حوّل صانع المحتوى الإماراتي أحمد المرزوقي معاناته مع التنمر في الطفولة إلى قصة نجاح بارزة، حيث فاز بجائزة أفضل صانع محتوى سينمائي في مجال الأفلام الهندية.
وتمكن أحمد المرزوقي من الفوز بالجائزة بسبب المحتوى السينمائي التثقيفي الذي يقدمه، إذ يهدف إلى تقديم كل ما هو نخبوي ومعرفي دون أن يغريه بريق «الترند» وما يمكن أن يقدمه لأي صانع محتوى من متابعين وشهرة.
بدايات
تحدث المرزوقي لـ«الإمارات اليوم» عن بدايته في عالم السوشيال ميديا، قائلاً: «أنهيت الماجستير في الإعلام بعد أن درست إدارة الأعمال، ولكنني لم أحصل على الوظيفة التي أحلم بها في مجال الإعلام المرئي، فأنا أميل إلى إجراء الحوارات وإخراج المعلومات المميزة والإيجابية من الضيوف، بخلاف ما يحدث على بعض المنصات». وأضاف: «دخولي إلى عالم وسائل التواصل الاجتماعي، تم بعد أن دخلت عالم «اليوتيوب» في البدء، ولكنني تركته بسبب تأثري بالتعليقات، ومن ثم بدأت على المنصات الأخرى وقررت أن أركز على التعليقات الإيجابية لتكون محفزة لي للاستمرار».
خوف من الناس
تعرض المرزوقي للتنمر في صغره وقادته هذه التجربة إلى عالم التواصل الاجتماعي اليوم، موضحاً أنه كان خجولاً في الصغر، وكان زملاء الدراسة يتنمرون عليه ويحاولون ضربه، فكان نتيجة لذلك يجلس في الحمام طوال ساعات الدراسة، حتى تبلغت عائلته بغيابه المتكرر عن المدرسة، لتكتشف أمه أنه يُمضي ساعات الدراسة في الحمام بدلاً من الصف، بسبب الخوف الذي يسيطر عليه. وأضاف قائلاً: «تعرضت لكثير من الأذى النفسي وكذلك الجسدي، لهذا أمضيت سنوات طويلة لا أذهب إلى المدرسة بدون مرافق من العائلة، وقد استمر هذا الوضع حتى دخلت السنة الأولى من الجامعة، إذ كنت أشعر بالخوف من الناس ومن ردود أفعال المحيطين بي».
انتصار على الخوف
وتعلم المرزوقي الكثير من هذه التجربة، مشدداً على أنه من المهم أن يكون الإنسان قوياً عقلياً وليس جسدياً فقط، موضحاً أنه انتصر على الخوف من خلال الأفلام الهندية، حيث كان يمثل مشاهد السينما أمام المرآة، وهذا التمرين مكّنه من تجاوز الأزمة وتطوير شخصيته. هذا الانتصار الذي قدمته السينما على المستوى النفسي للمرزوقي، كان الدافع الأول له للتوجه إلى تقديم محتوى متخصص في السينما الهندية، فضلاً عن رؤيته لوجود أفكار مغلوطة عن الأفلام الهندية، إذ يضعها البعض في خانة الأفلام الغنائية والرومانسية، علماً بأن هناك الكثير من الأنواع المرتبطة بهذه السينما. ويتنوع المحتوى الذي يقدمه بين نقد الأفلام ورواية القصص، أو حتى فيديوهات مصورة خلف الكواليس لتصوير الأفلام والمسلسلات الهندية.
تمثيل الإمارات
فاز المرزوقي بجائزة أفضل صانع محتوى عن السينما الهندية باللغة العربية، في حفل «إنترناشونال أيكونيك أورد» الذي يقام سنوياً في الهند ويشهد مشاركة العديد من النجوم الكبار، وعبر عن سعادته بالفوز بهذه الجائزة، وبكونه نجح في تمثيل الإمارات بأفضل شكل، معرباً عن أن الجائزة بمثابة مكافأة على كل الجهد الذي بذله خلال سنوات، وبكونها تفرض عليه الكثير من المسؤولية في المحتوى الذي يقدمه، ومحاولة التجديد دائماً على نحو جاذب ومميز.
ورأى المرزوقي أن المحتوى الذي يقدمه يحمل الكثير من الثقافة والفن، مشيراً إلى أنه لا يسعى إلى الشهرة بالدرجة الأولى وليس إلى الجمهور العادي، فما يهتم به هو تقديم ما هو جديد وما يبحث عنه المتلقي المثقف، لذا يهتم بأن يكون عفوياً في طريقة تقديم المحتوى المتميز بوجود القيمة المعرفية. وأشار إلى أن الفيديوهات التي يصورها تحتوي على كثير من المعلومات، مبيناً أن صناعة المحتوى ليست مجرد تصوير فيديوهات، فهي تتطلب البحث عن المعلومات الأكيدة، والوقت في العمل، والتصوير والمونتاج.
جمهور متنوع
أما جمهور منصات التواصل الاجتماعي، فأكد المرزوقي أنه متنوع، وأردف: «أخاطب الباحث عن معلومة ومعرفة وليس عن الترفيه، فالمحتوى الترفيهي جاذب وسهل، كما أنه سريع الانتشار، لذا تقع مسؤولية التسطيح في صناعة المحتوى على المشاهدين أيضاً، لأنهم السبب في رواج هذا النوع من الفيديوهات». واعتبر أن التخصص في صناعة المحتوى يفيد في الحفاظ على عدد المتابعين وزيادتهم، بينما قد يخسر المؤثر بعض المتابعين بسبب التنوع. ونوّه بأن المواهب الموجودة في صناعة المحتوى جيدة ولكنها غير كافية، إذ لابد من أن تكون محصنة بالعلم، وليس فقط المعرفة، فمنصات وسائل التواصل الاجتماعي تحت مظلة الإعلام، ولا يمكنها أن تعوّض ما يقدمه الإعلام.
سينما إماراتية
لم يستبعد صانع المحتوى المختص في الأفلام الهندية، أحمد المرزوقي، تقديم محتوى خاص بالإنتاج الإماراتي السينمائي وإن كان بسيطاً، مشيراً إلى وجود كثير من المواهب في هذا المجال تستحق تسليط الضوء. وأشار إلى أهمية الاستثمار على نحو أكبر في السينما الإماراتية، معبراً عن أهمية أن تكون هناك مواهب متمكنة في مجال السينما، مبيناً أنه يعمل على أن يكون سفيراً لما يقدم في هذا المجال من خلال منصاته الخاصة، لأنه يريد أن تصل هذه الأعمال إلى العالمية.
أحمد المرزوقي:
• «تعرضت لكثير من الأذى النفسي وكذلك الجسدي، لهذا أمضيت سنوات طويلة لا أذهب إلى المدرسة بدون مرافق من العائلة».
• «صناعة المحتوى ليست مجرد فيديوهات، فهي تتطلب البحث عن المعلومات الأكيدة والوقت والتصوير والمونتاج».
• «تمثيل مشاهد السينما أمام المرآة، هو الذي مكنني من تجاوز أزمتي وتطوير شخصيتي».