أطلقت دولة الإمارات مبادرة «الأندلس تاريخ وحضارة»، برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وبتنظيم من قبل مركز جامع الشيخ زايد الكبير والأرشيف والمكتبة الوطنية. ويأتي إطلاق هذه المبادرة وبالشراكة مع مملكة إسبانيا، تعبيراً عن إيمان دولة الإمارات الراسخ بحتمية الانفتاح على الحضارات والتلاقي بين الثقافات، إذ تسعى الدولة من خلالها إلى تسليط الضوء على الحضارة الأندلسية عبر مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية، الهادفة إلى تعزيز الروابط المتينة القائمة بين الدولتين، والتعريف بالحضارة العربية التي شهدتها الأندلس، وما تأسست عليه من ثقافة الحوار والتسامح وقيم الانفتاح والتعايش، وهي ذات القيم التي تسعى دولة الإمارات، عبر جهود متعددة، لنشرها وترسيخها.
إرث إنساني
وقال رئيس لجنة مبادرة «الأندلس تاريخ وحضارة»، محمد المر، خلال مؤتمر إطلاق المبادرة الذي عقد في قصر الإمارات بأبوظبي صباح أمس، إن إطلاق هذه المبادرة يأتي ضمن اهتمام دولة الإمارات بالإرث الإنساني أينما وجد، وذلك بالمشاركة الجادة في حفظه وترميمه والتعريف به ونشره عالمياً، إضافة إلى كون المبادرة في جوهرها دعوة للجمهور العام للتعرف إلى عناصر ومكونات واحدة من أعظم الحقب التاريخية العربية، وإطلاع الأجيال الجديدة على الحضارة الأندلسية في إرثها الإنساني والحضاري والثقافي والعلمي، وترسيخ وإعلاء ثقافة التعايش والتسامح التي تأسست عليها الحضارة الأندلسية، وتعيشها اليوم، والاحتفاء بها.
علاقات ثقافية
وأشار إلى أن المبادرة تستهدف تعزيز التفاهم وتعميق العلاقات الثقافية والإنسانية بين الشعبين الإماراتي والإسباني، وعليه تشكل منصة لتوطيد أواصل التعاون بين البلدين، وتمكين التواصل وتبادل الخبرات بينهما من خلال تنظيم فعاليات ثقافية ومعارض فنية وأنشطة تعليمية. موضحاً أن التعاون مع مختلف الأطراف أثمر جدول أعمال يتضمن أربعة محاور رئيسة، هي معرض فني وعروض فنية وموسيقية وندوات ثقافية وكتب وإصدارات أندلسية.
المبادرة الأولى
أعرب سفير مملكة إسبانيا لدى الدولة، ينيغو دى بالاسيو، في كلمته، عن شكره وتقديره لهذه المبادرة التي تأتي ثمرة لرؤية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وتهدف للاحتفاء بتاريخ وحضارة الأندلس. كما أشاد بالمجهود والدعم الكبير الذي يقدمه فريق العمل القائم عليها. لافتاً إلى أن الإمارات هي أول دولة تطلق مثل هذه المبادرة، بما يعكس العلاقات والأهداف القوية بين البلدين.
وأوضح أن العلاقات التاريخية التي تربط بين الأندلس والعالم العربي تستند إلى أسس عدة، من أبرزها: تأثير الثقافة العربية الذي لايزال حاضراً على الثقافة واللغة والمطبخ والعمارة والفنون الإسبانية، وهو إرث يعزز الترابط بين الشعوب، ويعبر عن التنوع الثقافي الذي اتسم به مجتمع الأندلس. كذلك أسهم الحكم الإسلامي للأندلس في جعلها مركزاً للعلم وانتقال المعرفة واكتساب العلوم لكل العالم، وبفضل هذا الإرث لاتزال مصدر إلهام للكثيرين، إضافة إلى أن الأندلس قدمت مثالاً تاريخياً للتعايش بين الديانات الثلاث، وضم مجتمعها أشخاصاً من خلفيات ثقافية متنوعة، ما أسهم في إثراء التنوع الثقافي لمجتمعها. بينما يمثل الأساس الرابع لإسبانيا أن تتواصل العلاقات التاريخية عبر علاقات حديثة قوية تربطها بالعالم العربي.
فعاليات
تشمل مبادرة «الأندلس.. تاريخ وحضارة» فعاليات فنية وثقافية متنوعة، منها معرض للمقتنيات الفنية الأندلسية، يستضيفه مركز جامع الشيخ زايد الكبير، وينطلق في نوفمبر 2023، وندوتين ثقافيتين، يشارك فيهما متخصصون وعلماء في الدراسات الأندلسية بكل تخصصاتها الثقافية والأدبية والعلمية، تستضيف إسبانيا أولاهما في سبتمبر 2023، بينما تستضيف دولة الإمارات الندوة الثانية في فبراير 2024، وعدد من العروض الفنية والموسيقية من موشحات أندلسية والأوركسترا السمفونية وأنغام عربية وإسبانية.
وتعزز المبادرة، من خلال فعالياتها المختلفة، دور الإمارات الساعي لإرساء قيم التسامح والعيش المشترك، بدعوتها لأفراد المجتمعين المحلي والعالمي من محبي الفن والتاريخ والعمارة الأندلسية والباحثين والأكاديميين، إلى اكتشاف واحدة من أعظم الحقب التاريخية المشتركة بين العرب وإسبانيا، وهي مهمة ثقافية عالمية تقودها الإمارات لإبراز الإرث الأندلسي ومآثره الثقافية والفنية والفكرية التي سادت الأندلس، والتأكيد على التاريخ المشترك بين العرب والإسبان على مرّ القرون الماضية، وعمق العلاقات العربية الإسبانية اليوم على مستوى العمل الثقافي.
تعميق المعرفة
وتسعى المبادرة إلى تعميق المعرفة بالحضارة الأندلسية الفريدة من خلال ترجمة أهم مصادر التراث الأندلسي في كل الفنون وحقول المعرفة، وإعادة نشرها باللغة العربية، لتعيد إلى الأذهان حقبة مزدهرة من تاريخ الإنسانية، وتتيح للعالم العربي والعالمي استكشاف صفحات من التبادل الثقافي والحضاري المتواصل.
طفل إماراتي يلفت الانتباه
حاز الطفل الإماراتي نهيان راشد بن جرش النعيمي، الطالب في الصف الثاني بالمدرسة الإسبانية بأبوظبي، إعجاب الحضور بمشاركته في المؤتمر، حيث ألقى كلمة ترحيبية باللغة الإسبانية، عرف بها عن نفسه كطالب إماراتي يدرس ويتحدث الإسبانية، مع التعريف بالمبادرة، كما رحّب بالحضور وبالسفير الإسباني لدى الدولة.
ينيغو دي بالاسيو:
• «الإمارات أول دولة تطلق مثل هذه المبادرة ما يعكس العلاقات القوية بين البلدين».
محمد المر:
• «المبادرة دعوة للجمهور للتعرف إلى مكونات واحدة من أعظم الحقب التاريخية العربية».