وصفت النسخة الرابعة من التقرير العالمي للثروة ونمط الحياة 2023، الصادرة عن جوليوس باير، البنك السويسري المتخصص بإدارة الثروات، أداء دبي في المؤشر بأنه متفرد، حيث صعدت المدينة دبي سلم الترتيب بشكل سريع لتحصل على المركز السابع وتحل مكان زيوريخ التي تراجعت إلى المركز 14، الذي كان لدبي العام الماضي. وقال التقرير إن دبي تتميز بموقعها الاستثنائي الذي يجعلها صلة الوصل بين الشرق والغرب ويعزز من دورها كمركز جذب للأثرياء من عشاق التنقل.
ويعكس تحسن ترتيب دبي ضمن التصنيف ارتفاع التكاليف التي يتكبدها الأثرياء المقيمون فيها للحفاظ على نمط حياتهم، فقد أصبحت المدينة الأكثر غلاءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا على امتداد ثمانية من المعايير العشرين للمؤشر، لا سيما تلك المتعلقة بالأزياء والمستلزمات الفاخرة، بينما أصبحت ثاني أكثر مدن العالم غلاءً من حيث أسعار الساعات.
وقال التقرير تشكل دبي مثالاً عملياً يؤكد صحة مقولة “شيّدها وسيأتون”، كما تُعد خير دليل على قدرة الحكومة على تطوير المراكز الحيوية باستخدام الحوافز المالية وغيرها. وتحتضن الإمارة الكثير من المقيمين، كما تحولت إلى وجهة للشركات ورواد الأعمال الراغبين بتأسيس مقارهم الإقليمية في المنطقة. وإلى جانب ذلك، تواصل الفعاليات العالمية الكبرى، مثل إكسبو 2020 ومؤتمر كوب 28 المرتقب، لعب دور محوري في تعزيز مكانة دبي الرائدة على الخارطة العالمية.
وبحسب التقرير الذي كشف عنه أمس في مؤتمر صحافي، فإن أهمية الدور الذي تلعبه الإمارة كمركز لإدارة الثروات تتزايد، لا سيما وأنّها شهدت عام 2022 أضخم توافد لأصحاب الملايين قياساً بأي دولة أخرى. لافتا أن دبي عازمة على ترسيخ مكانتها على رأس قائمة تصنيفنا للمدن العالمية، بفضل ما تقدمه من نظام ضريبي يسير وحوافز استثمارية متفردة ومستويات عالية من المعيشة، بالإضافة إلى ما توفره من أمن وأمان لقاطنيها وغيرها من مزايا الترابط العالمي والبنية التحتية المتطورة.
وكشف التقرير عن أن دبي تشهد انتقال أعداد كبيرة من الأثرياء إليها، في خطوة أثرت بشكل واضح على أسعار العقارات ومستويات الطلب عليها. موضحا ارتفاع أسعار العقارات السكنية الفاخرة في دبي بواقع 44%، وهي الزيادة الأعلى من نوعها بين كل المدن الأخرى. ومع ذلك، تبقى الأسعار معقولة قياساً بالمستويات العالمية، حيث أتت في الترتيب 14 من بين 25 مدينة. وأسهم الطلب المحلي والدولي الكبير من أصحاب الثروات العالية في زيادة أسعار المنازل الفاخرة في دبي. وتعتمد الإمارة منهجية استباقية وعملية لاستقطاب الأثرياء وأصولهم، لا سيما من خلال برامج التأشيرة الذهبية للإقامة طويلة الأمد.
كما يسلط التقرير الضوء على تعافي أسعار الأجنحة الفندقية منذ عام 2022، حيث انتعشت التجارب الاجتماعية من جديد وارتفعت أسعار تجارب المطاعم الفاخرة بواقع 186%، في خطوة تعكس التعافي القوي في قطاعي الضيافة والسياحة في دبي. ورفع مطار دبي الدولي من توقعاته السنوية لأعداد الركاب لعام 2023 بعد عودة حركة المسافرين فيه إلى 95.6% من المستويات المسجلة قبل أزمة كوفيد-19 خلال الربع الأول من العام الجاري.
وعن الاتجاه التصاعدي للأسعار على مستوى العالم خلال الـ 12 شهراً الماضية، والذي ترافق مع زيادة تكاليف المعيشة لجميع المستهلكين. فقد ارتفع متوسط الأسعار على مؤشر نمط الحياة من جوليوس باير بواقع 6% بالدولار الأمريكي، ويعود ذلك بشكل عام إلى استمرار الزيادة في معدلات التضخم العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقة والوقود واليد العاملة. وإلى جانب ذلك، ارتفع الطلب الاستهلاكي بشكل ملموس بعد مرحلة التراجع التي سجلها أثناء أزمة كوفيد-19.
