جنيف في 11 أكتوبر/ وام/ أكدت ريبيكا جرينسبان، الأمينة العامة لمؤتمر التجارة والتنمية “أونكتاد” التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بشؤون التجارة والاستثمار والتنمية، أن دولة الإمارات تعد مركزاً عالمياً للاستثمار، وأنها قدمت نموذجاً مهماً في جذب الاستثمارات وتعزيز بيئة الأعمال.
وقالت في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الإمارات “وام” بمناسبة قرب انعقاد منتدى الاستثمار العالمي في أبوظبي خلال الفترة من 16 إلى 20 أكتوبر الجاري، إن هناك الكثير من التوقعات والآمال التي تنتظرها المنظمة هناك، خاصة ,أن الإمارات هي أحد الشركاء المهمين للمنظمة منذ سنوات طويلة.
وأشادت بجهود الإمارات للإعداد للمنتدى الذي سيجمع المعنيين بالاستثمار في العالم من رجال الأعمال والقطاع الخاص على أعلى مستوى، والعاملين فى أسواق المال والشركات وممثلي الدول، إضافة إلى الشركات المتوسطة والصغيرة التي ستحظى باهتمام خاص خلال فعاليات المنتدى .
وأضافت أن منتدى الاستثمار العالمي في أبوظبي يعد فرصة للمستثمرين للالتقاء في مكان واحد، وأنه سيسهم في استقطاب الصناديق المالية التي نمت بقوة خلال السنوات الأخيرة، لتوجيه الاستثمار نحو مشروعات البنية التحتية المستدامة والشركات التي ترغب في التوافق مع المبادئ المرتبطة بالعوامل البيئية والاجتماعية.
وأوضحت أن المنتدى يستهدف النظر بطريقة جديدة إلى الاستثمار المستدام خاصة مع الوضع في الاعتبار أن العالم لا تنقصه الأموال، لكنه يحتاج إلى حلول مبتكرة لتوجيه هذه الأموال إلى القطاعات المطلوبة مثل التنمية المستدامة والطاقة المتجددة والمستدامة والاقتصاد الأزرق، كما تشمل الأهداف توجيه المزيد من الاستثمارات إلى قطاعات الصحة والتعليم، ومشروعات البنية التحتية التي تواجه فجوة كبيرة في تمويلها في البلدان النامية حتى تصبح مستدامة.
وحول التحديات التي تواجه الاستثمار العالمي حاليا، وكيف للمنتدى أن يتعامل معها، قالت الأمينة العامة لـ “أونكتاد”: “في البداية تجب العودة إلى الهدف الذي من أجله تم إنشاء المنتدى عام 2008، وكان السبب حينها هو الأزمة المالية العالمية، وكان المقصود من وجوده وضع كل الفاعلين معا لمواجهة التحديات التي ظهرت جراء الأزمة”، مشيرة إلى أن العالم الآن ربما يكون أحوج لوجود المنتدى، ليس فقط بسبب الأزمة المالية، ولكن أيضا بسبب التداعيات الناجمة عن وباء “كوفيد 19″، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي على البلدان النامية، وأزمة تكاليف المعيشة التي ظهرت في السنوات الأخيرة في ظل نمو اقتصادى بطيء في هذه الدول.
وأشارت إلى أن هناك تحديين نحتاج للتوقف أمامهما، الأول انخفاض نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2022 إلى نحو 12% وبدء تعافيه في 2023، والثاني أن معظم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يفترض توجيهه إلى المناطق التي تحتاجه من أجل التنمية المستدامة يذهب إلى البلدان الغنية، لافتة إلى أن 2% فقط من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق في العالم تذهب إلى إفريقيا، مشددة على ضرورة تصحيح الاتجاه ونشر هذا الاستثمار في جميع أنحاء العالم وأن يكون النمو بطريقة أكثر استدامة.
وأوضحت جرينسبان أنه وبحسب تقرير الـ”أونكتاد” السنوي عن الاستثمار الأجنبي المباشر، فإن هناك فجوة في الاستثمار فيما يخص قطاع الطاقة، وبما يصل إلى قرابة 2.2 تريليون دولار، ما يعني وجود حاجة إلى حجم هائل من الاستثمار لسد هذه الفجوة، مشيرة إلى أن الدول لا تستطيع أن تفعل ذلك فقط باستخدام الأموال العامة أو من خلال بنوك التنمية ولكن هناك حاجة أيضا إلى القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بمنتدى الاستثمار العالمي في أبوظبي، وما يمكن أن يقدمه في هذا الإطار والفرص التي سيتيحها، قالت جرينسبان إن المنتدى يتضمن 150 فعالية خلال 5 أيام، منها الفعاليات الخاصة بالاستثمار الأجنبي في مشروعات مواجهة التغير المناخي والتي سيمكن النظر إليها من خلال الارتباط بمؤتمر الأطراف “COP28” الذي ستستضيفه دولة الإمارات نهاية العام الجاري، معربة عن تفاؤلها بأن التحضيرات لموضوع الاستثمار والتمويل ذي العلاقة مع التغير المناخي، سيتم قبل انعقاد “COP28″، ما يعني أن منتدى الاستثمار العالمي سيضخ المزيد من الطاقة في هذا الاتجاه من خلال التفاعل بين مجتمعي الاستثمار المشاركين في المنتدى وبين المشاركين في مؤتمر الأطراف.
