تصريحات مثيرة للجدل أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، بشأن مستقبل قطاع غزة، حيث أكد نيته إعادة الاستيطان الإسرائيلي إلى شمال القطاع وإقامة مستوطنات جديدة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مستقبل المفاوضات الجارية ويهدد بتقويض جهود تحقيق السلام. هذه التصريحات تأتي في وقت حرج، بالتزامن مع المساعي الدولية لإطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتثير مخاوف بشأن التوجهات الإسرائيلية المتصاعدة نحو تغيير الواقع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية. إعادة الاستيطان في غزة، كما صرح كاتس، تبدو وكأنها قرار نهائي، مؤكداً أن إسرائيل “لن تنسحب من قطاع غزة بالكامل أبداً”.
إسرائيل تعلن عن خطط لإعادة الاستيطان في شمال غزة
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطط جريئة لإعادة إحياء المستوطنات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، والتي تم تفكيكها في عام 2005. جاء هذا الإعلان خلال اجتماع للإعلان عن إنشاء 1200 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بحضور مستوطنين ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وأكد كاتس أن هذه الخطوة ستتم “بالطريقة الصحيحة وفي الوقت الملائم”، مشدداً على أن إسرائيل لن تتخلى عن قطاع غزة.
وأضاف كاتس أن إسرائيل تعيش فترة “فرض السيادة عملياً”، وأن الظروف الحالية توفر فرصاً لم تكن متاحة في السابق. وتابع قائلاً: “إسرائيل لن تغادر قطاع غزة أبداً، وينبغي تنفيذ نفس سياسات الاستيطان التي نفذت سابقاً في الأراضي الأخرى (الضفة) هناك”. كما أكد التزام إسرائيل بالمستوطنات في الضفة الغربية، معتبراً أن وجود المستوطنات يعزز الأمن في المنطقة.
تصريحات متناقضة مع تصريحات نتنياهو
تأتي تصريحات كاتس في تناقض واضح مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي نفى مراراً وجود أي خطط لبناء مستوطنات في غزة. هذا التضارب في التصريحات يثير الشكوك حول السياسة الإسرائيلية الحقيقية تجاه قطاع غزة، ويؤكد الانقسامات الداخلية داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن مستقبل القطاع. منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، عبر العديد من أعضاء الائتلاف اليميني المتشدد بقيادة نتنياهو عن رغبتهم في إعادة بناء المستوطنات في غزة.
تأثير التصريحات على اتفاق غزة والمفاوضات الجارية
تأتي هذه التصريحات في وقت حرج، بالتزامن مع الجهود الدولية المكثفة لإطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة. تشارك في هذه الجهود دول الوساطة، وهي الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، وتسعى إلى بدء المرحلة الثانية من الاتفاق مطلع العام المقبل. وقد توصلت محادثات بين مسؤولين من هذه الدول في ميامي إلى “تفاهمات واعدة” بشأن المرحلة الثانية. المرحلة الثانية من اتفاق غزة تعتمد على بناء الثقة بين الأطراف، وتصريحات كاتس قد تقوض هذه الثقة وتعرقل المفاوضات.
الوضع في غزة معقد للغاية، وإعادة الاستيطان الإسرائيلي قد يؤدي إلى تصعيد التوتر وزيادة العنف في المنطقة. كما أن هذه الخطوة ستؤثر سلباً على فرص تحقيق السلام الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. من المهم أن تلتزم إسرائيل بتنفيذ اتفاق غزة والعمل على تحقيق حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
مواقف دول الوساطة
أعربت دول الوساطة عن أملها في بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة مطلع عام 2026. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن “مناقشات ميامي” ركزت على العقبات التي تحول دون انتقال الاتفاق إلى مرحلته التالية. بدوره، أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى أن “الأمور تسير بشكل جيد في اتفاق غزة”، معرباً عن أمله في الإعلان عن الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق في يناير المقبل. كما أعرب عن قلق القاهرة من تصاعد الاستيطان في الضفة الغربية، داعياً إلى انخراط الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقف انتهاكات الطرف الإسرائيلي للاتفاق.
مستقبل الاستيطان الإسرائيلي وتأثيره على المنطقة
الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر من أبرز العقبات التي تواجه عملية السلام. إعادة الاستيطان في غزة ستزيد من تعقيد الوضع وستؤدي إلى تفاقم الصراع. من المهم أن تدرك إسرائيل أن الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي، وأن عليه أن يتوقف عن بناء المستوطنات والالتزام بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
إن مستقبل المنطقة يعتمد على تحقيق سلام دائم وعادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويتطلب ذلك التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف بالعمل على تحقيق هذا الهدف، والتخلي عن السياسات التي تعيق عملية السلام، مثل الاستيطان وإعادة الاستيطان. الوضع السياسي في غزة يتطلب حلاً شاملاً يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق الأمن والاستقرار للجميع.
في الختام، تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن إعادة الاستيطان في غزة تمثل تطوراً خطيراً يهدد بتقويض جهود تحقيق السلام. من الضروري أن تراجع إسرائيل هذه التصريحات وأن تلتزم بتنفيذ اتفاق غزة والعمل على تحقيق حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية. ندعو المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لمنع إسرائيل من تنفيذ خططها لإعادة الاستيطان في غزة، وضمان حماية حقوق الفلسطينيين.
