توقع محللون ماليون وخبراء أسواق أسهم أن تستمر البنوك الوطنية في الإعلان عن نتائج مالية جيدة في الربع الثاني من العام الجاري، بعدما حققت زيادة ملحوظة في أرباح الربع الأول، مدعومة بالاتجاهات المرنة في سوق العقارات، وزيادة إقبال المستثمرين الدوليين عليه، ما يدعم الإقراض المصرفي، وتسارع رفع سعر الفائدة، ما أدى إلى زيادة أرباح البنوك، فضلاً عما تتمتع به البنوك الإماراتية من أسس قوية وتغطية سيولة بنسبة 150%، مقارنة بالمتوسط العالمي، الذي راوح بين 100 و120%، والاقتصاد القوي والبيئة التجارية الجيدة التي اجتذبت استثمارات أجنبية، وبالتالي باتت البنوك تجني ثمار المتعاملين ذوي الثروة العالية.
أرباح البنوك
واستناداً إلى إفصاحات البنوك المدرجة في سوقي «دبي المالي» و«أبوظبي للأوراق المالية»، فقد تجاوز صافي أرباح 12 بنكاً مدرجاً في أسواق المال المحلية، حاجز 17.1 مليار درهم خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة نسبتها 35.3%، أو ما يعادل 4.46 مليارات درهم، مقابل أرباح صافية بلغت 12.64 مليار درهم بالفترة ذاتها من العام الماضي.
سعر الفائدة
وقال المحلل المالي في شركة «بي إتش كابيتال» للخدمات المالية، جمال عجاج: «كان من المتوقع تحقيق معظم البنوك الوطنية نتائج إيجابية في الربع الأول من العام الجاري، بسبب زيادة حجم الأعمال والتمويلات، لاسيما بعد تزايد طرح أسهم شركات كبيرة في أسواق الأسهم المحلية».
وأضاف: «أدى هذا إلى زيادة النشاط على الصعد كافة، لكن العامل المهم في ذلك هو رفع سعر الفائدة، إذ إن تسارع رفعها خلال فترة قصيرة أدى إلى زيادة أرباح البنوك الوطنية، وإعادة تقييم المحافظ الاستثمارية للبنوك، بعد ارتفاع أسعار الأسهم القيادية، لاسيما الجديدة».
جاذبية الإمارات
من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ«شركة سولت للاستشارات المالية»، طارق قاقيش، إن «تميز دولة الإمارات من حيث بيئة ومجتمع الأعمال وجاذبيتها للمستثمرين والشركات، يعزّز من أداء البنوك الوطنية محلياً».
ولفت قاقيش إلى تنامي عرض النقد، والارتفاع بأسعار الفوائد، وهيكلة الودائع في البنوك الكبرى، مشيراً كذلك إلى التراجع المتوقع للمخصصات، والارتفاع القوي لمؤشر المشتريات، وهما أمران يؤكدان أن القطاع البنكي الوطني قد لا يواجه ضغوطاً تتعلق بالسيولة، رغم ظهور ضعف القطاع المصرفي عالمياً.
سوق العقارات
في السياق نفسه، رأى رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية لدى «كامكو إنفستمنت»، محمد أنصاري، أن الاتجاهات المرنة في سوق العقارات بدولة الإمارات، وزيادة إقبال المستثمرين الدوليين عليه، تُعدّ أحد العوامل الرئيسة التي تدعم الإقراض المصرفي. وتوقع أنصاري أن تكون أرباح القطاع المصرفي مدعومة بمعدلات فائدة أعلى من التي شهدها في الربع الأول.
أسس قوية
إلى ذلك، أكد مدير المخاطر المالية رئيس قسم الاستثمارات والاستشارات لدى «سنشري فايننشال»، ديفيش مامتاني، أن البنوك المحلية الإماراتية تتمتع بأسس قوية وتغطية سيولة بنسبة 150%، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يراوح بين 100 و120%.
وذكر أن هوامش الربح لدى معظم البنوك الوطنية ارتفعت بنسبة 28% تقريباً في الربع الأول من عام 2023، ومن المرجح أن يستمر هذا النمو في النصف الثاني من العام، ما يؤكد صحة القطاع بشكل واضح. وأكد أن قطاع البنوك في الإمارات سيستفيد من تحقيق التوافق في التكاليف والتضاعف المستمر في الرقمنة واعتماد التكنولوجيا، الأمر الذي يدعم نمو أرباحه.
وتابع: «ارتفع متوسط نسبة الكلفة إلى الدخل بمقدار 1.8% في عام 2022، وحافظت البنوك على مستويات رأس مال كافية تفوق متطلبات التنظيم الحد الأدنى، ما يسمح للبنوك بجني الفوائد في الأرباع التالية».
ولفت إلى أن «الاقتصاد القوي والبيئة التجارية الجيدة اجتذبت مبالغ كبيرة من الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي باتت البنوك تجني ثمار المال والمتعاملين ذوي الثروة العالية، وهو ما يدعم أداءها التشغيلي من خلال زيادة الطلب على القروض».
وأشار إلى أن الزيادة في صافي هامش الفائدة تؤدي إلى زيادة صافي الدخل من الفائدة للبنوك، التي من المرجح أن تستمر في الربع الثاني من العام أيضاً.
وقال إن «تحسّن جودة الأصول وتقلص المخاطر الائتمانية بفضل تعافي الاقتصاد، إضافة إلى تعزيز وجودها في أسواق دولية يدعم النظرة التفاؤلية لأرباح المصارف المحلية في عام 2023».