غرامات مواقف السيارات في دبي: حقوق الملاك والمستأجرين في خطر؟
يشهد قطاع العقارات في دبي جدلاً متصاعداً حول غرامات مواقف السيارات التي تفرضها شركات إدارة المباني على السكان، وذلك تحت ذرائع مختلفة تتعلق بتنظيم استخدام المواقف. يشتكي العديد من ملاك الوحدات السكنية والمستأجرين من فرض رسوم مالية، تتراوح بين 500 و 1000 درهم، على مركباتهم بسبب مخالفات أنظمة مواقف السيارات، دون وجود إخطار رسمي أو سند قانوني واضح لهذه الغرامات. وتفاقم الوضع مع ظهور ظاهرة تأجير مواقف البنايات السكنية الخاصة لشركات ومؤسسات تجارية في بعض المناطق، مما أثار مخاوف بشأن حقوق السكان.
شكاوى متزايدة من السكان
تلقى العديد من السكان صدمة عند اكتشافهم وجود هذه الغرامات المالية المفاجئة. يقول (م.ن)، مالك شقة في منطقة سبورت سيتي، إنه لم يتم إبلاغه رسمياً بهذه القرارات، ولم تعقد إدارة المبنى أي اجتماع مع الملاك أو المستأجرين. واكتفت الإدارة بتعليق إعلان بسيط في المصاعد يتضمن قائمة الغرامات المالية المفروضة. وأضاف أن الادعاء بوجود صلاحيات ممنوحة من دائرة الأراضي والأملاك في دبي غير واضح، ولم يتم تقديم أي مستند رسمي يثبت ذلك.
ويشارك (م.ح)، مقيم في بناية سكنية، هذا الرأي، مؤكداً أن قيام إدارة المبنى بتأجير مواقف السيارات لمكاتب تجارية بعد تخصيصها للسكان يُعد مساساً بحقوق الملكية المشتركة. وأوضح أن هذا القرار لم يؤثر فقط على سهولة استخدام المواقف، بل أدى أيضاً إلى فرض غرامات على السكان أنفسهم في حال استخدامهم لهذه المواقف التي كانت مخصصة لهم في الأصل.
غياب الشفافية والإجراءات القانونية
تتفق (أ.أ)، مالكة شقة في سبورت سيتي، مع ما سبق، مشيرة إلى أن الطريقة التي اتخذت بها إدارة البناية قرار فرض الغرامات على المخالفات تعكس غياباً كاملاً للشفافية. وأكدت أنه لم يتم إرسال أي إشعارات رسمية أو عقد اجتماعات توضيحية لشرح الأسباب أو الأسس التنظيمية للقرارات الجديدة. واعتبرت أن الاعتماد على تعليق ورقة داخل المصاعد لا يعتبر وسيلة تواصل كافية أو محترفة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل هذه الإجراءات قانونية؟ وهل يحق لإدارات المباني فرض رسوم مواقف السيارات على السكان بهذه الطريقة؟
قانون الملكية المشتركة وحقوق السكان
يوضح إسماعيل الحمادي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيزنت للاستشارات العقارية، أن قانون الملكية المشتركة في دبي رقم (6) لسنة 2019 يحدد بوضوح حقوق وواجبات كل من الملاك والإدارة. وينص القانون على أن مواقف السيارات المخصصة للوحدات السكنية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الوحدة، ولا يجوز فصلها أو بيعها بشكل مستقل.
ويضيف الحمادي أن المالك له الحق في شراء مواقف إضافية إذا كانت متوفرة، وأن المطوّر ملزم بتوفير العدد المطلوب من المواقف حسب مخططات المشروع واعتمادات الجهات التنظيمية. ويشير إلى أن أي استغلال تجاري لمواقف السكان يُعد تجاوزاً غير قانوني، ويجب أن تُصان حقوق السكان كاملة.
دور الجهات المعنية وتأجير المواقف
من جهته، يؤكد عبدالكريم الملا، الرئيس التنفيذي لشركة ستاندرد لإدارة العقارات، أن مواقف السيارات في المباني السكنية حق أصيل للسكان، ويجب أن يستفيدوا منها بحرية. ويشير إلى أن تأجير المواقف لشركات أخرى يُحرم السكان من حقهم المشروع في استخدامها.
ويوضح محمد تركي، مدير العقارات في مجموعة الوليد العقارية، أن عدد المواقف المخصص لكل وحدة يجب أن يكون مدوناً في سند الملكية، وأن أي مواقف إضافية تعود ملكيتها لإدارة المبنى أو جمعية الملاك. ويشدد على ضرورة وجود ضوابط واضحة لإدارة المبنى لضبط العلاقة والحفاظ على النظام، وأن أي غرامات تُفرض على المخالفين يجب أن تتم بعد موافقة الجهات المعنية وتعميمها على جميع السكان.
الحاجة إلى تنظيم وتوضيح
يبدو أن المشكلة تكمن في غياب التنظيم الواضح والشفافية في إدارة مواقف السيارات في بعض البنايات السكنية في دبي. ففي حين أن القانون يحمي حقوق السكان، إلا أن بعض إدارات المباني تتجاوز هذه الحقوق من خلال فرض غرامات غير قانونية وتأجير المواقف للغير.
من الضروري أن تتدخل الجهات المعنية، وعلى رأسها دائرة الأراضي والأملاك في دبي، لتوضيح القواعد واللوائح المتعلقة بإدارة مواقف السيارات، وضمان تطبيقها بشكل عادل وشفاف. كما يجب على إدارات المباني التواصل بشكل فعال مع السكان وإبلاغهم بأي قرارات جديدة تؤثر على حقوقهم.
في الختام، يجب التأكيد على أن حقوق الملاك والمستأجرين في الحصول على مواقف سيارات آمنة ومريحة يجب أن تكون مضمونة، وأن أي تجاوزات أو ممارسات غير قانونية يجب أن تواجه بالرفض والتصدي. ونتمنى أن يتم حل هذه المشكلة في أقرب وقت ممكن، لضمان بيئة سكنية صحية ومستقرة في دبي.
