واصلت سوق العمل في دولة الإمارات الطلب على الوظائف المتعلقة بالاستدامة في جميع القطاعات ،والتي تواكب استراتيجيات وخطط الدولة لمواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية، وضمن توجهات الدولة لتهيئة قطاعات استثمارية جديدة للاقتصاد الأخضر والدائري ، والتي رصدت لها الدولة عشرات مليارات الدراهم على مدار عقود بحسب مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي.
وقال مركز “انترريجونال” : تظهر دولة الإمارات كمثال يحتذى به من خلال منهجيتها الشاملة لتوفير الوظائف الخضراء، والتي تدعم الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر فيما اعتمد مجلس الوزراء خلال 2023 الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين وتحديث استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، لتعزيز جهود الدولة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050 وتسريع الاقتصاد الهيدروجيني العالمي.
وأضاف أن هذه الاستراتيجيات تعكس التزام دولة الإمارات بإنتاج الطاقة المستدامة وتعزيز مكانتها ضمن الدول الرائدة والموثوقة لإنتاج وتوفير الهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2031 ، وحملت هذه الاستراتيجيات أهميةً خاصة في عام الاستدامة في الدولة ، لاسيما مع استضافة مؤتمر (COP28).
وانطلاقاً من المستهدفات المُحدَّثة لاستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، ستستثمر الدولة ما بين 150-200 مليار درهم حتى عام 2030 لضمان تلبية الطلب على الطاقة واستدامة نمو اقتصاد الدولة، فضلاً عن رفد سوق الوظائف بـ 50 ألف وظيفة خضراء جديدة بحلول 2030.
ووفقاً لتقرير وظائف ومهارات التحول في الاقتصاد الأخضر لدولة الإمارات «الممارسات العالمية والسياسات الوطنية» الصادر عن وزارة التغير المناخي والبيئة ، للعام 2017، فإن عدد الوظائف الخضراء المتوقعة في الدولة ستصل إلى نحو 86 ألف وظيفة بحلول العام 2030 .
ويؤكد المركز أن سوق العمل شهد خلال السنوات الأخيرة نقلةً نوعيةً ملموسةً نحو الاستدامة، مدفوعةً بالحاجة الملحَّة إلى مواجهة التغيرات المناخية وتعزيز حماية البيئة و التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وتشمل الوظائف الخضراء مجالاً واسعاً من المهن والأدوار في قطاعات : الطاقة المتجددة والتدوير والزراعة الحديثة والنتروجين الأخضر وغيرها، والتي ستؤدي دوراً جوهرياً في الارتقاء بالمشهد الاقتصادي.
وتظهر أحدث البيانات المتعلقة بسوق العمل ارتفاعاً كبيراً في فرص العمل في وظائف خضراء في مختلف الأقاليم، ففي سوق الصين يتوقع أن تتوفر أكثر من مليون فرصة عمل جديدة في هذا القطاع بحلول 2025.
وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعاً ملحوظاً بالوظائف الخضراء، حيث تمَّ الإعلان عن 100 ألف وظيفة فيما تشهد سنغافورة تنامياً مشابهاً ، مدعوماً بعدد من الاستراتيجيات المستدامة مثل “الخطة الخضراء 2030”.
وتشير التوقعات إلى توفُّر 30 مليون فرصة عمل جديدة في مجال الاستدامة في منطقة جنوب شرق آسيا العام 2030، تشمل قطاعات أساسية كالطاقة الشمسية والتنقل الكهربائي والزراعة المستدامة، إلى جانب مساهمة القطاع الخاص المتمثِّلة بإنشاء أدوار جديدة مثل “المدير التنفيذي للاستدامة”.
وتُعَد سوق الوظائف الخضراء من الأركان الرئيسة في مهمة العالم نحو تحول الطاقة؛ وقد استجابت أسواق العمل سريعاً لهذا التحول، حيث حققت توسعاً قياسياً بوظائف الطاقة المتجددة في الفترة بين (2012-2022) لتسجل نحو 13.7 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة في قطاع الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من ذلك، يتطلب القطاع بذل جهوداً حثيثة في مجال تطوير التعليم والمهارات بما يتناسب مع احتياجات هذه السوق الواعدة.
وأوضح المركز أن فئة الشباب أظهرت ميلاً متزايداً نحو الوظائف الخضراء نظراً لدورها الحيوي في تمكين الانتقال نحو المستقبل المستدام الأمر الذي دفع الدول إلى إطلاق السياسات والمبادرات المبتكرة لتعزيز فرص العمل المستدام.