ويستند تصنيف المدن على مؤشر نمط الحياة من جوليوس باير، والذي يحلل تكلفة سلة من السلع والخدمات تمثل معيار العيش اللائق في 25 مدينة حول العالم، ما يوفر نظرة عامة على التكلفة النسبية للحفاظ على نمط حياة مرفّه في العديد من المراكز الحضرية الرئيسية.
وأكّدت آسيا مكانتها كمركز رئيسي للثروة ونمط الحياة، وسلطت الضوء على دورها كمحرك أساسي للاقتصاد العالمي. وبالمُجمل، نجحت ست مدن آسيوية في تحسين ترتيبها ضمن التصنيف، بينما تراجعت أربع مدن أخرى. كما تراجعت سبع مدن في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا باستثناء دبي، التي كانت الوحيدة التي ارتقت في الترتيب. وفي الأمريكيتين، تحسن ترتيب أربع مدن وتراجعت واحدة فقط. وشهد التصنيف أكبر نسبة من التحركات على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، علماً أنه يُعد أحد أكثر التصنيفات تقارباً ضمن قائمة المدن العشرة الأفضل في تاريخ التقرير. ولا تقتصر المسألة على التعافي الذي تشهده الأمريكيتان فحسب، بل يبرز أيضاً التنافس بين أوروبا والأمريكيتين على المركز الثاني، بينما سجلت آسيا حضورها ضمن المراكز الثلاثة الأولى لتنجح في تحقيق المزيد من التقدم.
واستأثرت آسيا بالمراكز الثلاثة الأولى على مؤشر نمط الحياة، حيث أتت سنغافورة في المركز الأول للمرة الأولى في تاريخها، وتلتها كل من شنغهاي، صاحبة المركز الأول العام الماضي، وهونغ كونغ، في المركزين الثاني والثالث على الترتيب. وكانت تايبيه المدينة الآسيوية الوحيدة خارج هذا الثلاثي التي تنضم إلى قائمة المدن العشرة الأفضل عالمياً لتحصل على المركز الثامن ضمن التصنيف.
ومن ناحية أخرى، أصبحت منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أفضل المناطق من حيث يسر المعيشة اللائقة للمرة الأولى منذ بدء إصدار التقرير، علماً أنّ التصنيف شهد تراجعاً واضحاً للمدن الأوروبية على وجه التحديد. فقد تراجعت لندن، صاحبة المركز الثاني العام الماضي، إلى المركز الرابع. وكانت العاصمة البريطانية المدينة الأوروبية الوحيدة المدرجة ضمن قائمة المدن العشرة الأفضل إلى جانب موناكو، التي تمسكت بالمركز السادس. وأمّا في الأمريكيتين، انتقلت نيويورك من المركز 11 إلى المركز الخامس، بينما حسّنت ميامي تصنيفها بثماني درجات لتحتل المركز 10، ونجحت مدينة ساو باولو البرازيلية في دخول قائمة المدن العشرة الأفضل على مؤشر نمط الحياة للمرة الأولى من بوابة المركز التاسع. ومن ناحيتها، انضمت مدينة سانتياغو التشيلية إلى المؤشر مؤخراً لتحتل المركز 23 ضمن التصنيف. ونجحت الأمريكيتان، بفضل التحسن الملموس للمراكز الحضرية فيهما، في التفوق على منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا كثاني أغلى المناطق تكلفة للعيش اللائق في العالم.
قال الرئيس التنفيذي لقسم الاستشارات الاستثمارية في بنك جوليوس باير المحدود في الشرق الأوسط فهد عبد الله : “تطمح دبي لترسيخ مكانتها كواحدة من أفضل أربعة مراكز مالية في العالم. وتعزز هذا التوجه مؤخراً بعد الإعلان عن أجندة دبي الاقتصادية – D33، والتي تهدف إلى مضاعفة حجم اقتصادها على مدى العقد المقبل. ملاحظا النمو المطرد والانتقال المتنامي للثروات إلى دبي من خلال توافد رواد الأعمال وأصحاب الشركات، حيث نلمس تشكل الجيل المقبل من العملاء الذين يصبون تركيزهم على الاستدامة ويطمحون للاستفادة من الاتجاهات المبتكرة مثل علوم الجينوم والذكاء الاصطناعي.