أكد عدد من المسؤولين الحكوميين والخبراء في قطاع السياحة، أن توجهات السياح في العالم فرضت على قطاع الضيافة والسياحة تبني خيارات مستدامة واستحداث وجهات تلبي تطلعات الزوار والسياحة، موضحين أن الناس باتوا يهتمون أكثر بكيفية وضع بصمتهم وتأثيرهم الإيجابي على البيئة، وأشاروا إلى أنّ دولة الإمارات ببنيتها التحتيّة المتطوّرة والحديثة، وبيئتها الحيوية والديناميكيّة توفّر نموذجاً مثالياً بين وجهات السياحة المستدامة والمسؤولة.
جاء ذلك خلال سلسلة عروض تقديمية وجلسات حوارية في فعاليات “منتدى الشارقة الدولي للسياحة والسفر” الذي تنظمه “هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة” في “مركز إكسبو الشارقة”، استضافت كلاً من سعادة أحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وسعادة الدكتورة نوال الحوسني، وكيل الوزارة المساعد بالإنابة لقطاع التنمية الخضراء والتغيّر المناخي في وزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات والمندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، وافتخار حمداني، المدير العام الإقليمي لمجموعة فنادق إتش أم إتش، وكوكو تانغ، عضو مجلس إدارة المجلس العالمي للسياحة المستدامة، وبول بريدجر، المدير التنفيذي للعمليات في فندق روف.
وخلال عرض تقديمي بعنوان “رؤية الغد”؛ استعرض أحمد عبيد القصير أبرز المشاريع السياحيّة والضيافة المستدامة والصديقة للبيئة التي تتولى هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” تطويرها.
وقال: “نسعى من خلال مشاريعنا إلى تقديم تجارب فريدة وأصيلة وليس خدمات ضيافة وحسب. فهدفنا هو جذب السياح لاستكشاف التراث الإماراتي الغني”. وتطرّق القصير لمشاريع سيتم افتتاحها قريباً في الشارقة مثل قرية نجد المقصار والرحال، بالاضافة الى مشاريع في منطقة وخورفكان والمناطق ذات الأهمية الأثرية مثل مليحة وغيرها، مشيراً إلى أنّ الشارقة لديها الكثير لتقدّمه في مجال السياحة البيئية والمستدامة، وتسعى باستمرار إلى تقديم تجارب استثنائيّة للتفاعل بشكل فريد وغير مسبوق مع الزوّار.
وفي أعقاب العرض التقديمي؛ شارك القصير في الجلسة الحواريّة الأولى بجانب سعادة الدكتورة نوال الحوسني، حملت عنوان “ممارسات الاستدامة – نبتكر من أجل التأثير الإيجابي، نتعاون من أجل التغيير”.
وأكّد القصير في مستهلّ الجلسة أنّ الاستدامة في المجال السياحي تحمل الكثير من الفرص وتتيح الكثير من الإمكانيات، مشيراً إلى أن الاستدامة كتوجه وحدها لا تكفي، وإنما من المهم وضع هدف واضح لهذا التوجه حتى تصبح كل الممارسات الصديقة للبيئة تخدم غاية وتؤدي نتائج مثمرة يمكن قياسها.
وقال: “قطاع السياحة يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك ففي بعض الدول حينما تكون حركة تدفّق السياح كبيرة إليها فقد تجد تحدياً في إدارة هذا الإقبال على وجهاتها السياحية بممارسات صديقة للبيئة تعود بالنفع على المجتمعات والأفراد”، داعياً إلى أهمية التعلم من التجارب السبّاقة وزيادة الوعي بطريقة التعامل مع أي تحديّات من ذلك النوع.
بدورها؛ أشارت الدكتورة نوال الحوسني إلى تنامي الوعي العالمي حول الاستدامة والممارسات البيئية وفي نفس الوقت ازدياد الطلب على تبني هذه الممارسات، مشيرة إلى أنه عند الحديث عن الاستدامة فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار أربعة معايير؛ المساهمة في التنمية الاقتصادية، والتأثير على البيئة، وتحقيق أثر إيجابي ثقافي، وأثر إيجابي اجتماعي.
وقالت: “يبحث السائح اليوم عن تجربة سياحية ثرية وغنية بالتفاصيل والممارسات وليس فقط مجرد زيارة. فالناس باتوا يهتمون أكثر بكيفية وضع بصمتهم وتأثيرهم الإيجابي على البيئة وهو ما نطلق عليه السياحة المسؤولة وهو ما ساهم في تغيير المفهوم التقليدي للسياحة”.
وأضافت: “لطالما كانت دولة الإمارات سباقة في تبني الطاقة المتجددة، وتمتلك اليوم محطات حازت على العديد من الأرقام القياسية بما في ذلك 4 من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة على مستوى العالم، وتواصل الدولة جهودها الراسخة في هذا الإطار”.
وجاءت الجلسة الثانية من المنتدى بعنوان “استراتيجيات السفر والسياحة المستدامة”، والتي أدارها دوغ لانسكي، الخبير العالمي للسياحة ومستشار الوجهات السياحية، وتحدثت خلالها كوكو تانغ عضو مجلس إدارة المجلس العالمي للسياحة المستدامة حول الدور الحاسم والمركزي للمجتمعات في تسريع وتيرة الخيارات المستدامة، مشيرة إلى ضرورة المتابعة وجمع البيانات والإشراف والمراقبة لقياس وعي الأفراد وتفعيل مشاركتهم في تحقيق أهداف الحكومات ترسيخ ثقافة الاستدامة في مختلف القطاعات.
وقالت: “لا بدّ من ربط الاستدامة بالسوق، ويجب وضع توجيهات ومبادئ في كل القطاعات، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام برامج النقاط الخضراء والبطاقات الإلكترونية في الفنادق والتي تُسهم في تشجيع النزلاء على اختيار النهج المستدام”.
من جهته قال افتخار حمداني المدير العام الإقليمي لمجموعة فنادق إتش أم إتش: “النجاح في الاستدامة ممكن فقط من خلال مواصلة التفكير في الأمر وبذل الجهود بشكل متفاني وعدم الاكتفاء بالقليل، كما لا بدّ من تكرار المبادرات الناجحة ووضع الناس في صورة نتائجها والتفاعل معهم لزيادة الوعي البيئي”. واستعرض حمداني عدداً من المبادرات التي قاموا بها في فنادقهم وفي مقدمتها مبادرة لمعالجة النفايات وتحويلها إلى سماد لتغذية المزروعات والتي حققت نجاحاً كبيراً ولافتاً.
فيما تناول بول بريدجر المدير التنفيذي للعمليات في فندق روف أهميّة التفكير في فرق العمل والشركاء عند الحديث عن أي مبادرات تتعلّق بالاستدامة في قطاع الفنادق، وقال: “يسهم تثقيف فرق العمل في تسهيل تنفيذ هذه المبادرات وتحقيق النجاح المطلوب، وهو ما لمسناه في العديد من المبادرات التي قمنا بها”. وأضاف: “إنّ البنية التحتية لدولة الإمارات حديثة ومتطورة وبيئتها الديناميكية تساهم في تعزيز نجاح أي جهود في مجال الاستدامة، فلذلك لا بد من استثمار هذا الأمر على الوجه الأمثل”.