هل يجوز التهنئة بعشر ذي الحجة سؤالٌ يطرح نفسه مع قدوم كل مناسبة إسلامية جديدة تهلُّ على المسلمين، والآن قد أظلنا هذا الحدث الجَلل وقد يتساءل البعض عن مدى مشروعية أن نُهنئ بعضنا بعضًا بقدوم العشر الأُول من ذو الحجة، ولعل السطور التالية عبر موقع محتويات يكون فيها الإجابة.
هل يجوز التهنئة بعشر ذي الحجة
إن تسائل أحدنا فقال: هل يجوز التهنئة بالعشر من ذي الحجة فستأتيه الإجابة من الراسخين في العلم، فانطلاقًا من مبدأ الإسلام الراقي، ومن تعاليمه الظاهرة لكل مُطلع فسنجد أن الأمر فيه سَعة فلا يمكن أن يُقال أن هذه بدعة أو أنها لا تَمُتُّ للدين بِصلة.
وإذا فتشنا قليلًا عن الآراء الواردة في هذا الأمر فسنجد أن أهل العلم قد أعدّوا بُشرى النبي –صلى الله عليه وسلم- لأصحابه بقدوم رمضان من الأمور الدالة على إمكانية التهنئة في المناسبات الشرعية والله تعالى أعلم.
شاهد أيضًا: ادعية ذي الحجة .. دعاء العشر الاوائل من ذي الحجة
انواع التكبير في عشر ذي الحجة
قد فرّق العلماء بين نوعين من “التكبير” وهما كالتالي:
- التكبير الـمُطلق: والمقصود به أن يقوم المسلم بالتكبير ابتداءً من أول يوم من ذي الحجة وحتى نهاية أيام التشريق وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وقد سُمّي هذا النوع مُطلق لأنه لا يتم قيْده بوقتٍ محدد ولا بحالةٍ معينة وإنما في جميع أوقات هذه الأيام.
- التكبير الـمُقيد: والمقصود به أن يقوم المسلم بالتكبير ابتداءً من بعد صلاة فجر يوم عرفة وحتى صلاة عصر يوم الثالث عشر من ذي الحجة أي آخر يوم في أيام التشريق، وقد سُمّي هذا النوع مُقيد لأن فيه يتم التكبير بعد كل صلاة تحديدًا.
شاهد أيضًا: فضل عشر ذي الحجة
حكم التهنئة بعشر ذي الحجة
قد أشار السلف من أهل العلم وأقرّوا بأن الأصل في العادات اللفظية والفعلية هو الإباحة إلّا ما تم النهي عنه في الشرع، كما أن هذه التهنئة فيها من النفع للمؤمنين كالدعاء بعضهم لبعض وزيادة التآخي فيما بينهم والشعور بالأُلفة والمودّة والسرور، وكان ذلك جواب هل يجوز التهنئة بعشر ذي الحجة
شاهد أيضًا: فضل صيام العشر من ذي الحجة بالتفصيل
صفة التكبير بالعشر من ذي الحجه
إن أمر “التكبير” فيه سَعة فيمكن للمسلم أن يقول بأي صيغةٍ يراها حسنة، ولم يَرِد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- صيغة معينة للتكبير وإنما ورد عن أصحابه –رضوان الله عليهم- ومن ذلك:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا – وقد وردت عن “سلمان الفارسي” رضي الله عنه.
الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر ولله الحمد – وقد وردت عن “ابن عباس” رضي الله عنهما.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد – وقد وردت عن “ابن مسعود” رضي الله عنه.
أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة
بعد ذكر فضل عشر ذي الحجة، سنتحدث عن أفضل الاعمال التي يُمكن للمسلم القيام بها في هذه الأيام الفضيلة وهي ما يأتي:[1]
- الحج: أداء فريضة الحج من أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم القيام بها في هذه الأيام الفضيلة، ويُدّ فرصة للمسلم لمراجعة أفعاله والتّوبة إلى الله تعالى للتخلّص من ذنوبه، ويرجع لله تعالى خالياً من الذّنوب دون رجعةٍ إليها. والحجّ خالص النيّة لله تعالى تقرّباً له وطمعاً في مرضاته لا جزاء له إلا الجنّة، كما ورد في الحديث الشّريف عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام حين قال: “العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا ، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ”.
- الصّيام: ورد فضل الصّيام في العديد من الأحاديث النبويّة الشّريفة، وخصّ الله تعالى الصّائمين بجزاء خاصّ بهم دون غيرهم، وهو كما ورد عن في الحديث القدسيّ: “يقولُ اللهُ تبارك وتعالى : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومَ ، فإنه لي وأنا أجزي به”، وإذا عجز المسلم عن صيام الأيام العشرة كاملة فله أن يصوم ثلاثة أيام منها باختياره، وإلا فليصم يوم عرفة لفضل هذا اليوم وأهميّته، قال عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشّريف عن صيام يوم عرفة: “ما من يومٍ أَكْثرَ من أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ عبدًا منَ النَّارِ، من يومِ عرفةَ، وإنَّهُ ليدنو عزَّ وجلَّ، ثمَّ يباهي بِهِمُ الملائِكَةَ، فيقولُ: ما أرادَ هؤلاءِ”.
