوث ودوره في المحافظة على البيئة، مع توعية الطفل الدائمة من خطورة التغير المناخي.
وأشار العضو الكويتي عبدالله المنصوري، إلى مشكلة الاحتباس الحراري، وفقدان التنوع البيولوجي، وأهمية اتخاذ إجراءات فورية لضمان الحياة للأجيال المقبلة، ودعا إلى التقليل من الوقود الأحفوري والاتجاه إلى الطاقة الشمسية وغيرها من الاهتمام بحماية الغابات وتعزيز الزراعة المستدامة، مع أهمية الإعفاءات الضريبية لمصادر الطاقة المتجددة وأهمية الاتجاه نحو المستقبل الأخضر.
توصيات.. واقتراحات
أكدت العضو من سلطنة عمان لجين بنت عارف العامرين، أن العالم يئن من الأزمات والحرائق جراء موجات حر غير مسبوقة، وكذلك اجتياح السيوح الجارفة في مناطق عدة من العالم، ما يوثر على كوكب الأرض، مع ازديادها بشكل أكبر وأسرع، وأوصت بوقفة دولية لمعالجة تلك الكوارث. وتحدثت العضو البحرينية سارة أحمد يوسف عن لقاء عرض في تلفزيون البحرين في عام 1970 عن مشكلة سيدة في عدم قدرتها على الحياة في ذلك الوقت، حتى جاء التطور، وتطرق إلى سعي البحرين في التشجير وعودتها إلى لقب بلد المليون نخلة، ودعت إلى أن يكون في كل مجمع سكني حديقة، مع توفير دروس تعليمية عن البيئة الخضراء، مع إنشاء محميات زراعية في المدارس، ورصف شوارع خاصة للدراجات الهوائية. العضو اللبناني جون دندن أشار إلى خطورة تغير المناخ بسبب سلوك الإنسان الذي خلق المشكلة، ودعا إلى تعاون دولي من خلال تشكيل لجنة دائمة وفعالة في كل دولة عربية لتنظيم الأعمال، وتستثمر في مشاريع الإنماء، مع وضعها خطة للتنمية المستدامة، وإجراء بحوث علمية، وتحفيز الشعوب للعمل لدرء تلك الفاجعة على المستقبل البشري. ولفتت العضو الإماراتية سلامة الطنيجي، إلى جهود الإمارات للحد من هذه الظاهرة، وتعزيز الجهات المختصة للتعامل مع تلك الظاهرة، وإنشاء إدارة للتغير المناخي في وزارة الخارجية، وتطرقت إلى جهود القيادة في الإمارات للاهتمام بالأنشطة البيئة، وأوصت بالعمل للحد من التغير المناخي، ورفع مستويات الوعي بالأخطار المحدقة وتوفير الحقائق في هذا الشأن. ودعا العضو الإماراتي سيف المزروعي، إلى أهمية إشراك الجمهور للتصدي لظاهرة التغير المناخي كونه دور الجهات الحكومية، حيث لا يهمل الدور الذي تقوم به المؤسسات الخاصة والأفراد، وتكاملها لإحداث الفرق، مع تغيير السلوكيات، والمشاركة المجتمعية ذات أهمية وفاعلية للحد منها كما في حماية البيئة، وطرح حملات تثقيفية، وتطرق إلى مبادرات الإمارات في الاستدامة البيئية والتي حققت التأثير الإيجابي للوصول إلى مجتمع واعٍ، وأوصى بإنشاء جائزة عالمية لتشجيع المبدعين لإيجاد حلول للتصدي للتغير المناخي وتشجيع المبادرات في هذا الصدد. وتطرقت العضو الجزائرية سجود رتاج رحاحلة، إلى أن الأطفال أكثر تأثراً في هذا التغيير المناخي، وأهمية إقرار العالم بحق الطفل في حياة أفضل، وعدم تأثره بهذا التغير وأوصت بإعداد دليل مشترك بين الدول العربية لمواد تعليمية في المراحل التعليمية
كافة ، مع خلق رؤية لتوحيد حماية البيئة، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة المتجددة، وإقامة مدارس مستدامة. ثم تتابعت مداخلات الأعضاء والعضوات في مناقشة هذا الموضوع، وفي ختام الجلسة توحدت آراء أطفال الوطن العربي إلى أهمية العناية بتغير المناخ، لما له من تأثير اجتماعي واقتصادي، فضلاً عن الخسائر التي تطال الأسر والمجتمعات، جراء التحديات التي تطال الوطن العربي، بالتزامن مع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
وفي ختام أعمال الجلسة أكدت الكويتية جنان الشريف رئيسة البرلمان العربي للطفل، فخر الأطفال بالبرلمان العربي للطفل، والذي يمثل الطفولة العربية واختتمت بقولها: «وأخيراً.. لنتعاهد نحن أعضاء البرلمان العربي للطفل أن نكون عند حسن الظن، وأن نعمل بكل مسؤولية من أجل تحقيق أهداف برلماننا الذي نفاخر به الأطفال في كل مكان».
مداخلات الأطفال الأعضاء عكست مدى تمكنهم كجيل قادم من قيادة نهج الاستدامة في مجال المناخ، والمساهمة الفاعلة في تطوير الحلول المبتكرة.
اقترحوا إنشاء منصات ومواقع إلكترونية، وطرح جلسات حوار محلية ودولية، تهدف إلى إعطاء مساحة أكبر للمشاركة في حوارات متعددة الأوجه حول المناخ.