وأوضحت أن الـ”أونكتاد” والمنتدى يهدفان إلى إيجاد جسر بين المختصين في البيئة والاقتصاديين لجمعهم معا، مؤكدة أن المنتدى سيكون فرصة كبيرة للقيام بذلك، وبما يسمح بتقديم مخرجات تساعد في مؤتمر”COP28″.
وحول ما سيقدمه المنتدى من فرص، قالت إن الجزء الثاني من الفعاليات سيدور حول الانتقال في مجال الطاقة وسوق الكربون والبنية التحتية المستدامة، لافتة إلى حرص المنظمة على وجود موضوعات في المنتدى مثل تمويل قطاع الصحة، لأنه وبحسب أرقام “أونكتاد” فإن العالم يحتاج إلى حوالي 100 مليار دولار سنويا، للحاق بركب أهداف التنمية المستدامة، و350 مليار دولار للأنظمة الغذائية، ولهذا ستكون هناك مساحة مهمة لهذين الموضوعين في المنتدى، إضافة إلى موضوع آخر مهم للغاية وهو الشركات المتوسطة والصغيرة، وكيف يمكن وضعها في إطار التدفق الرئيسي للاستثمار، وكيف يمكن لها أن تستفيد منه.
وحول دور المنتدى في تعزيز دور الإمارات مركزا عالميا للاستثمار، أكدت أن استضافة دولة الإمارات للمنتدى ستعطيه خصوصية قد لاتتاح في مكان آخر، لأنها ستظهر للعالم الصورة الكبيرة وليس فقط جزءا منها خاصة في ظل العلاقة القوية والمرتبطة بين الاستثمار والتجارة حيث ستستضيف الإمارات أيضا المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في العام 2024، ما يعني عند إيصال النقاط بين الاستثمار والتجارة والتنمية المستدامة مع اتفاقية باريس والعمل المناخي فإن الإمارات ستعد كل المفاتيح لكل هذه الموضوعات التي تهم العالم معا، وبالتالي سيمكن أن تجتمع كل الأهداف الرئيسية التي يصبو العالم إلى تحقيقها معا أيضا، سواء بالنسبة لعالم مستدام وأيضا لحياة أفضل للجميع في كل أنحاء العالم.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة الدولية إن الإمارت منصة مهمة لجذب الاستثمار العالمي وعامل مهم في سوق الاستثمار العالمي، مشددة على أن المنتدى فرصة للذهاب إلى الإمارات لمناقشة هذه الموضوعات المهمة بطريقة إيجابية وبناءة وإظهار هذا الجانب المفعم بالأمل للعالم من دولة الإمارات.
وعن عدد المشاركين في المنتدى ، قالت إنه يصل إلى 3 آلاف مشارك على الأقل، مشيرة إلى أن المنظمة تأمل فى يصل إلى 7 آلاف، مشيدة بجهود الإمارات في جذب وجمع كل الشركاء في مجال الاستثمار وأسواق المال ورجال الأعمال وصناع القرار والشركات المتوسطة والصغيرة بما قد يحقق الوصول إلى الرقم المستهدف.
وحول الرسالة التي تهدف الـ”أونكتاد” توجيهها من خلال المنتدى، قالت ريبيكا جرينسبان: “إن العالم عند منعطف طريق الآن، وهو على مسار متباعد في النمو الاقتصادي والتنمية، والأونكتاد تريد أن يكون هذا المسار متقاربا لأنه عند تحقيق ذلك يمكن أن يكون هناك عالم مستقر وآمن بشكل أكبر”.
وأضافت: “هناك فرصة الآن من خلال هذه المؤتمرات التي ستعقد في دولة الإمارات لوضع قضايا العالم الأكثر إلحاحا محل النقاش، خاصة في ظل التطور الهائل للتكنولوجيا، كما أن هناك رغبة وحاجة لإيجاد الاستثمار على نطاق واسع وتخصيص ما يجب للبلدان الأكثر هشاشة وللقطاعات التي تحتاجه”.
وختمت بالقول: “إن الرسالة الأساسية للأونكتاد في المنتدى، هي أن لدينا الفرصة لجذب الاستثمار بطريقة أكثر عدلا وأوسع نطاقا من أجل مستقبل مستدام وحقيقى للجميع”، مؤكدة أن هذه الفرصة ستكون موجودة في أبوظبي.