في خطوة تعكس التزامها الراسخ بتطوير وتحسين منظومتها المالية، أعلنت وزارة المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة عن صدور مرسوم بقانون اتحادي رقم (17) لسنة 2025 يهدف إلى تعديل بعض أحكام الإجراءات الضريبية المنصوص عليها في المرسوم بقانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2022. يأتي هذا التعديل في إطار سعي الدولة الدائم لتعزيز الكفاءة والشفافية والعدالة في النظام الضريبي، وسيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من يناير 2026. يركز هذا المقال على تفاصيل هذه التعديلات وأثرها على دافعي الضرائب والمنظومة المالية بشكل عام.
أهمية تعديل الإجراءات الضريبية في دولة الإمارات
تعد الإجراءات الضريبية حجر الزاوية في أي اقتصاد حديث، حيث تساهم في توفير الإيرادات اللازمة لتمويل الخدمات العامة والمشاريع التنموية. وتدرك دولة الإمارات أهمية وجود نظام ضريبي فعال وشفير يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. لذلك، فإن تعديل الإجراءات الضريبية بشكل دوري يعتبر ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات الاقتصادية وتلبية احتياجات المجتمع. يهدف هذا التعديل بشكل خاص إلى تحقيق التوازن بين حقوق دافعي الضرائب وضرورة تحصيل مستحقات الدولة، مع تبسيط الإجراءات وتعزيز اليقين المالي.
تفاصيل التعديلات الجديدة في المرسوم بقانون 2025
تتضمن التعديلات الجديدة مجموعة من الأحكام الهادفة إلى تنظيم وتوضيح العديد من الجوانب المتعلقة بالتعاملات الضريبية. من بين أهم هذه التعديلات ما يلي:
تحديد مدة طلب استرداد الرصيد الدائن
أحد أبرز التعديلات هو تحديد مدة زمنية واضحة لطلب استرداد الرصيد الدائن لدى الهيئة الاتحادية للضرائب. بموجب القانون الجديد، يجب على دافعي الضرائب تقديم طلب الاسترداد خلال خمس سنوات من نهاية الفترة الضريبية ذات الصلة.
ومع ذلك، يمنح القانون مرونة في حالات معينة، حيث يسمح بتقديم الطلب في حال نشأ الرصيد الدائن بعد انقضاء مدة الخمس سنوات، أو خلال الـ90 يوماً الأخيرة منها، مع تقديم المستندات الداعمة لتبرير التأخير. هذه المرونة تضمن عدم حرمان دافعي الضرائب من حقوقهم في الحالات التي لا يمكنهم فيها توقع وجود رصيد دائن.
توسيع نطاق التقادم
تم توسيع نطاق الأحكام الخاصة بالتقادم، مما يمنح الهيئة الاتحادية للضرائب صلاحية إجراء التدقيق الضريبي أو إصدار التقييم الضريبي بعد انتهاء فترات التقادم في حالات محددة. يشمل ذلك الحالات التي يتم فيها تقديم طلبات استرداد في السنة الأخيرة من فترة التقادم.
يهدف هذا التعديل إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق دافعي الضرائب وضمان تحصيل مستحقات الدولة، خاصة في الحالات التي قد يكون فيها هناك شبهة تهرب ضريبي. هذا يسمح للهيئة بالتحقيق بشكل أعمق في هذه الحالات قبل انقضاء حقها في التدقيق.
صلاحيات توجيهية للهيئة الاتحادية للضرائب
منح القانون الجديد الهيئة الاتحادية للضرائب صلاحية إصدار توجيهات رسمية وملزمة للخاضعين للضريبة بشأن تطبيق أحكام القانون الضريبي على المعاملات الضريبية. تهدف هذه التوجيهات إلى توحيد التفسير وتسهيل التطبيق العملي للقانون، وبالتالي تقليل المخاطر الناجمة عن التباين في التعامل مع الحالات المختلفة.
هذا الإجراء بشكل خاص سيساعد الشركات والمؤسسات على فهم التزاماتها الضريبية بشكل أفضل وتجنب الأخطاء المحتملة.
أحكام انتقالية لضمان العدالة
تضمنت التعديلات أحكاماً انتقالية تهدف إلى ضمان العدالة لدافعي الضرائب الذين لديهم أرصدة دائنة لدى الهيئة. يحق لهؤلاء الدافعين، في حال كانت فترة الخمس سنوات الخاصة بهم قد انتهت قبل الأول من يناير 2026، أو ستنتهي خلال سنة من ذلك التاريخ، تقديم طلبات استرداد خلال سنة من تاريخ الأول من يناير 2026.
بالإضافة إلى ذلك، يحق لهم تقديم تصريح طوعي متعلق بالطلب خلال سنتين من تاريخ تقديم الطلب إذا لم تصدر الهيئة قراراً بشأنه، مما يمنحهم فرصة إضافية لمراجعة مستنداتهم وتقديم المعلومات اللازمة. هذا يضمن معالجة الطلبات السابقة بشكل منصف ومرن.
أثر هذه التعديلات على بيئة الأعمال والاستثمار
تؤكد وزارة المالية أن هذه التعديلات الجديدة تجسد نهج دولة الإمارات في تطوير سياساتها المالية بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية. ومن المتوقع أن تساهم هذه التعديلات في رفع كفاءة المنظومة الضريبية، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الثقة والشفافية.
كما أن تبسيط الإجراءات وتقليل الأعباء الإدارية سيشجع على الاستثمار والنمو الاقتصادي، مما يعود بالنفع على المجتمع ككل. الوضوح في الإجراءات الضريبية يساهم بشكل كبير في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتحفيز ريادة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يعزز هذا التعديل من استدامة الإيرادات العامة للدولة.
خاتمة
يمثل مرسوم بقانون اتحادي رقم (17) لسنة 2025 خطوة مهمة نحو تطوير وتحديث المنظومة الضريبية في دولة الإمارات. من خلال توضيح الإجراءات، وتحديد المدد الزمنية، وتعزيز الشفافية، تهدف هذه التعديلات إلى خلق بيئة ضريبية أكثر عدلاً وكفاءة، تدعم النمو الاقتصادي، وتشجع على الاستثمار. ينصح دافعو الضرائب بالاطلاع على تفاصيل القانون الجديد والالتزام بأحكامه لضمان حقوقهم وتجنب أي مشاكل محتملة. لمزيد من المعلومات، يمكنكم زيارة الموقع الإلكتروني لوزارة المالية أو الهيئة الاتحادية للضرائب.
