تحت عنوان «الوجود اللطيف»، قدم الفنان الياباني تسويوشي هيساكادو معرضه في مركز جميل للفنون، الذي يستوحي فيه الأعمال من قوانين الفيزياء والرياضيات، ليناقش أنظمة الزمان والمكان، وغيرها من القوى غير المرئية التي تشكل تفاصيل الحياة اليومية. قدم الفنان في معرضه الأول الذي يقام في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، مجموعة من أعماله المتنوعة التقنيات والمواد، وعمل على ربط الإمارات باليابان من خلال جمع أصوات تبرز أشكال الحياة اليومية في كل من الإمارات واليابان.
تتنوع الأعمال التي يقدمها هيساكادو في المعرض الذي يستمر حتى 24 سبتمبر، لجهة الرمزية، وكذلك التقنيات والوسائط، ولعل أكثرها انتماء للإمارات هو العمل الذي جمع من خلاله أصواتاً من الإمارات واليابان. وينقلنا الفنان إلى الإمارات من خلال مجموعة من الأصوات التي سجلها في الدولة، وكذلك في اليابان، ومن بينها أصوات المترو، وتساقط المطر، وضوضاء أجهزة التكييف، وصوت الريح في الصحراء، وغيرها، إذ يأخذنا من خلال هذا العمل إلى ضوضاء الحياة الذي لا يثير انتباهنا، بسبب انغماسنا في الحياة اليومية.
وتبرز أعمال هيساكادو ارتباط الذاكرة لديه بالموقع، إذ يعمل في مواقع تحمل حكايات تاريخية عميقة، فنجد في أعماله حالة توثيق للحواس والأمكنة، من خلال الإضاءة والصوت والتفاصيل المعمارية، كما نجده يربط بين الماضي والمستقبل عبر أعماله التي تبدو وكأنها في حالة امتداد زمني. ينغمر المتلقي في العمل بكل أحاسيسه، فالفنان الياباني يقدم أعماله على شكل تركيبات متعددة الحواس، ويهتم إلى قوانين الفيزياء والرياضيات المستخدمة في تشكيل الزمان والمكان، وفي تمثيل نقطة اللانهاية، لمعالجة موضوعات بشرية داخل المنظومة الطبيعية الأكبر. يقف المتلقي في غرفة يسيطر عليها الظلام، وضوء واحد يتحول معه المتلقي إلى العمل من خلال انتشار ظله على الحائط.
تحمل الأعمال التي يقدمها الرموز التي ترتبط بالطبيعة، ومنها الدائرة التي ترمز إلى حالة اللانهاية، كما أنه يعتمد على الإضاءة في العديد من الأعمال، ومنها في عمله «مشعل»، الذي تتنوع فيه مصادر الضوء، حيث يجد المتلقي نفسه أمام أضواء وورقة بيضاء، وكأنها فرصة لاختصار كل ما شاهده في المعرض.
يتعمد الفنان طرح مجموعة من المفاهيم الخاصة بالأفكار الجدلية والتي تحرك عالمنا، فيضعنا في غرفة بيضاء مع مجموعة من الأوراق التي تحتلها بعض الكلمات المطبوعة والمأخوذة من أغنية فرنسية لدافت بانك، يتيح من خلال هذا العمل المجال للكلمات بأن تقدم أفكاراً عدة، ومنها الرأسمالية المتأخرة، وغيرها من تفاصيل الحياة اليومية.
وحول المعرض الذي أنتج من قبل مؤسسة الفن جميل، وبالتعاون مع مؤسسة اليابان، قالت المدير التنفيذي في مركز جميل للفنون، أنطونيا كارفر، لـ«الإمارات اليوم»: «تأثر الفنان بالهزة الأرضية التي ضربت اليابان، وهذا ما يفسر انتماء الأعمال كثيراً إلى عالم الرياضيات والفيزياء، فهو يعمل على دمج المشاعر بالعلوم، من خلال الأصوات والإضاءة، فالمتلقي يدخل في عالم الفنان، ويصبح جزءاً من التجربة». ولفتت كارفر إلى أن المعرض نظم بمناسبة الذكرى 50 للعلاقات الإماراتية اليابانية، ولهذا تم العمل مع قيمين للمعرض، قيم في الإمارات وقيم في اليابان، وهذا ما أدى إلى وجود حالة من التبادل الثقافي المميز خلال العمل على التحضير للمعرض.
ورأت كارفر أن المشهد الفني في الإمارات بات مزدهراً، وبالتالي باتت هذه التجارب المتميزة مألوفة، خصوصاً أن المشهد الفني في الإمارات نضج وأصبح جامعاً لكل فنون العالم، فبات يطلق على دبي اسم المدينة الثقافية، خصوصاً في مجال الفن البصري، وهذا بطبيعة الحال أوجد حالة فنية ناضجة. وأكدت أن المركز يعمل ضمن المنظومة الفنية التي تطلقها هيئة دبي للثقافة، حيث يتم النظر إلى الجدول السنوي، من أجل العمل على تضافر الجهود لتحقيق أهداف الخطط التي تضعها الهيئة.
سيرة فنية
ولد الفنان الياباني تسويوشي هيساكادو عام 1981، وهو يعيش ويعمل في كيوتو. حصل على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة من قسم النحت بجامعة مدينة كيوتو للفنون عام 2007. أمضى عدداً من السنوات في تصميم الأزياء والمنتجات قبل عودته إلى ممارسته الفنية عام 2013، وأقام عام 2020 أول معرض فردي متحفي في متحف تويوتا البلدي للفنون، كما انتخب مبعوثاً للتبادل الثقافي لشرق آسيا. فاز هيساكادو بالعديد من الجوائز، ومنها جائزة «فوكا رؤية الفن المعاصر»، وشارك في العديد من المعارض الجماعية في عدد من المدن الصينية.
• أنطونيا كارفر: «المعرض نظم بمناسبة الذكرى الـ50 للعلاقات الإماراتية اليابانية، ما خلق حالة من التبادل الثقافي المميز خلال العمل على التحضير له».