أبوظبي في 11 مايو/ وام/ تشكل العلاقات الإماراتية الفرنسية نموذجاً استثنائياً للشراكات الاستراتيجية الفاعلة بين الدول في مختلف المجالات لاسيما الانتقال الواقعي في قطاع الطاقة والعمل المناخي والاستفادة من فرص النمو منخفضة الكربون والعمل المشترك في دفع الجهود الدولية بمجال العمل المناخي استعداداً لمؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه الإمارات بنهاية العام الجاري.
وتستعرض وكالة أنباء الإمارات “وام” في التقرير التالي مجالات التعاون بين الإمارات وفرنسا في كثير من مشروعات الطاقة والاستدامة.. ففي فبراير 2023 أطلق البلدان الصديقان شراكة لخفض انبعاثات الكربون من الصناعات كثيفة الانبعاثات، وسيعلن عنها خلال مؤتمر الأطراف COP28 ، بينما وقع البلدان في يوليو 2022 الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة التي تركز على تعزيز أمن الطاقة وتوفيرها بتكاليف معقولة والحد من الانبعاثات.
وتكتسب الدورة الـ 28 من مؤتمر الأطراف COP28 أهمية كبيرة في تحقيق أهداف “اتفاق باريس للمناخ” كونها تنعقد خلال مرحلة دقيقة يسعى فيها المجتمع الدولي إلى إحراز تقدم في تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في الاتفاق.
ومن المقرر أن يشهد مؤتمر الأطراف أول تقييم عالمي لمدى تقدم الدول في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق باريس إضافة إلى تحديد مساهمات الدول المحددة وطنياً للمستقبل حيث نجح اتفاق باريس التاريخي في توحيد الحكومات حول ما يجب على العالم القيام به في مواجهة تحدي المناخ وستكون مهمة مؤتمر الأطراف COP28 التركيز على “كيفية” تنفيذ ذلك.
وتعد الإمارات أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على اتفاق باريس، وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية، كما أنه تعد الدولة الأولى التي تعلن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 كمحفز لتحقيق نمو اقتصادي منخفض الكربون يخلق تقنيات وقطاعات ومهارات ووظائف جديدة.
وتحرص دولة الإمارات على التعاون مع فرنسا خلال “قمة الميثاق المالي العالمي الجديد” المخصصة للتوصل إلى اتفاق مالي عالمي جديد المقرر عقدها في باريس في يونيو 2023 بهدف حشد التمويل من القطاع الخاص وتوسيع نطاق التمويل الميسر والنهوض بأسواق الكربون سعياً لبناء الزخم الذي ستحققه القمة لتحقيق إنجازات عملية في مؤتمر الأطراف COP28 .
وخلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” للجمهورية الفرنسية العام الماضي 2022 تلبية لدعوة من فخامة إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية.. وقعت الإمارات وفرنسا اتفاقية بهدف تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للعمل المناخي ورفع الطموحات لتنفيذ اتفاق باريس إضافة إلى دعم الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 التي تستضيفها الإمارات بنهاية العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وتحرص دولة الإمارات بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف COP28 على التعاون والعمل عن قرب مع فرنسا التي تمتلك خبرة كبيرة في العمل المناخي لضمان ترجمة التعهّدات إلى نتائج عملية ملموسة تعود بالفائدة على جميع الدول والمجتمعات حيث تدرك دولة الإمارات أن العمل المناخي الفعال يُعد ممكّناً رئيساً لبناء نموذج نمو اقتصادي منخفض الانبعاثات يُركز على تحقيق الاستدامة ويسهم في خلق فرص عمل وقطاعات ومهارات جديدة تواكب المستقبل.
ويتعاون البلدان في التحضير لمؤتمر الأطراف COP28 بما يشمل جوانب التخطيط المسبق للمفاوضات والجوانب التنظيمية واللوجستية وتعزيز كفاءة الطاقة وتسريع انتشار حلول توليد الطاقة المتجددة ودمجها وتخزينها من خلال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” التي تستضيف الإمارات مقرّها الدائم في مدينة “مصدر”. كما وتتعاون الإمارات وفرنسا في مجالات الزراعة المستدامة وصناعة الأغذية الزراعية والأمن الغذائي والمائي بهدف تحقيق الاستفادة المشتركة من حلول تخفيف حدة التأثيرات البيئية والتكيف مع تداعيات تغير المناخ والمحافظة على التنوع البيولوجي إضافة إلى الحد من انبعاثات الكربون في قطاع الصناعات الثقيلة وتعزيز التكيف والمرونة وتطوير حلول قائمة على الطبيعة والتمويل والاستثمار الأخضر وتمكين المجتمع المدني في مجالات العمل المناخي والتعاون العلمي والبحثي.