- قراءة القرآن الكريم: حيث إنّ فضل القرآن الكريم لا يقف فقط على يوم عرفة، بل له فضل عظيم في جميع الأوقات، إلا أنّ الأجر المُضاعف في هذه الأيام هو سبب في قراءة المزيد من القرآن الكريم طمعاً بالثّواب، يقول الرّسول عليه السّلام في الحديث الشّريف عن فضل قراءة القرآن: “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، والحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ”.
- الأضحية: وهي من السنّة الثّابتة التي تلي يوم عرفة، وتمتدّ فترتها أربعة أيّام، وهي أيّام عيد الأضحى المُبارك، حكمها سنّة مؤكّدة، إذ سنّها الله تعالى عن إبراهيم عليه السّلام في حادثة المنام المعروفة التي رأى فيها نفسه يذبح ابنه إسماعيل، ففداه الله بعجل سمين. وورد في الحديث الشّريف عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في فضل الأضحية: “كانَ إذا أرادَ أن يضحِّيَ، اشتَرى كبشينِ عظيمينِ، سَمينينِ، أقرَنَيْنِ، أملَحينِ موجوءَينِ، فذبحَ أحدَهُما عن أمَّتِهِ، لمن شَهِدَ للَّهِ، بالتَّوحيدِ، وشَهِدَ لَهُ بالبلاغِ، وذبحَ الآخرَ عن محمَّدٍ، وعن آلِ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ”.
شاهد أيضًا: تهنئة العشر من ذي الحجة
عبارات تهنئة بعشر ذي الحجة
فيما يأتي عبارات تهنئة بعشر ذي الحجة:
- اللهمّ بلّغنا هذه الأيام وفرحة الصّلاة والصّيام والحجّ فيها أسأل الله أن يبلّغك إيّاها وأنت بأحسن الأحوال، كل عامٍ وأنت بخير.
- كلّ عام وكلّ الأمّة الإسلامية بصحّةٍ وهناءٍ وسعادة، اللهم اجعلنا في العشر الأوائل من العتقاء من النّار.
- نسأل الله الذي لن تطيب الدّنيا إلّا بذكره ولن تطيب الآخرة إلا بعفوه، ولن تطيب الجنّة إلا برؤيته، أن يديم ثباتكم ويقوي إيمانكم وصحّتكم، ويرفع قدركم ويشرح صدركم، ويسهل أمركم، ويجعلكم في العشر الأوائل من ذي الحجة من أهل الجنة ومن عتقائه من النار.
- طهر الله قلبك وأزاح همّك وغفر ذنبك وكثّر من أحبابك وبارك في عملك، وفرّج كربك وأصلح لك دنياك ودينك، وسدد رأيك وبارك الله في يومك وغدك.
- كلّ عامٍ وأنت بخير، أيّامٌ عشرٌ مباركةٌ عليكم، أسأل الله العظيم أن يتقبّل منكم طاعاتكم وصلاتكم وصيامكم، وأن يجعل هذه الأيّام في ميزان حسناتكم.
- أتمنى من الله أن تخرجوا من الأيّام العشر مغفورٌ لكم، وتملكوا حياةً أفضل ورضاً من الله ورحمةً ورضواناً.
- كلّ عامٍ وأنتم بخير علينا وعليكم جميعاً، أتمنى لك ولأسرتك أيّاماً عشراً مباركة وسعيدة، وأن تبدأ بها حياةً جديدة وصفحةً بيضاء من حياتك.
- اقتربت الأيّام المباركات، عشر أيّامٍ في كلّ يوم تتنزّل بركة من الله، أسأل الله أن تنالكم هذه البركات، مباركٌ عليكم قدوم العشر المباركة.
- أجمل التّهاني بقدوم أفضل الأيّام والأوقات، كل عامٍ وأنت بخير، أسأل الله أن يجب دعاءكم ويتقبّل صالح أعمالكم.
وختامًا؛ لموضوعنا هل يجوز التهنئة بعشر ذي الحجة يجب طرق جميع أبواب الخير في هذه الأيام من الصوم وقراءة القرآن والتصدق والعفو والتسامح وخفض الجناح لأهله وإخوانه من المؤمنين؛ إذ بذلك تدوم السعادة الدنيوية والأُخروية إن شاء الله، فما أمتع التنعم بنعم الله تعالى على العبد في إطارٍ شرعي ومنهجٍ رباني.