وظلت دولة الإمارات على الدوام شريكاً ثابتاً للصناعات الفرنسية لتحقيق طموحاتها في مجال التحوّل في قطاع الطاقة.
كما أطلق الجانبان الإماراتي والفرنسي برنامجا مشتركا يجمع خبرات الدولتين لتطوير فرص تجارية مستدامة للاستثمار بهدف تسريع حلول الطاقة النظيفة لا سيما في مجال إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب فيها الحدّ من الانبعاثات والتي تشمل استخدام حلول الهيدروجين النظيفة في مجال التنقل وذلك في ضوء التحضيرات لاستضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 .
وأسهمت الشراكة الإماراتية والفرنسية في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة من خلال الشركات الرائدة العاملة في هذا القطاع من كلا البلدين في تطوير واستثمار وتشغيل أكثر من 6.2 جيجاواط من مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة حول العالم ،من بينها مشروعان في دولة الإمارات يعتبران من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم بالإضافة إلى استثمارات بقيمة 6 مليارات دولار والمساهمة في تجنب إطلاق انبعاثات كربونية تُقدّر بنحو 10 ملايين طن سنوياً.
ومن المقرر أن يتم الإطلاق الرسمي لعمليات البرنامج التشغيلية خلال الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” ، ويهدف البرنامج إلى تجسيد التزام الإمارات وفرنسا المشترك بتسريع عملية تحديد وتمويل المشاريع ودعم الشركات المساهمة في تطوير حلول جديدة للطاقة النظيفة والعمل على خفض البصمة الكربونية للقطاعات الاقتصادية ذات المنتجات والعمليات التشغيلية عالية الانبعاثات والمساهمة في دعم تحقيق أهداف اتفاقية باريس. ويسعى البرنامج إلى تنفيذ مشاريع تركز على إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب فيها الحدّ من الانبعاثات ودعم الشركات التي طورت حلولاً مبتكرة للطاقة النظيفة في مجال الهيدروجين الأخضر والوقود المستدام والاستفادة من الابتكار والخبرة في القطاع وقدرات التمويل للمؤسسات الحكومية والخاصة من كلتا الدولتين فيما تبحث الإمارات وفرنسا الاستفادة من أدوات تمويل القطاع العام لتسهيل تنفيذ المشاريع المؤهلة والصديقة للمناخ.
وتستند هذه المبادرات والمشاريع الرائدة بين البلدان على العلاقات الثنائية الوثيقة والراسخة والشراكات طويلة الأمد بين الإمارات وفرنسا للاستفادة من الفرص العملية والتجارية لتحقيق تنمية منخفضة الكربون ودعم انتقال واقعي ومنطقي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة وتعزيز العمل المناخي والتنمية الاقتصادية المستدامة في كلا البلدين وفي مختلف أنحاء العالم.
وتقود الإمارات عملية لكافة الأطراف للاتفاق على خريطة طريق واضحة لتسريع التقدم من خلال تحقيق انتقال واقعي وعملي وعادل وتدريجي في قطاع الطاقة عالمياً مع تطبيق نهج عدم ترك أحد خلف الرَكب لضمان مشاركة واحتواء الجميع في العمل المناخي الشامل.
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات تستضيف مؤتمر الأطراف COP28 في مدينة إكسبو دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023. ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر أكثر من 70000 شخص بمن فيهم رؤساء دول ومسؤولون حكوميون وعدد من قادة القطاع الدوليين وممثلي القطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي والخبراء والشباب والجهات الفاعلة غير الحكومية .
وبحسب بنود اتفاق باريس للمناخ سيشهد مؤتمر الأطراف COP28 إجراء أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف الاتفاق.
وتهدف دولة الإمارات إلى تحقيق نقلة نوعية في العمل المناخي وإحراز تقدم في موضوعات التخفيف والتكيف والتمويل المناخي والخسائر والأضرار مع ضرورة توفير التمويل المناخي والحاجة إلى تطوير أداء المؤسسات المالية متعددة الأطراف لتوفير رأس المال اللازم لتمويل التقنيات النظيفة وجهود التكيف ومعالجة الخسائر والأضرار.